زادت الوظائف في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع في مايو لكن تقلص الارتفاع في الأجور قد يسمح للاحتياطي الفيدرالي الأميركي بعدم رفع أسعار الفائدة هذا الشهر للمرة الأولى منذ الشروع في حملته للتشديد النقدي قبل أكثر من عام.
وقالت وزارة العمل الجمعة في تقرير الوظائف الذي تتم مراقبته عن كثب إن الوظائف في القطاع غير الزراعي زادت بنحو 339 ألف وظيفة الشهر الماضي. وتم تعديل البيانات لشهر أبريل لتظهر زيادة الوظائف بنحو 294 ألف وظيفة وليس 253 ألفا كما جاء في تقرير سابق.
وكان اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا زيادة في الوظائف بنحو 190 ألفا.
النتائج القوية التي حققها سوق الوظائف الأميركية على نحو مدهش جاءت على الرغم من مساعي المنظمين من أجل تخفيف الطلب وكبح التضخم، فقد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة 10 مرات منذ أوائل العام الماضي.
وعلى الرغم من حركة التوظيف القوية، ارتفع معدل البطالة إلى 3.7 بالمئة، وهو أعلى معدل في 6 أشهر، وذلك صعودا من أدنى مستوى في 53 عاما بلغ 3.4 بالمئة في أبريل.
وتنحسر ضغوط الأجور أيضا مما يوفر بعض الراحة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الذين يجدون صعوبة في إعادة التضخم إلى هدف المركزي الأميركي البالغ 2 بالمئة. وزاد متوسط الأجر في الساعة 0.3 بالمئة بعد ارتفاعه 0.4 بالمئة في أبريل. وأدى ذلك إلى خفض الزيادة السنوية في الأجور إلى 4.3 بالمئة بعد ارتفاعها 4.4 بالمئة في أبريل نيسان. وبلغ متوسط نمو الأجور السنوي نحو 2.8 بالمئة قبل انتشار جائجة كورونا.
وجاء في التقرير أن سوق العمل ما زالت قوية وأظهر مزيدا من الأدلة على أن الاقتصاد بعيد عن ركود يخشاه الناس على الرغم من ظهور مزيد من نقاط الضعف.
التوقف عن رفع الفائدة مؤقتا
في حين أن التوقعات تشير إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة من شأنها أن تبطئ الاقتصاد مع ارتفاع تكاليف الاقتراض مما يجعل اقتراض الأموال لعمليات الشراء الكبرى أو توسيع الأعمال أكثر تكلفة، فإن الأرقام الأخيرة قد تمثل تحديا بالنسبة لصانعي السياسات الذين يفكرون في التوقف مؤقتا عن رفع أسعار الفائدة.
وقالت روبييلا فاروقي، كبيرة الاقتصاديين الأميركيين لدى مكتب High Frequency Economics الاستشاري في تقرير لوكالة فرانس برس: "تظهر البيانات أن نمو الوظائف مستمر بوتيرة سريعة، لكن ضغوط الأجور لا تتزايد".
وعلى الرغم من أن أرقام التوظيف كانت أعلى بكثير مما توقعه المحللون قالت فاروقي إن بيانات الأجور قد تمنح الاحتياطي الفيدرالي مجالا لتجميد سياسته.
وفي حديث مع بلومبرغ قال فاروقي، إنها لا تزال متمسكة بتوقعاتها بأن الاحتياطي الفيدرالي سيبقي سياسته ثابتة في الاجتماع القادم.
من المقرر أن يجتمع صانعو السياسات في الاحتياطي الفيدرالي في منتصف يونيو، وقد أشار بعض كبار مسؤولي البنك المركزي الأميركي هذا الأسبوع إلى أنهم قد يؤيدون عدم تبني زيادة أخرى خلال اجتماعهم المقبل.
والعامل الرئيسي في ذلك هو أن المسؤولين يتطلعون إلى الآثار المتأخرة لرفع أسعار الفائدة التي أقرت على مختلف قطاعات الاقتصاد بينما يقررون ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات.
ومن المجالات التي تثير القلق بشكل خاص أن الطلب القوي على العاملين واستمرار نمو الأجور يمكن أن يغذي التضخم. ولكن إذا لم ترتفع مكاسب الأجور، فقد يؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط على صانعي السياسات.
وعقب إعلان بيانات الوظائف رفع التجار رهاناتهم على أن المركزي الأميركي سيرفع الفائدة في يونيو وكذلك يوليو، على الرغم من أن المستثمرين ما زالوا يميلون نحو توقف مؤقت عن رفع معدلات الفائدة.
تقرير الوظائف الجديد الذي يعطي إشارات متباينة ربما يدعم حجة مجلس الاحتياطي الفيدرالي بضرورة انتظار مزيد من البيانات قبل أن يقرر المسار المقبل لتحركات الفائدة، وهو ما يدعم فكرة التوقف مؤقتا هذا الشهر عن رفع الفائدة، مع إمكانية العودة لزيادتها مجددا في الصيف.
قال مايك فراتانتوني، كبير الاقتصاديين لدى جمعية مصرفيي الرهن العقاري Mortgage Bankers Association، لوكالة فرانس برس: "أشار العديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى أنهم من المرجح أن يبقوا أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعهم المقبل في يونيو ولكن من غير المرجح أن يخفضوا هذه المعدلات في أي وقت قريب. ومن المرجح أن يدعم هذا التقرير المتفاوت النتائج إلى حد ما هذا النهج".
وفي نفس السياق، قال ستيفن ستانلي، كبير الاقتصاديين الأميركيين في بنك "سانتاندير" لوكالة بلومبرغ: "ما زلت أعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سيعلق عملية الزيادة في يونيو".
وأضاف: "سواء كانت الزيادة المقبلة في يوليو أو سبتمبر، أو في كلاهما، فإنها ستعتمد بشكل أساسي على بيانات التضخم، لكن القوة المستمرة في سوق العمل سيكون لها تأثير هامشي على الحاجة إلى مزيد من التضييق النفدي".