تعرَّضت العلاقات عبر الأطلسي إلى هزّات عنيفة طيلة فترة حكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب (20 يناير 2017 – 20 يناير 2021)، في ظل سياساته التي لم تكن مُنسجمة إلى حد بعيد مع السياسات الأوروبية، والمواقف ووجهات النظر المختلفة إزاء عدد من الملفات؛ وعلى رأسها العلاقات التجارية والدفاع والتكنولوجيا، وأكثر من ذلك بكثير.
بينما على النقيض من ذلك كانت العلاقات الأوروبية مع الرئيس الحالي جو بايدن، على قدر كبير من الانسجام والتوافق في ملفات حاسمة.
وقبل ما يزيد عن عام من الانتخابات الرئاسية الأميركية (التي تجرى يوم الثلاثاء الموافق 5 نوفمبر 2024)، يحبس الأوروبيون أنفاسهم انتظاراً لشكل التغيير الذي قد يطرأ على البيت الأبيض، والاحتمالات المثيرة والمرتبطة بعودة الرئيس السابق دونالد ترامب، وبما يُهدد بتعريض العلاقات عبر الأطلسي إلى اضطرابات واسعة جديدة على غرار ما كانت عليه إبان فترة ترامب الأولى، وبما يقوض عدداً من ملفات التعاون الراهنة، لا سيما فيما يتصل بالملف الأوكراني الذي حظى بانسجام واسع بين بايدن وأوروبا.
وتبعاً لذلك، وقبل أي تغيير مُحتمل في البيت الأبيض، يسارع القادة الأوروبيون الزمن من أجل اقتناص مزيدٍ من ملفات التعاون واستكمال عديد من الملفات والإجراءات السياسية خلال الفترة المتبقية من عهد بايدن، في ضوء زخم العلاقات الذي قد لا يكون مضموناً بعد ذلك في العام المقبل، ومع عدم المقدرة على تمرير تشريعات جديدة تصب في صالح أوروبا مع بدء الحملات الانتخابية اعتباراً من يناير المقبل.
موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" استطلع آراء عدد من السياسيين الغربيين والأميركيين، علاوة على محللين عرب بعواصم أوروبية، حول الملفات التي تنظر إليها أوروبا قبل الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة، والعوامل التي تجعل غالبية دول القارة غير متحمسة لعودة ترامب.
ثلاثة أسباب رئيسية
في البداية، يحدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، ستيفن لامي، في تصريح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، ثلاثة أسباب رئيسية يراها المحرك الرئيسي لتخوف كثير من الأوروبيين من عودة ترامب إلى البيت الأبيض عبر الانتخابات المقبلة، على النحو التالي:
- إنه أول انعزالي جديد في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
- كما أنه لا يدعم النظام الليبرالي الدولي والتحالفات والمؤسسات التي يدعمها كل رئيس - باستثناءه - منذ الحرب العالمية الثانية (في إشارة إلى انسحاب الولايات المتحدة من عدد من الاتفاقات والمؤسسات الدولية إبان فترة قيادته للإدارة الأميركية).
- كما أنه إنه لا يعرف شيئاً عن التاريخ وأهمية العمل الجماعي والتعددية.
بينما على النقيض يُظهر الأوروبيون ميلاً أكثر للرئيس بايدن. وطبقاً لما نقلته "سي إن بي سي" عن مسؤول بالاتحاد الأوروبي، لم يذكر اسمه، فإن "هناك تعاوناً وتنسيقاً وثيقان غير مسبوقين بين الاتحاد الأوروبي والإدارة الأميركية الحالية.. تلك العلاقات تنتقل من المستويات الرسمية إلى أعلى المستويات".
يدرك الاتحاد الأوروبي أن هذا التعاون ليس مطلقاً وقد يتغير هذا النهج عندما يكون هناك شخص مثل ترامب في البيت الأبيض مرة أخرى. وأضاف المسؤول أن "الاتحاد الأوروبي يحاول استخدام هذا الزخم لدفع عدد من الملفات، والمواضيع التي توجد فيها اهتمامات مشتركة".
الانعزالية الأميركية
مسألة "الانعزالية" التي وضعها أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، ستيفن لامي، في مقدمة الأسباب الرئيسية الثلاث، هي واحدة من المسببات الأساسية التي عادة ما يسوقها المحللون الغربيون لدى الحديث عن سياسات الرئيس السابق ترامب، وباعتبارها من أكثر الأمور إثارة لمخاوف الأوروبيين، مقارنة بسياسات بايدن التي تحظى بمزيد من التوافق.
في هذا السياق أيضاً، يوضح أستاذ الدراسات الدولية، مدير برنامج التميز الأكاديمي بالجامعة الأميركية، باتريك جاكسون، أن جهود ترامب الصريحة لتحريك الولايات المتحدة نحو موقف أكثر "انعزالية" أو أحادية الجانب (أميركا أولاً) قد أثارت قلق الكثير من الأوروبيين الذين أصبحوا يعتمدون على فكرة التحالف عبر الأطلسي باعتباره جزء أساسي من هوياتهم السياسية.
ويشدد في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، على أن "الخوف الحقيقي (في صفوف الأوروبيين) يتمثل حول أن عودة ترامب إلى الرئاسة ستسرع من إنهاء ذلك التحالف"، وهو ما يبرر المواقف الأوروبية لعودته إلى البيت الأبيض.
لكن على الجانب الآخر وفي خطٍ متوازٍ مع تلك المخاوف الأوروبية، فإن دول القارة العجوز تميل إلى الاعتماد على الذات بشكل أكثر وضوحاً خلال المرحلة المقبلة، وهو ما تجلى في عديد من التحركات الأوروبية أخيراً، فضلاً عن التصريحات الصادرة عن بعض القادة، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي دعا في وقت سابق خلال رحلة العودة من بكين، إلى خروج أوروبا من التبعية للمحاور (الولايات المتحدة والصين).
في السياق، نقلت "سي إن بي سي" عن دبلوماسي أوروبي، قوله إن الشراكة عبر الأطلسي تظل ضرورية للاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن "العلاقة قد تبدو مختلفة قليلاً في المستقبل على أي حال، حيث يبدو أن أوروبا أصبحت أقل اعتماداً على أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة".
وذكر أن "الاتحاد الأوروبي يطور طريقه نحو الاستقلال الاستراتيجي، وهذا لا يعني أننا ندير ظهورنا لحلفائنا، على العكس من ذلك فهذا يعني أننا يجب أن نكون أكثر قدرة على اتخاذ قراراتنا بأنفسنا(..) هذا سوف يستمر بغض النظر عن من يتولى منصبه في البيت الأبيض.
هناك إدراك في أوروبا بأن من سيكون الرئيس الأميركي القادم سيضع بطبيعة الحال في الاعتبار مصالح الولايات المتحدة على رأس الأولويات، والتي غالباً لا تتوافق مع ما تريده أوروبا.
والدليل على ذلك كان عندما قدمت إدارة بايدن، على الرغم من العلاقة الوثيقة، دعماً غير مسبوق يهدد الاقتصاد الأوروبي، وقد ترك قانون خفض التضخم الأميركي أوروبا في حيرة من أمرها، وتبحث عن تنازلات.
مواقف تغرد خارج السرب الأوروبي
لكن البروفيسور في العلاقات الدولية بكلية هاميلتون، آلان كفروني، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن ترامب يحظى بشعبية كبيرة بين الأحزاب الشعبوية اليمينية في أوروبا، وعلى الأخص بين حزب الجبهة الوطنية الفرنسي بقيادة مارين لوبان، وكذلك حزب فيدس (حزب رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان).. كما أيد ترامب بشدة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
يُشار في هذا السياق إلى بعض المواقف الأوروبية الخارجة عن سياق المخاوف التي تكنها الدول الأوروبية الكبرى بشأن عودة ترامب. من بين تلك المواقف ما أعلنه رئيس الوزراء الهنغاري القومي فيكتور أوربان (الذي عادة ما يخالف اتجاهات حلفاء بلاده في الاتحاد الأوروبي)، والذي قال خلال منتدى بلومبيرغ الاقتصادي في قطر: "أتمنى فوز ترامب في الانتخابات المقبلة بالولايات المتحدة الأميركية".
وعندما سئل عن حاكم ولاية فلوريدا المرشح المحتمل للانتخابات، رون ديسانتيس، قال: "إنه أيضاً قائد جيد جداً، لكنني أنتمي إلى نادي المحاربين القدامى.. والمحاربين القدامى يدعمون بعضهم البعض"، في إشارة لتفضيله لترامب الذي يتفق معه حول سياسة الهجرة والأمن و"القيم المحافظة".
يضيف كفروني: ومع ذلك، خلال فترة رئاسته تضمن برنامج ترامب "أميركا أولاً" العداء للاتحاد الأوروبي، والتهديدات بالانسحاب من الناتو، وفرض الرسوم الجمركية الكبيرة.. في الوقت نفسه يمثل ترامب جناح الحزب الجمهوري الذي يسعى إلى الحد من الدعم لأوكرانيا والتوصل إلى تسوية مع روسيا.
لهذه الأسباب -بحسب كفروني- ستكون الأحزاب الأوروبية الرئيسية – وحتى رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، التي سعت إلى دعم زيلينسكي وأوكرانيا- حذرة من ولاية ترامب الثانية.
ترامب.. بريء
من جانبه، يدافع رئيس مركز جيواستراتيجيك أناليسيز الأميركي للدراسات، بيتر هوسي، عن سياسات الرئيس ترامب، مشيراً إلى أن "وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية غير أمينة إلى حد كبير فيما يتعلق بعديد من القضايا، بما في ذلك الطاقة وتغير المناخ، وكذلك الإنفاق العسكري الأميركي، ومسألة إيران وملفات مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجرائم في الولايات المتحدة (..)".
ويلفت إلى أن الرئيس السابق ترامب نجح في جعل الولايات المتحدة شبه مستقلة في مجال الطاقة؛ فقد زاد الإنفاق الأميركي والناتو، وهزم تنظيم داعش وقضى على قائد الحرس الثوري الإيراني، وساعد في توقف الهجرة غير الشرعية إلى حد كبير، فضلاً عن انخفاض حاد في الجريمة، إضافة إلى أنه وضع الإصلاح التنظيمي موضع التنفيذ، مشيراً إلى أن:
- النخب الأوروبية تميل إلى معارضة كل سياسات ترامب، كما تفعل الجماعات السياسية اليسارية المتطرفة التقدمية في الولايات المتحدة.
- ومع ذلك، فإن الموقف الذي اتخذه ترامب ونجاحه أدى إلى عدم قبول خصومه له فيما يتعلق بهذه النتائج السياسية الشعبية للغاية.
- يتم التركيز على بعض تصريحات الرئيس السابق الأكثر تحريضية كما لو أن نجاحات السياسة لم تكن موجودة أصلاً.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن معارضي ترامب السياسيين قد اختلقوا بعض "الاتهامات"، مثل أنه كان عنصرياً إلى حد ما. ومثل ما يتعلق بالسعي لكشف الفساد في أوكرانيا كجريمة تستوجب العزل.
ويعتقد بأن "العالم في الواقع أصبح أكثر أماناً خلال فترة ولاية الرئيس ترامب، خاصةً مع اتفاقيات السلام العربية مع إسرائيل". كما يستشهد بموقفه إزاء إيران (..) وتأخير الجدول الزمني لإيران للحصول على سلاح نووي.
ويُذكِّر هوسي بأن: "النخب الأوروبية لم تحب الرئيس ريغان أيضاً (..)عارضوا سياساته السلمية (..) ولم يركزوا على شخصيته التي حظيت بقبول كبير من الجمهور الأميركي.. ولكن فيما يتعلق بالقضايا الأمنية، فقط بعد أن حقق مثل هذا النجاح مثل اتفاقية الأسلحة النووية متوسطة المدى، اعترفت النخب الأوروبية بأن ريغان كان زعيمًا قوياً للغاية (..) ولكن حتى مع نهاية الإمبراطورية السوفيتية في العام 1991، أعطت النخب هنا في الولايات المتحدة وأوروبا قدراً أكبر من الفضل لغورباتشوف أكثر من ريغان، على الرغم من أن ريغان كان ماكراً في جميع المجالات".
ملف أوكرانيا
ويُعد ملف "أوكرانيا" الذي تطرق إليه كفروني وهوسي ضمن تعليقاتهم، من أكثر الملفات التي تُقلق الأوروبيين بشأن تبعات أي تغيير محتمل في البيت الأبيض، في ضوء حالة الوفاق التامة التي وصلت إليها القارة العجوز مع الإدارة الأميركية بقيادة بايدن، الذي وصفت سياساته بكونه أكثر انسجاماً مع السياسات الأوروبية مقارنة بسلفه ترامب.
وهذا ما عبّرت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في تصريحات لها مارس الماضي، عندما قالت إن واشنطن والاتحاد الأوروبي اتخذتا موقفاً قوياً وموحداً فيما يخص الحرب في أوكرانيا، والتي وصفتها بـ "غير القانونية وغير المبررة"، مردفة: "لقد اعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بأنه قادر على أن يقسمنا.. لكننا مع ذلك أكثر اتحاداً من أي وقت مضى، ونقف معاً في دعمنا الثابت لأوكرانيا طالما استدعى الأمر ذلك".
وتبعاً لذلك، يعتقد الأوروبيون بأن تلك الحالة من الوئام الأميركي الأوروبي فيما يخص ملف أوكرانيا مُعرضة للخطر حال تغير الوضع في البيت الأبيض بمجيء رئيس جديد قد لا يكون على نفس الدرجة من التوافق مع أوروبا. وهو ما ألمح إليه كبير الاستراتيجيين العالميين في معهد ميلكن، كيفين كلودن، في تصريحات إعلامية الأسبوع الجاري، قال خلالها إن ثمة قلقاً أوروبياً من أن الولايات المتحدة ستسحب دعمها لأوكرانيا.
وكان ترامب قد ذكر في تصريحات سابقة له، أن الحرب في أوكرانيا "سوف تنتهي في غضون 24 ساعة إذا عاد للسلطة"، رافضاً في الوقت نفسه الإفصاح عمّا إذا كان يريد أن تفوز أوكرانيا أو روسيا الحرب.
أما المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، فقد أعلن عن اعتقاده بأنه "لا ينبغي للولايات المتحدة الأميركية أن تتورط أكثر في حرب أوكرانيا"، وبما يعزز القلق ذاته لدى أوروبا بشأن الموقف الأميركي من الحرب حال حدوث تغيير جذري في البيت الأبيض.
أوروبا "متورطة" مع بايدن!
وفي هذا السياق، يشير الكاتب الصحافي المتخصص في الشؤون الأوروبية من باريس، نزار الجليدي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن "الحكومات الأوروبية لا تريد ترامب؛ لأنها الآن متورطة مع الرئيس بايدن وتريد على الأقل طريق النجاة والخلاص معه بعد أن أنفقت الكثير من الأموال في الحرب في أوكرانيا".
ويفسر ذلك بقوله: "ترامب كان رجلاً برغماتياً، وفي فترته لم تكن هنالك حروب، وواجهت عديد من الحكومات الأوروبية عديداً من المشاكل في التواصل معه، لأنه رجل مادي بامتياز كما أنه ليس رجل حرب (..)".
ويتابع: "صحيح أن أوروبا دفعت لترامب في إطار استراتيجيته، لكنها دفعت الكثير من الأموال لبايدن وهم ينتظرون الآن نتائج الحرب في أوكرانيا.. لديهم رغبة في أن يظل بايدن على الأقل حتى يسترجعون الفاتورة التي دفعوها في حرب لم يكن لهم فيها ناقة ولا جمل".
سياسات وسمات شخصية "مرفوضة"
لكن عالمة السياسة البريطانية، روزماري فووت، ترصد سمات "سياسية" و"شخصية" لترامب تحظى بانتقاد واسع في أوروبا، وترصد في نقاط موجزة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" عدداً من الأسباب التي تجعل عودته إلى البيت الأبيض مرفوضة في أوروبا ومثار قلق، على النحو التالي:
- إنه أحادي (يتطابق ذلك ومسألة الانعزالية وشعار أميركا أولاً)
- ينسحب من المعاهدات.
- لديه فهم ضعيف لقضايا السياسة الخارجية.
- ثم على الناحية الشخصية: "إنه نرجسي ويحب المستبدين"، على حد وصفها.
- يخالف القانون ويروي الأكاذيب.
عوامل اقتصادية عززت الخلافات
ويضاف إلى تلك الأسباب عدد من العوامل الاقتصادية التي عززت الخلافات الأوروبية الأميركية في عهد ترامب، والتي بناءً عليها يرفض كثير من الأوروبين عودته للبيت الأبيض.
في هذا السياق، من بروكسل يقول خبير الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الأوروبيين لايزالون يتذكرون الإجراءات والتصريحات التي صدرت عن الرئيس الأميركي السابق عند توليه الحكم، من بينها تصريحاته بأن الاتحاد الأوروبي هو اتحاد عفى عليه الزمن وأنه لا حاجة لوجوده، فضلاً عن وصفه لدول أوروبية (خاصة فرنسا وألمانيا) بأنها تمثل أوروبا العجوز.
ويتابع: "هذه التصريحات أزعجت المسؤولين في الاتحاد الأوروبي.. هذا بالإضافة إلى حملته لحماية المنتجات الأميركية من خلال فرض جمارك على بعض المنتجات الأوروبية القادمة إلى الولايات المتحدة، ومن بينها الحديد والصلب وبعض المنتجات الأخرى (..) هذا الأمر جعل العلاقات التجارية والاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي صعبة".
ويُذكّر كذلك بطلب الرئيس ترامب من الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي لمضاعفة ميزانياتها العسكرية بالحلف من 2 بالمئة إلى 4 بالمئة من الناتج الإجمالي لتلك الدول، على اعتبار أن ذلك من الأمور التي تجعل المسؤولين الأوروبيين الآن لا يرغبون ولا يتمنون عودته للحكم.
وبخلاف ترامب، جاءت سياسات إدارة بايدن أكثر اتساقاً ووضوحاً فيما يتعلق بالعلاقة مع أوروبا، والموقف في عديد من الملفات ومن بينها جائحة كورونا وملف التغير المناخي، ووصولاً إلى الحرب في أوكرانيا وفي ظل الدعم السياسي والعسكري والمالي الذي قدّمته الولايات المتحدة جنباً إلى جنب والدعم الأوروبي لكييف.
وتبعاً لذلك، شكّلت فترة ترامب "مرحلة مزدهرة" للعلاقات بين التكتل الأوروبي وواشنطن، ويتطلع الأوروبيون -قبل نحو عام من الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة- استغلال ذلك الزخم من أجل إنجاز الكثير من الأمور في سياق تلك العلاقات، وقبل أي تغيير محتمل ربما يطرأ على الإدارة الأميركية.
القادة الأوربيون غير متحمسين لعودة ترامب
من بين القادة الأوروبيين الأكثر وضوحاً في الإشارة إلى كونه غير متحمس إلى عودة ترامب للبيت الأبيض، كان المستشار الألماني أولاف شولتز، والذي أعلن قبيل أيام عن أنه يأمل في إعادة انتخاب بايدن، مضيفاً أنه يفضل الرئيس الحالي على ترامب، وذلك أثناء مخاطبته التلاميذ في مدرسة ابتدائية بالقرب من برلين، وفقًا لرويترز.
من برلين، يشرح الكاتب والمحلل السياسي، محمد الخفاجي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" خمسة أسباب تجعل عديداً من السياسيين الأوروبيين غير متحمسين لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، على النحو التالي:
1. سياساته المثيرة للجدل:
كانت السياسات التي اتبعها ترامب في فترة ولايته مثيرة للجدل، وكان يتخذ قرارات بشأن الشؤون الداخلية والخارجية بطريقة "غير تقليدية"، وقد تسببت بعض هذه القرارات في علاقات متوترة مع الحلفاء الأوروبيين؛ منها مثلا قراره بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس المناخية واتفاقية الشراكة الاقتصادية التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وتهديده بفرض رسوم جمركية على المنتجات الأوروبية. هذه السياسات أثارت مخاوف القادة الأوروبيين بشأن الاستقرار الاقتصادي والبيئي والأمني.
2. الانقسامات الداخلية في أوروبا:
في فترة إدارة ترامب كانت هناك تحديات داخلية في الاتحاد الأوروبي مثل الأزمة المالية في اليونان وتداعياتها على اليورو وأزمة الهجرة واللاجئين. ترامب من خلال آرائه القوية ومواقفه المثيرة للجدل ربما لم يكن الشريك المثالي للتعامل مع هذه التحديات المعقدة.
3. عدم الاستقرار السياسي:
كانت فترة ولاية ترامب مليئة بالجدل والتوتر السياسي، وقد أدت بعض قراراته إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة، وربما تأثرت بها العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين.
4. الانقسامات الاجتماعية:
استخدم ترامب لغة مثيرة للجدل تسببت في تصاعد الانقسامات الاجتماعية في الولايات المتحدة وربما في بعض الدول الأوروبية أيضاً، خصوصا خطاباته التي استخدمها اليمين المتطرف في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية لحشد التأييد الداخلي لهذه الأحزاب اليمينية.
5. عدم احترام الشراكات والاتفاقيات الدولية:
أثارت سياسة ترامب تجاه الشراكات والاتفاقيات الدولية جدلاً. فقد كان يتخذ قرارات أحياناً لا يراعي فيها مصالح الشركات الأوروبية، وهذا ما أثر أحيانا على بعض الجوانب الاقتصادية في القارة.
ويختتم خفاجي حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" بقوله: من الجدير بالذكر أن هذه الاتجاهات ليست قواعد عامة، وهناك اختلافات في وجهات النظر بين السياسيين الأوروبيين، على أساس أن بعض السياسيين قد يدعمون ترامب ويرون فيه فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وأوروبا وتوحيد الخطاب الغربي.