أعلنت دولة الإمارات انضمامها إلى مجموعة من الشركاء العالميين من الولايات المتحدة الأميركية واليابان وكوريا الجنوبية لتقديم ما يصل إلى 275 مليون دولار لتوليد الطاقة النووية في رومانيا.
قام بالإعلان عن هذه الخطوة الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال قمة مجموعة السبع التي انعقدت مؤخراً في اليابان، حيث يمثل هذا التعاون أول مبادرة رئيسية للطاقة النووية يتم دعمها ضمن الشراكة الإماراتية الأميركية الاستراتيجية للاستثمار في الطاقة النظيفة.
وسيخصَّص الدعم الذي التزمت دولة الإمارات والشركاء بتقديمه لبناء مفاعل معياري صغير من إنتاج شركة "نوسكيل" في رومانيا.
وتأتي المشاركة الإماراتية في هذا التعاون الاستراتيجي من خلال "مؤسسة الإمارات للطاقة النووية"، التي ستسهم في المشروع بخبرتها الكبيرة في بناء وتشغيل مفاعلات الماء الخفيف، ودعم الجوانب المتعلقة بالمشتريات والهندسة وإدارة المشروعات.
وبهذه المناسبة، قال الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28: "تركز دولة الإمارات خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف COP28 على مد جسور التعاون وتعزيز التنمية المستدامة وإبرام الشراكات الفاعلة وتوفير التمويل الميسّر والاستفادة من التقنيات النظيفة لتحقيق انتقال منطقي وعملي وتدريجي وعادل في قطاع الطاقة العالمي".
وأضاف: "لتحقيق أهداف اتفاق باريس، يجب خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 43 بالمئة بحلول عام 2030، والطريقة الوحيدة لذلك هي العمل معاً، وبناء الشراكات بين مختلف الدول، والتعاون مع القطاعين العام والخاص، والاستثمار في المبادرات القادرة على إحداث نقلة نوعية. وتعد الشراكة الإماراتية الأميركية الاستراتيجية للاستثمار في الطاقة النظيفة نموذجاً لمزيد من المبادرات التي نأمل أن يتم إطلاقها خلال مؤتمر الأطراف "COP28.
وقال الجابر: "يسعدنا التعاون مع شركائنا في هذا المشروع الذي يعد تقدماً مهماً ضمن الشراكة الإماراتية الأميركية الاستراتيجية للاستثمار في الطاقة النظيفة، حيث سيحل مشروع المفاعل المعياري الصغير محل محطة قائمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الفحم، وسيوفر طاقة موثوقة ونظيفة لتوليد كهرباء الحمل الأساسي، كما سيساعد على خفض الانبعاثات من القطاعات الصناعية التي يصعب الحد من انبعاثاتها، بما يدعم التنمية الاقتصادية المستدامة منخفضة الكربون".
وتم إطلاق الشراكة الإماراتية الأميركية الاستراتيجية للاستثمار في الطاقة النظيفة خلال مؤتمر COP27 الذي عقد في مصر في نوفمبر 2022.
وتهدف هذه الشراكة إلى تخصيص 100 مليار دولار للتمويل والاستثمار وغير ذلك من أشكال الدعم لإنتاج100 غيغاواط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2035.
وأطلقت دولة الإمارات والولايات المتحدة هذه الشراكة لتعزيز المشروعات والتقنيات الجديدة لتسريع تحقيق انتقال منطقي وعملي وتدريجي في قطاع الطاقة مع التركيز على خلق فرص للنمو الاقتصادي على مستوى العالم، وذلك استناداً إلى علاقات الشراكة والتعاون التي تمتد لخمسة عقود بين البلدين الصديقين في مجال الطاقة.
من جهته، أبدى آموس هوكستين، المنسق الرئاسي الأميركي الخاص للبنية التحتية العالمية وأمن الطاقة، سعادته بالإعلان عن استمرار الدعم لمشروع المفاعل المعياري الصغير الذي سيُنفذ في رومانيا، وقال: "إنه مثال على أهمية التعاون لتطوير البنية التحتية والاستثمار العالمي، والشراكة الاستراتيجية للاستثمار في الطاقة النظيفة بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات، ويسعدني أن تكون أولى ثمار هذه الشراكة تأكيداً على الالتزام المشترك بين الدولتين تجاه استخدام الجيل الجديد من تقنيات الطاقة النووية لتحقيق أهداف الحياد المناخي وأمن الطاقة".
من جانبه، قال محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: "إن خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة هو ركيزة أساسية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وقد وضعت دولة الإمارات هذا الهدف على سلم أولوياتها في مسارها الاستباقي للانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، عبر الاستثمارات الكبرى في مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية. وتحظى الإمارات اليوم بمكانة رائدة على مستوى العالم في مجال الطاقة النووية السلمية، وتطوير برامج نووية جديدة واسعة النطاق، حيث اكتسبَت خبرة كبيرة من خلال إنجاز محطات براكة للطاقة النووية، ما حظي بتقدير دولي تؤكده مشاركتنا اليوم مع الجهات الرئيسية في هذا القطاع بالولايات المتحدة واليابان وجمهورية كوريا، وذلك لدعم وتطوير استخدام الطاقة النووية السلمية المتقدمة.
وأضاف: "ستقدم مؤسسة الإمارات للطاقة النووية خبرتها في هذا الشأن من خلال مشاركة خبرائنا في تطوير التقنيات النووية المتقدمة في رومانيا، وهذه إحدى الخطوات العديدة التي تتخذها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية ضمن طموحاتها الأوسع نطاقاً لبرنامج الطاقة النووية السلمية الإماراتي، الخاصة بدعم برامج الطاقة النووية على الصعيدين المحلي والدولي، وتطوير مشروعات إنتاج الوقود الصديق للبيئة، وتعزيز الاستثمار الأخضر، وتوظيف الحوافز الخضراء التي توفرها الطاقة النووية من أجل دعم الاقتصاد الخالي من الانبعاثات".
وقال: "سوف تسخّر مؤسسة الإمارات للطاقة النووية معارفها المؤسسية الكبيرة وقدراتها التقنية لتقديم إسهامات عينية لدعم تبني تقنية شركة نوسكيل في رومانيا من خلال تبادل الخبرات والخبراء، حيث وقعت المؤسسة مؤخراً مذكرة تفاهم مع شركة الكهرباء النووية في رومانيا لاستكشاف الفرص المتاحة في التقنيات النووية المتقدمة والأنشطة ذات الصلة بالتطوير والتمويل، مما يؤكد التزام المؤسسة بدعم رومانيا من خلال برامج البنية التحتية الاستراتيجية اللازمة لتعزيز عملية الانتقال إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة".
وتمتلك دولة الإمارات سجلاً حافلاً بالإنجاز في مجال مصادر الطاقة الصديقة للبيئة، يشمل استثمارات كبرى في الطاقة الشمسية، وتطوير محطات براكة للطاقة النووية، التي تعد أكبر مصدر للكهرباء الصديقة للبيئة والشهادات الخضراء في دولة الإمارات والعالم العربي، حيث تنتج ثلاث من محطات براكة 30 تيراواط في الساعة من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية سنوياً، وبإجمالي 40 تيراواط في الساعة سنوياً عند تشغيل المحطة الرابعة على نحو تجاري. وتقوم دولة الإمارات بدور ريادي لضمان أمن الطاقة واستقرار إمدادات شبكة الكهرباء، إلى جانب تسريع خفض البصمة الكربونية لمشاريع توليد الكهرباء في الدولة.
وتركز دولة الإمارات خلال استضافتها لمؤتمر الأطراف COP28، على حشد الجهود العالمية لتحقيق انتقال منطقي وواقعي وعملي وعادل وتدريجي في قطاع الطاقة، وتسهيل الوصول إلى تقنيات الطاقة النظيفة، بهدف مواجهة تداعيات تغير المناخ.
ودَعَت رئاسة المؤتمر إلى عقد شراكات واسعة وشاملة مثل الشراكة الإماراتية الأميركية الاستراتيجية للاستثمار في الطاقة النظيفة، للمساعدة في تسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر أنه لتحقيق أهداف اتفاق باريس، يجب على العالم زيادة القدرة الإنتاجية من مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمار في مشاريع الهيدروجين وتقنيات الحد من انبعاثات القطاعات الصناعية.
وسيشهد مؤتمر الأطراف COP28 إجراء أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، وأوضح الدكتور سلطان أحمد الجابر أن دولة الإمارات ستدعو إلى اعتماد خطة عمل قوية للاستجابة لنتائج الحصيلة العالمية، واستعادة الزخم بشأن جميع ركائز اتفاق باريس التي تشمل "التخفيف"، و"التكيف"، و"التمويل المناخي"، و"الخسائر والأضرار".
يُذكر أنه منذ يناير 2023، يقوم الفريق القيادي لمؤتمر الأطراف COP28 بجولة عالمية للاستماع والتواصل مع المعنيين من المجتمع المدني وقادة الأعمال وغيرهم، وفي كلمة الدكتور سلطان أحمد الجابر أمام كبار التنفيذيين في قطاع الطاقة في هيوستن وقادة العمل المناخي في برلين، شدد على حاجة العالم إلى تعزيز جهوده عبر اتخاذ مزيد من الإجراءات، وبصورة أسرع.
وأكد على الضرورة الملحة لتوفير الموارد، وضمان الوصول إلى التمويل المناخي بشكل ميسّر، والاستثمار في كل من التقنيات الحالية والجديدة لتسريع مسارات الحياد المناخي.
وتضم محطات براكة أربعة مفاعلات نووية، وقد دخل ثلاثة منها الخدمة، فيما تستعد المحطة الرابعة والأخيرة لبدء مرحلة الاستعدادات التشغيلية قريباً، لتنتج المحطات الأربع ما يصل إلى 25 بالمئة من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء، وتسهم في منع إطلاق 22.4 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً.
وتعد المحطة أكبر مصدر للكهرباء النظيفة في الإمارات والمنطقة العربية بشكل عام، وتنتج كل عام كهرباء تعادل ما قيمته مليارات الدولارات من الغاز الطبيعي الذي كان سيستخدم في إنتاجها سنوياً، التي يمكن استثمارها في مجالات أكثر أهمية.
كما تنتج محطات براكة أكثر من 80 بالمئة من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية لبرنامج شهادات الطاقة النظيفة في أبوظبي سنوياً، وهو ما يمكّن شركات مثل "أدنوك"، وشركة الإمارات العالمية للألمنيوم وغيرها، من توفير منتجات صديقة للبيئة، الأمر الذي يبرز دور الطاقة النووية في خفض البصمة الكربونية للقطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها.
وتركز مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حالياً على تشغيل مفاعلاتها وفقاً لأعلى معايير التميز النووي، مع توظيف مكانتها وخبراتها وإنجازاتها في قطاع الطاقة النووية، بحيث يمكنها تحديد الفرص المتاحة للإسهام في المشروعات والاستثمارات المحلية والدولية في الطاقة النووية السلمية والقطاعات ذات الصلة، بالإضافة إلى إنتاج الهيدروجين والأمونيا، وكذلك معالجة الحرارة والبخار من أجل استخدامها في خفض البصمة الكربونية للصناعات الثقيلة (التي تمثل 10 بالمئة من الانبعاثات الكربونية العالمية).
يذكر أن دولة الإمارات تستضيف مؤتمر الأطراف COP28، في مدينة إكسبو دبي، في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023. ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر أكثر من 70,000 شخص، بمن فيهم رؤساء دول ومسؤولون حكوميون وعدد من قادة القطاعات الصناعية الدولية وممثلي القطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي والخبراء والشباب، والمجتمع المدني، والسكان الأصليين، والجهات الفاعلة غير الحكومية.