"قتل حلم امتلاك منزل لجيل كامل"، هكذا اتّهم زعيم المعارضة البريطانية، كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، في جلسة بمجلس العموم البريطاني، بعد قرار الأخير بإلغاء خطّة الحكومة لبناء 300 ألف منزل سنويّاً وهو الأمر الذي واجه اعتراضات شديدة بخلق جيل من المستأجرين وليس المُلّاك.

مع تولّي سوناك مقاليد رئاسة الحكومة البريطانية، كان بناء الـ300 ألف وحدة سكنية إلزاميّاً، لكن رئيس الوزراء البريطاني جعلها استشارية، وبحسب صحيفة الغارديان فإنّ القرار سيُكلّف المستأجرين 200 جنيه إسترليني إضافية سنوياً بحلول عام 2030

  • في فبراير 2023، وفقاً للبيانات الرسمية الحكومية، فإنّ أسعار الإيجارات ارتفعت بنسبة 4.5 بالمئة في خلال 12 شهراً، مما أدى لتفاقم أزمة تكلفة المعيشة بالنسبة لأولئك الذين يقيمون في مساكن للإيجار.
  • تجاهل سوناك الرد على السؤال الذي وجّهه ستارمر عن المدة التي سيستغرقها المدخّر المتوسط لجمع 9 آلاف جنيه استرليني لإيداع الرهن العقاري
  • أظهرت الأرقام الجديدة الصادرة هذا الأسبوع أن متوسط الإيجار في المملكة المتحدة هو 1190 جنيهاً إسترلينيّاً و2500 جنيه إسترليني في لندن
  • أظهرت بيانات شهر مارس 2023 أكبر انخفاض في بناء المنازل
  • يعمل حزب العمال البريطاني المعارض على ميثاق المستأجرين الجديد الذي سيوفّر المنازل للإيجار والشراء
  •  حذر اتحاد بناة المنازل في وقتٍ سابق من أنّ إلغاء الهدف السنوي لبناء المنازل سيؤدي لخسارة الاقتصاد البريطاني أكثر من 17 مليار جنيه إسترليني

وارتفعت تكلفة قروض الرهن العقاري نتيجة سلسلة الزيادات غير المسبوقة على أسعار الفائدة التي أقرها بنك إنجلترا، ما أدى إلى انخفاض في عدد الموافقات عليها المملكة المتحدة، إلى أدنى مستوى خلال عامين ونصف العام، بعدما ألقت تكاليف الاقتراض المرتفعة بظلالها على سوق العقارات.

وفي حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يقول المؤرخ والمراسل البرلماني المقيم في بريطانيا، عادل درويش، وهو واحد من الذين تضرروا من أزمة الرهن العقاري، أنّ هناك 3 فئات تضررت من ارتفاع تكاليف الرهن العقاري في بريطانيا والتي دمّرت الأزمة الأخيرة جنباً إلى جنب مع سياسة الحكومة معظمهم:

  • الأولى: الأشخاص العاديون الذين يشترون العقارات
  • الثانية: المستثمر العقاري الكبير مع المطور
  • الثالثة (أسوأهم على الإطلاق): الأشخاص الذين لا يملكون معاشاً

ويضيف درويش، هناك أنواع للتضخم، وهي:

  • التضخم الناتج عن رفع أسعار العقار والسلع والبناء والديكورات والعمّال
  • التضخم الناتج عن سياسة الحكومة وسياسة الضرائب التي تفرضها

من المتوقع أن ترتفع مدفوعات الرهن العقاري بمقدار 26 مليار جنيه استرليني سنوياً بحلول نهاية 2024 في ظل انتهاء أسعار الفائدة الثابتة للأسر مما يجعلهم يضطرون لإبرام صفقات أكثر تكلفة.

وفقاً لتحليل أجرته مؤسسة "ريزوليوشن فاونديشين"، فإنَّ أكثر من 5 ملايين أسرة ستشهد زيادات في مدفوعات الرهن العقاري السنوية بمتوسط 5100 جنيه استرليني حتى نهاية عام 2024.

ويفسّر درويش حديثه بالقول: الأشخاص الطبيعيين هم أكثر المتضررين من التضخم في سوق العقارات؛ لأنّه أدى لعدم قدرتهم على سحب ودائعهم لعدم كفاية رأس المال، بالإضافة إلى العلاقة بين الراتب والقدرة على تحمُّل التكاليف المصرفية للرهن العقاري، وهو ما سبّب انخفاضاً في عدد الطلبات التي تمّت الموافقة عليها، وتوقّع "استمرار هذا الانخفاض؛ لضعف قدرة الأسر على الادخّار".

يوضّح المراسل البرلماني المقيم في بريطانيا أنَّ "الحكومة البريطانية تحاول المساعدة عبر ضمانات الرهن العقاري؛ حيث إن الأشخاص يمكنهم الحصول على 95 بالمئة من الرهن العقاري مع الضمان الحكومي (اقتراض نحو 95 بالمئة من سعر شراء العقار الذي يرغب في شرائه، بينما تكون نسبة 5 بالمئة المتبقية من الوديعة)، لكن العائق هو أنّ أي تطوير سكني جديد ليس مثل المباني المبنية منذ 200 عام، والتي يمكنها الصمود لأكثر من 500 عام مقبلة، لذلك فهي ليست ذات قيمة حقيقية كالمنازل القديمة".

ويستطرد قائلا:

  • أسعار الفائدة ليست الأزمة، الأزمة أنّه في حالة الاقتراض من البنك، فإنّ الفائدة تكون على رصيد القرض مقابل الدخل، فعلى سبيل المثال دخلك السنوي نحو 200 ألف جنيه استرليني، والفائدة على القرض نحو 90 ألف، يتم خصمها من الدخل السنوي
  • خلال حكومة المحافظين في 2015، وزير المالية آنذاك جورج أوسبن، تحالف مع الديمقراطيين، وألغوا تدريّجيًّا الفائدة على الرهن العقاري، ما خلق نوعين من المستثمرين مع الأزمة الأخيرة: النوع الأوّل الذي رفع الإيجار بشكل مبالغ به لتغطية تكاليفه
  • النوع الثاني خلق أزمة سكنية جديدة عن طريق بيع بالخسارة لمشترين من خارج بريطانيا، والذين يتركونها لحفظ قيمتها على المدى البعيد
  • تعامل الحكومة البريطانية لحماية العائلات المتأثرة من تكاليف الرهن العقاري، ليست كافية، باستثناء الخطوة التي يتم اتخاذها بمساعدة مشتري المنازل لأول مرة من خلال هذا النوع من نظام ضمان الرهن العقاري بنسبة 95 بالمئة
  • بنك إنجلترا يحاول القيام بأمرين في نفس الوقت: محاولة التحكم الفعلي في التضخم الناتج عن عوامل خارجية، ورفع أسعار الفائدة الذي يؤدي لتباطؤ الاقتصاد ويؤثر على كل الأسر البريطانية

على الجانب الآخر؛ تسارع معدّل التضخم السنوي في بريطانيا بشكل غير متوقع في فبراير 2023، رغم جهود بنك إنجلترا لترويض أزمة غلاء المعيشة المتزايدة، بحسب ما أظهرت بيانات رسمية، وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي إلى 10.4 بالمئة، من 10.1 بالمئة في يناير 2023.

ويعلّق خبير العقارات في بريطانيا، جوناثان رولاند، بقوله إنَّ التضخم العام أسهم في عدم قدرة البريطانيين على تحمُّل تكاليف المعيشة، ما يعني أنّهم يستطيعون تحمُّل تكاليف أقل على الإيجار أو الرهن العقاري، لذا فالتضخم العام يضر بالقطاع العقاري بشدّة، بينما تضخم العقارات نفسها من حيث الإيجارات والأسعار تتزايد بسرعة غير مسبوقة؛ إلا أنّها كانت تتباطئ في أسعار البيع.

في يناير 2023، كانت موافقات الرهن العقاري في المملكة هي الأدنى منذ يناير 2009، ومن المتوقع أن يخفض مقرضو الرهن العقاري المعروض من قروض المنازل في الربع الثاني من عام 2023.

يضيف رولاند في تصريحات خاصّة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • القرار الحكومي بإلغاء بناء 300 ألف وحدة سنويّاً أحدث صدمة في السوق العقاري
  • معدلات تملُّك العقارات لا زالت منخفضة
  • معدل الموافقة على طلبات الرهن العقاري منخفضة أيضًا، ومن المحتمل أن يأخذ المنحنى اتجاهاً تنازليّاً حتى نهاية العام الجاري

يواجه مشترو المنازل المحتملون في المملكة المتحدة مشاكل حاليًا في الرهن العقاري من حيث القدرة على تحمل التكاليف، وارتفاع أسعار السكن