يعيش عبد الله الحمري أحد منتجي الصمغ العربي في إقليم كردفان غربي السودان، حالة من الصدمة بعد أن فشل في تسويق كميات من الصمغ العربي جمعها من غابته الخاصة خلال الـ 4 أشهر الماضية، وذلك نتيجة لاندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي تسبب في إغلاق البورصات عقب توقف عمليات التصدير.
كان الحمري يدخر صمغه طيلة الفترة التي أعقبت عملية حصاده أملاً في أن ترتفع أسعار في المتاجر المحلية حتى يتسن له تغطية تكاليف الإنتاج والتي اقترضها من التجار، ولكن اشتعلت نيران الحرب والتهمت آماله بعد أن تراجعت أسعار الصمغ العربي بشكل كبير وسط عزوف المشتريين، وبات في موقع حرج مع مطالبة دائنيه بحقوقهم المالية، وفق ما يروي لموقع "اسكاي نيوز عربية".
وبحسب متعاملون فيسوق النهود وهو ثاني أكبر بورصة للصمغ العربي في السودان، فإن سعر شراء الصمغ العربي انخفض بنسبة 100 بالمئة، حيث كان سعر القنطار (يساوي 41.6 كيلوغرام) قبل تفجر الصراع المسلح 30 ألف جنيه، نحو 50 دولاراً أميركياً، بينما يُطرح حالياً بـ15 الف جنيه، ولا أحد يرغب في الشراء خشية تطاول أمد الحرب والتعرض لخسائر مادية.
ذروة الصادرات
- اندلعت الاشتباكات العسكرية بالتزامن مع انتهاء عمليات حصادالصمغ العربي التي تبدأ في شهر نوفمبر وتنتهي في منتصف أبريل، لكن الصراع تفجر مع ذروة عمليات التسويق والتصدير التي تكون في شهر مايو والفترة اللاحقة، حيث يقوم المنتجين وصغار التجار في هذا التوقيت ببيع ما لديهم من صمغ بغرض الوفاء بالتزاماتهم المالية للمصارف التي اقترضوا منها والاستعداد للموسم الزراعي الصيفي وقضاء احتياجاتهم المعيشية.
- يشير الرئيس السابق لبورصة النهود واحد كبار تجار الصمغ العربي محمد آدم عجب إلى توقف عمل البورصة تماما مع تراجع كبير في أسعار البيع والشراء نسبة لارتباطها بالبورصات الكبرى في شمال كردفان والعاصمة والخرطوم، فضلاً عن أن المنتجين باتوا غير قادرين على الوصول الى الأسواق بسبب عصابات النهب التي انتشرت بكثافة عقب اندلاع الحرب.
- يقول عجب لموقع "سكاي نيوز عربية" "سوف يدفع منتجي الصمغ العربي والعاملين فيه فاتورة باهظة بسبب هذه الحرب فهم قطاع عريض يقدر بالملايين، بعضهم يعتمدون بصورة أساسية على الصمغ في معاشهم"، لافتاً إلى أن طرفي الصراع في الجيش والدعم السريع حتى الآن يتعاملون بمسؤولية تجاه المواطنين وممتلكاتهم ولكن منتجي الصمغ تضرروا من عصابات النهب".
- يضيف "لم يتمكن منتجي الصمغ العربي من الذهاب الى مزارعهم منذ بدء الصراع المسلح حيث كان يفترض ان يقوموا بالمرحلة النهائية من الحصاد وإزالة الصمغ المتبقي، فتركها خلال هذه المرحلة سوف يضر بأشجار الهشاب ويضعف انتاجها في الموسم القادم، هذا فضلا عن المبالغ المهدرة التي كان يمكن أن يجنوها من الحصاد الأخير".
مليونا متضرر
- يغطي حزام الصمغ العربي 13 ولاية في السودان ويتركز في أقاليم دارفور وكردفان والنيل الأزرق ومنطقة القضارف شرقي البلاد، ويمتد في مساحة 500 كلم، ويعيش في القطاع حوالي 5 ملايين سوداني، لكن عدد الذين يعتمدون على الصمغ في معاشهم يصل الى مليوني شخص، وفق تقديرات غير رسمية.
- تتراوح صادرات السودان من الصمغ العربي بين 90 – 100 ألف طن في العام، بمتوسط عائدات يبلغ 97 مليون دولار أميركي، وفق البيان الرسمية لوزارة التجارة الخارجية في البلاد، لكن عمليات التصدير الى الخارج والتي كانت تبلغ ذروة نشاطها في شهر مايو الجاري توقفت تماما بسبب الصراع المسلح الدائر في البلاد.
- يقول الباحث في مجال الصمغ العربي عز الدين أحمد دفع الله لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "منتجي الصمغ لم يكونوا في حاجة إلى محنة جديدة تطل عليهم، حيث كان يكفيهم ضعف أسعار المنتج مقارنة بالمعاناة الكبيرة التي تواجههم في عمليات الإنتاج التي تتم بطرق بدائية وتنضوي عليها مخاطر كبيرة".
- ضيف دفع الله "ربما لا تتأثر عمليات الحصاد التي انتهت، ولكن تضرر المنتجين الذين ما يزالوا يحتفظون بإنتاجهم من الصمغ العربي حيث كانوا ينتظرون ان ترتفع الأسعار قليلا، ولكن تفجر الصراع وتراجعت الأسعار وأغلقت الأسواق أبوابها وهو ما يؤدي الى فشل الموسم الحالي ويترتب على ذلك خسائر مالية باهظة على المنتجين والتجار على حد سواء".
- وتابع "كنا بصدد طرح دراسة لتطوير قطاع الصمغ العربي والارتقاء بالمنتجين، تقوم على سن تشريعات تحظر قطع أشجار الهشاب والطلح وزيادة مساحاتها الغابية وتأسيس شركات كبرى للمنتجين وتأسيس مصانع لمعالجة الصمغ العربي لمنع تصديره خاما للاستفادة من القيمة المضافة، ولكن الصراع المسلح قطع الطريق امام هذه المساعي".
مخاوف تتصاعد
- مع استمرار المواجهات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق متفرقة من أنحاء السودان، تزاد المخاوف لدى منتج الصمغ العربي عبد الله الحمري من كساد انتاجه الذي ما يزال يحتفظ به في منزله وكان يأمل ان ترتفع الأسعار قليلا لكن تسبب الصراع في خفض الأسعار".
- يقول لموقع "سكاي نيوز عربية" "نعتمد بشكل أساسي على انتاجي من الصمغ، فنقوم بتوفير احتياجاتي لعام كامل من خلال حصادي من الصمغ، ولكن ستفشل خطتي المعيشية هذه السنة بعد تراجع أسعاره بصورة كبيرة حيث وصل سعر القنطار 15 ألف جنيه سوداني بعد ان كنا نتعشم في وصوله 50 الف جنيه على الأقل لتغطية تكاليف الإنتاج وتامين حاجاتنا من الغذاء والعلاج".