تسود أسواق أسهم بعض الشركات التكنولوجية حالة من التفاؤل الشديد، عززتها طفرة الطلب على روبوتات الدردشة، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وشرائح الرسوميات فائقة القوة، التي تشغل هذا النوع من الروبوتات.
وقد دفع الحماس المحيط بالجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي المستثمرين، للتوجه إلى أسهم معينة ما أدى إلى تسجيلها ارتفاعات كبيرة في الأشهر الستة الماضية. فقطاع التكنولوجيا حصل على جرعة دعم كبيرة في 2023، أعادت إليه اهتمام المستثمرين بعد أن سجل خسائر هائلة في 2022 فاقت الـ 7 تريليونات دولار.
قطاع التكنولوجيا الذي كان يبحث عن أمر مثير لتنشيط اهتمام المستثمرين، حصل على ما أراده تماماً بعد خروج الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي إلى العلن، والذي أظهر أن الحياة لن تكون كما نعرفها وستتغير بسرعة، وأن العالم الجديد يلوح في الأفق.
أول الأسهم المواكبة لتغيير حياة البشر
وبحسب الخبراء فإن هناك ثلاثة أسهم تكنولوجية ستقود العالم الجديد، وستواكب عملية انتقال حياة البشر من مرحلة إلى أخرى، لتكون الأكثر استفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي، وأول هذه الأسهم هو سهم شركة إنفيديا، إضافة إلى سهم شركة غوغل وأيضاً سهم شركة مايكروسوفت، مشيرين إلى أن هذه التوقعات ترتبط بالسنوات المقبلة وليس بما نعيشه حالياً.
سعر الأسهم الثلاثة
وصعد سهم إنفيديا بنسبة تفوق الـ 127 بالمئة منذ 6 أشهر وحتى الآن، ليبلغ عند كتابة هذا الخبر مستوى قريبا من الـ 384 دولاراً للسهم الواحد، في حين ارتفع سهم شركة غوغل بنسبة تفوق الـ 22 بالمئة إلى نحو 123 دولاراً، أما سهم شركة مايكروسوفت فقد ارتفع بنسبة 30 بالمئة.
طلب لا يصدَّق
ويمكن تبرير الارتفاع الذي يشهده سهم شركة إنفيديا، بالطلب الذي "لا يصدق" على شرائحها الرسومية الدقيقة، التي تتيح تشغيل الذكاء الاصطناعي التوليدي، في حين كانت شركتا غوغل ومايكروسوفت، من أولى الشركات التي قفزت في عربة الذكاء الاصطناعي، عبر إطلاق منتجات تواكب التطور الذي حصل.
الجيل الجديد من AI هو سبب الفورة
ويقول خبير الأسواق المالية والاستثمار محمد علي ياسين، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الفورة التي حصلت مؤخراً بالنسبة للذكاء الاصطناعي، تعود لظهور الجيل الجديد من هذه التكنولوجيا التي تشغل برامج مثل ChatGPT، مشيراً إلى أنه في ظل هذه الموجة الحاصلة، بات الناس يصدقون أنه يمكن للتكنولوجيا أن تفكر لوحدها، ولذلك بدأوا في البحث عن الشركات الأقوى في هذا الموضوع، والتي هي إنفيديا ومايكروسوفت وغوغل وهو ما انعكس ارتفاعا في أسهمها.
مغالاة في التوقعات
ويرى ياسين أن هناك مبالغة فيما يحصل، فرغم أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، هو تكنولوجيا مهمة اقتصادياً واستثمارياً، لكن هناك مغالاة في التوقعات، خاصة لناحية سهم إنفيديا، محذراً المستثمرين من عملية الانجراف وراء الارتفاعات التي تسجلها أسهم هذه الشركات، خاصة أن ما يحدث يأتي في فترة ليس فيها رخاء ونمو اقتصادي في أميركا، إضافة إلى أن جميع دول العالم تشهد موجة حمائية قوية، وبالتالي يجب الانتباه وعدم الانجرار إذا كان التقييم عاليا، حيث من الواضح أن هناك فقاعة بدأت ملامحها في الظهور.
لجوء الشركات إلى AI لدعم أسهمها
ورأى ياسين أن أي عملية مغالاة لرفع أسعار أسهم بعض شركات التكنولوجيا، لن يقابلها أداء مالي جيد سيبرر هذه الارتفاعات، لافتاً إلى وجود العديد من الشركات، التي تلجأ للإشارة إلى الذكاء الاصطناعي، في محاولة منها للاستفادة من الفورة الحاصلة ورفع أسعار أسهمها، في حين أننا قد نكتشف في مرحلة لاحقة أن لهذه التكنولوجيا بعض المساوئ، التي قد تتسبب في تراجع كبير لأسعار الأسهم المرتبطة بها، مشدداً على أنه ليس من الخطأ أبداً الاستثمار في قطاع التكنولوجيا، على ألا يكون هذا الأمر بأي ثمن.
المستثمر يبحث عن هذه شركات
وبحسب ياسين فإن المستثمر الذكي قد لا يستثمر في أسهم شركات مثل إنفيديا ومايكروسوفت وغوغل، بل إنه يبحث عن شركات لديها ابتكارات وقدرات قوية، في عالم الذكاء الاصطناعي، ولكن لم يتم اكتشافها ومعرفتها بعد، متوقعاً ألا تبقى شركات مثل IBM وأمازون وأوراكل بعيدة عن المشهد الحالي، فرغم تصدر غوغل وإنفيديا ومايكروسوفت، للموجة الأولى من المستفيدين من الجيل الجديد للذكاء الاصطناعي، إلا أن المشهد لن يبقى كذلك في الموجة الثانية، التي ستشهد انضمام شركات أخرى.
شركة غير معروفة قد تنضم إلى الثلاثي
من جهته يقول المستشار المصرفي بهيج الخطيب في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن المستثمرين حولوا تركيزهم الآن إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، مشيراً إلى أنه بات من شبه المؤكد، أن أسهم إنفيديا وغوغل ومايكروسوفت هي بالفعل من ستقود العالم الجديد، ولكن مع احتمالية انضمام شركة جديدة لهذه القائمة، حيث تبقى هوية هذه الشركة غير معروفة حتى الساعة.
ويكشف الخطيب ان مختبرات الشركات التكنولوجية تشهد اليوم سباقاً مع الزمن، إذ تسعى كل شركة لأن تكون الفائزة بالاختراع المنتظر، الذي كشف هويته مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس منذ أسابيع وهو "المساعد الذكي"، ففي حال تمكن أحد من التفوق على غوغل ومايكروسوفت في هذه العملية، سينضم إلى القائمة لتصبح مؤلفة من 4 أعضاء، إذ أن دخول أي طرف جديد للقائمة، لن يتسبب في خروج غوغل ومايكروسفت منها نظراً لامتلاك الشركتين عناصر قوة لا يمكن تخطيها، فالأولى تمتلك روبوت "بارد" والثانية تستثمر بقوة في "شات جي بي تي".
الشركة المطلوبة التي يحتاج إليها الجميع
ويضيف الخطيب أن وضع إنفيديا مختلف تماماً، فوجودها في قائمة الأسهم التي ستقود العالم الجديد، يعود إلى كون جميع الشركات بحاجة إليها، في عمليات تطوير أدوات وبرامج وروبوتات عاملة بالذكاء الاصطناعي، إذ أن إنفيديا تمتلك الشرائح والبرامج والتقنيات الإلكترونية المتفوقة، التي تخول كل شركة أو مصنع أو مؤسسة في العالم، الفوز في سباق التحول إلى الذكاء الاصطناعي بقدراته الجديدة، أي أنه لا يمكن لأي شركة أن تنجح، إلا باللجوء إلى أدوات إنفيديا، التي تتقدم بسنوات عن منافسيها، وهذا ما يبرر القفزة التي حققها الشركة.
من المبكر الحديث عن فقاعة
ويشرح الخطيب أن المخاوف من إمكانية حدوث فقاعة، هي مخاوف محقة، فالحذر واجب، مشيراً إلى أن التوقعات المتعلقة بأسهم إنفيديا وغوغل ومايكروسوفت، هي توقعات بعيدة المدى، حيث إن ما نشهده حالياً مجرد انتعاش للأسهم، خاصة فيما يتعلق بأسهم غوغل ومايكروسوفت، وبالتالي فإنه من المبكر جداً الحديث عن فقاعة، فقصة الأسهم الثلاثة تستند إلى ما هو قادم وليس إلى ما نعيشه حالياً، متوقعاً أن يشهد سعر سهم إنفيديا عملية تصحيح ليعود ويرتفع مجدداً في مرحلة لاحقة.