تشدد معظم النصائح المالية، على ضرورة أن يحافظ الأفراد على انضباطهم المالي خلال مسيرة حياتهم، وذلك عبر وضع خطة، تساعدهم في الابتعاد عن الكثير من الأمور التي تستنزف أموالهم، وتمنعهم من تحقيق أهدافهم المستقبلية.
ورغم أن التخطيط المالي يمهّد الطريق للوصول إلى حياة ماليّة ناجحة، إلا أن المبالغة في التفكير بكيفية تحقيق الأهداف المستقبلية، وعدم الاستمتاع بالحاضر، يدخل المرء وخاصة الموظفين، في متاهة يمكن أن تستنزف طاقتهم، وتؤثر بصورة سلبية على مستوى رضاهم عن حياتهم.
ولذلك ينصح الخبراء بضرورة أن يعمد الأفراد إلى الموازنة بين الادخار وبين "الإنفاق على الفرح" لمنع تسرب الملل إلى حياتهم، فالتخطيط المالي الجيد يجب أن يترافق مع تخصيص الأفراد مبالغ من المال لإنفاقها على الأمور التي تسعدهم.
أهمية الإنفاق على الفرح
يقول المستشار المصرفي، بهيج الخطيب، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الكثير من التخطيط المالي للمستقبل، والتركيز فقط على كيفية جني الأموال، وإهمال الاستمتاع بالحاضر، يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، فحرمان النفس من بعض الأشياء، قد يكون أمراً محبطاً، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعملون بشكل صارم لتحقيق أهدافهم، مشيراً الى أن ذلك يؤدي إلى انهيار تدريجي لعلاقة الموظف بعمله، إضافة إلى شعور الفرد بعدم الرضا، عن مسار حياته، رغم إحرازه تقدماً في وضعه المالي.
أكثر إنتاجاً في العمل
وبحسب الخطيب فإن "الإنفاق على الفرح"، وعلى الأشياء التي تجلب البهجة بشكل مدروس وعند الحاجة، يلعب دوراً في إنعاش وتحفيز الفرد على الخروج من قيود الروتين، ما يساعده على المضي قدماً في مخططاته المرتبطة بالعمل، مشيراً إلى أن ثمة قاعدة بسيطة، كثيراً ما يُستشهد بها، مفادها أن إنفاق المال على التجارب مثل رحلة سفر، أو شراء غرض مادي، أو حتى مشاهدة مباراة رياضية، يجعلنا نشعر بالسعادة، ويمنحنا طاقة إيجابية، تجعلنا أكثر إنتاجاً في العمل، وأكثر قدرة على تحمل ضغوطه، وهذا بالضبط ما يحتاجه الفرد خلال مسيرة تحقيق أهدافه المالية.
الموازنة بين الإدخار والإنفاق
وشدد الخطيب على دور التخطيط المالي، والادخار في مساعدة الأفراد، على إدارة حياتهم المالية، والتقليل من الضغوط المالية، التي يمكن أن يتعرضوا لها في المستقبل، مشيراً إلى أن الدعوة إلى إنفاق الأموال على الأشياء التي تجلب البهجة، لا تعني أنه يجب علينا التهور والقيام بخطوات غير محسوبة، بل أن ذلك يجب أن يكون مبنياً على دراسة، تناسب الوضع المالي الحالي للفرد، حيث يمكن للناس أن يحصلوا على الفرح من خلال تجارب بسيطة، لا تكلف الكثير من الأموال، مثل الذهاب الى المطعم المفضل، أو قضاء عطلة الأسبوع في أحد الفنادق، أو حتى حضور حفلات موسيقية بشكل دوري.
الإنفاق على السعادة في الوقت المناسب
ويرى الخطيب أن ما لا يدركه البعض، هو أن إنفاق الأموال على الأمور التي تجلب السعادة في الوقت المناسب، هو أمر مهم جداً، لافتاً إلى أن الكثير من الأشخاص، يقومون بتأجيل رحلة سفرهم السياحية لسنوات طويلة، وذلك حتى بلوغهم أهدافهم المالية، إلا أنهم يتناسون، أن هناك بعض الأشياء التي يكون من الأسهل القيام بها، عندما يكون الفرد أصغر سناً، فتخصيص مبلغ لإنفاقه على رحلة سياحية في الوقت المناسب، أفضل من القيام بها في مرحلة لاحقة، قد لا يكون فيها الفرد قادراً على الاستمتاع باللحظة كما يجب، ما يخلق لديه شعوراً بالندم.
استخراج المرح من المال
ويشرح المستشار المصرفي أنه لطالما كانت العلاقة بين إنفاق الأموال والسعادة، محل جدل واسع، ولكن ما هو ثابت، أن المال قد يكون أداة فعالة للحد من الحزن، خاصة في حال اكتشفنا كيف يمكن استخراج المرح من المال، وذلك من خلال نشاطات بسيطة وغير مكلفة كثيراً، مشدداً على أن السعي إلى جمع المزيد من المال طوال الوقت، دون تخصيص جزء بسيط منه للتسلية والمرح، يجعل المرء يشعر أنه مجرد آلة لإنتاج المال.
عدم إهمال الإدخار
وجدد الخطيب تأكيده في ختام حديثه إلى موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، على أن الدعوة للإنفاق على الأمور التي تجلب السعادة للإنسان، لا تعني إهمال الإدخار، الذي يقلل من الضغوط المالية، التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد، مشيراً إلى أن الإدخار يربط بين الحياة الجيدة الآن، والحياة الجيدة فيما بعد، فهو بمثابة نظام تأميني للأمور التي يمكن توقعها وكذلك، لأوقات الطوارئ والأزمات، التي تحدث بصورة مفاجئة غير متوقعة.