أحدثت منصات البث التلفزيوني مثل "نتفليكس" و"ديزني بلاس"، ثورة في عالم الإعلام الرقمي والترفيهي خلال الأعوام الأخيرة، حيث كان لجائحة كوفيد-19 دور كبير في نمو أعمال هذه المنصات، وذلك مع ملازمة الناس لمنازلهم بسبب القيود التي كان يتم فرضها للحد من انتشار الفيروس.
والآن ومع انتهاء وباء كورونا، بدأت هذه المنصات تعاني تراجعا وجمودا في أعداد مستخدميها، وذلك مع التشبع الذي تشهده السوق إثر ازدياد عدد مقدمي هذه الخدمات، إضافة إلى عدم قدرة المحتوى الذي تقدمه هذه المنصات على جذب مشتركين جدد، بنسب تكفل تحقيق نمو كبير.
وقد أظهرت نتائج أعمال خدمة "ديزني+" خلال الربع الأول من 2023، خسارتها لنحو 4 ملايين مشترك في ثلاثة أشهر، لينخفض عدد مشتركيها من 161.8 مليون إلى 157.8 مليون مشترك، في المقابل أضافت "نتفليكس" خلال الفترة عينها، نحو 1.75 مليون مستخدم، ليرتفع عدد مشتركيها إلى 232.5 مليون مشترك، ولكن يبقى هذا النمو في عدد مستخدمي "نتفليكس" غير كافٍ.
خطط لتقليص النفقات
وكانت المنصتان المذكورتان قد أعلنتا عن خطط لتقليص النفقات على المحتوى وإلغاء آلاف الوظائف، حيث ترافق ذلك مع رفع لأسعار بعض الخدمات، وهو ما يدل على أنهما تستبعدان عودة النمو الذي شهدته صناعة الإعلام خلال انتشار وباء كوفيد-.19
تحول لدى منصات البث
ولا يعد رفع الأسعار وخفض التكاليف استراتيجية نمو عظيمة بالنسبة للشركات، ما يعني أن منصات البث التلفزيوني ستحتاج للبحث عن قصة نمو جديدة، حيث يبدو أن ألعاب الفيديو ستكون عنوان الصراع المقبل بين منصات البث، التي ستنتقل من مرحلة حرب الأفلام إلى مرحلة حرب الألعاب.
حجم سوق ألعاب الفيديو 235 مليار دولار
ويقول استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K عاصم جلال، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن منصات مثل "نتفليكس" و"ديزني+" تبحث عن فئة جديدة من المستخدمين وتشعر أن هناك فرصاً مالية تضيع منها، تحديداً في صناعة ألعاب الفيديو التي وصل حجم الإيرادات فيها إلى أكثر من 235 مليار دولار أميركي في 2022، وبالتالي فإن مجرد حصولها على جزء بسيط جداً من هذه السوق، سيكون كفيلاً برفع حجم الإيرادات التي تحققها.
إيرادات متوقعة 321 مليار دولار في 2026
وبحسب جلال فإن جميع منصات البث الرقمي، تحاول تعويض الجمود المتوقع في سوق المحتوى المرئي عبر التوغل في مجالات جديدة، مشيراً إلى أن الشركات وعندما تخطط للتوسع، تسعى لتحديد أين يقضي المستخدم أوقاته، وما هو حجم الميزانية التي ينفقها، وتحاول أن تستحوذ على حصة من حجم هذا الإنفاق، ومن هنا يمكن فهم أن اتجاه منصات البث لعالم ألعاب الفيديو، يأتي بعد معرفتها أن هناك فئة من المستخدمين تقضي أوقاتها هناك، خصوصاً أن التوقعات تشير إلى أن حجم الإيرادات المنتظر أن تحققها صناعة ألعاب الفيديو، سيصل إلى نحو 321 مليار دولار في 2026.
ويؤكد جلال أنه من الذكاء لمنصات البث الرقمي، ألا تفكر بالطريقة التقليدية وأن تنظر إلى الوقت الترفيهي لكل مستخدم، وأن تحاول جذبه بخدماتها الجديدة، لافتاً إلى أن هذه الفلسفة سنراها في مجالات مختلفة.
المنصات تبحث عن عنصر نجاح إضافي
ويقول المحلل في شؤون التكنولوجيا ريان مرتضى، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن السنوات الماضية شهدت ضخ عشرات مليارات الدولارات من الاستثمارات، في صناعة المحتوى الترفيهي وخدمات البث الحي عبر منصات البث التلفزيوني، حيث أراد الجميع أن يكون جزءاً من هذا التحول، ولكن ومع وصول هذه السوق إلى أقصى ما يمكن أن تصل إليه من حيث أعداد المشتركين، باتت هذه المنصات ملزمة بالبحث عن عنصر نجاح إضافي، مشيراً إلى أن ألعاب الفيديو هي الخيار الأمثل لتلك المنصات، نظراً لعدة اعتبارات أبرزها سهولة الانتقال لتقديم الألعاب وعدد اللاعبين.
أكثر من مليار مستخدم للألعاب الإلكترونية
ويشرح مرتضى أنه عندما تقرر منصة مثل "ديزني+" تقديم ألعاب فيديو، فإن هذا الأمر سيكون سهلاً عليها، كونها أصلا تقدم محتوىً مرتبطاً بالفيديو وبأجهزة التلفاز، وكل ما عليها فعله هو عقد شراكات مع الشركات المنتجة للألعاب، أو حتى ابتكار ألعاب خاصة بها لتوفيرها عبر المنصة، لافتاً إلى أن صناعة ألعاب الفيديو لديها جمهور كبير جداً، حيث سيصل عدد اللاعبين في الصين فقط إلى 760 مليون شخص في عام 2023، في حين أن الرقم سيتخطى المليار شخص على مستوى العالم، وبالتالي توضح هذه الأرقام حجم الإيرادات المتوقع تحقيقها من هذه السوق.
رمز مخفي في "نتفليكس" لخدمة الألعاب
وبحسب مرتضى فإن "نتفليكس" قد بدأت بالفعل التحضير لتقديم خدمة ألعاب الفيديو عبر أجهزة التلفاز، وهذا ما كشفه أحد مطوري البرمجيات الذي تبين له وجود رمز مخفي داخل تطبيق "نتفليكس" يشير إلى خدمة ألعاب الفيديو، بالإضافة إلى رمز يتيح إمكانية استخدام الهواتف كوحدات للتحكم في ألعاب الفيديو عبر التلفزيون، لافتاً إلى أن خدمة ألعاب الفيديو، التي يتم التحدث عنها حالياً مختلفة عن خدمة الألعاب التي تقدمها "نتفليكس" منذ 2021 على الهواتف، والتي تتطلب تنزيل الألعاب من آب ستور وغوغل بلاي، حيث نتحدث حالياً عن ألعاب يمكن تنزيلها من تطبيق "نتفليكس".
ويؤكد مرتضى أن دخول منصات "نتفليكس" و"ديزني+" وغيرها إلى عالم ألعاب الفيديو، سيحدث نقلة نوعية في هذه الصناعة التي تحقق مليارات الدولارات كإيرادات سنوية، حيث ستحاول هذه المنصات حجز حصتها من هذه السوق التي ستشهد مستويات قياسية من النمو.