السودان الذي وصف بإنه سلة الغذاء العربي وثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، كان ولا يزال غارقا في الأزمات الاقتصادية منذ ثلاثة عقود، لكن ما أسباب ذلك؟
الحكاية بدأت منذ العام 1988 عندما تعرض السودان لأول عقوبة أميركية بسبب تخلفه عن سداد ديون مترتبة عليه، تبعها العقوبات الأكثر إيلاما في صيف عام 1993 عندما تفاجأ السودانيون بقرار أميركي بوضع بلادهم على القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، بتهمة أن نظام الرئيس عمر البشير يوفر ملاذاً للتنظيمات الإرهابية بعد استضافة الخرطوم لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
تبعها سلسلة متتالية من العقوبات الأميركية التي تم بموجبها تجميد الأصول المالية للسودان، ومنع تصدير التكنولوجيا الأميركية لها، وأجبرت الشركات والمواطنين الأميركيين، بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع السودان بشكل نهائي.
وبقي السودان يرزح تحت وطأة العقوبات والحصار الاقتصادي لأكثر من 27 عاما، شهد خلالها سلسلة من الأحداث السياسية والحروب العسكرية التي انتهت بتقسم البلاد عام 2011 ليفقد السودان بذلك 75 في المئة من ثروته النفطية التي تعادل 95 في المئة من إيرادات الدولة، كما فقد عشرين بالمئة من مساحة أرضه الخصبة إلى جانب نحو 11 مليون رأس ماشية
الأزمات لم تنتهي عند ذلك، فبعد عام على تقسيم البلاد انكمش الاقتصاد بنسبة 17 في المئة، قبل أن يعود للنمو في الفترة ما بين عامي 2013 و2017 بنسبة تراوحت بين واحد في المئة و4.9 في المئة، أما في العام 2018 فعاد الانكماش من جديد يضرب بلاد النيلين مما تسبب في ديسمبر من نفس العام بموجة مظاهرات عنيفة انتهت بانهيار حكم عمر البشير الذي تم اعتقاله في أبريل من العام 2019.
السودانيون استبشروا خيرا بسقوط نظام البشير، حيث نجح السودان في الخروج من عزلته الدولية، وحصل على وعود بمساعدات وبإسقاط ديونه التي تتجاوز 189 في المئة من ناتجه المحلي، إلا أن الاضطرابات السياسية في أكتوبر من العام 2021 أعادت البلاد إلى المربع صفر ودفعت بالبنك الدولي نحو تعليق مساعدات بنحو 500 مليون دولار كانت مخصصة لدعم ميزانية السودان، كجزء من تعهد بمنح قدرها ملياري دولار، كما أوقف صندوق النقد الدلي تمويلًا بنحو 150 مليون دولار، بعد أن وافق في يونيو 2021 على برنامج قروض بقيمة 2.5 مليار دولار، وعلقت واشنطن مساعدات بقرابة 700 مليون دولار
ونتيجة لذلك فقد الجنيه توازنه وتعرض لانهيار غير مسبوق ليصل بذلك الدولار إلى 447 جنيها مقابل 48 جنيها في العام 2018، وارتفع التضخم إلى مستوى تاريخي عند 190بالمئة قبل أن يعود إلى 63 بالمئة الشهر الماضي، كما وصلت البطالة إلى حدود العشرين في المئة ووقع نصف سكان البلاد في دائرة الفقر، رغم أن السودان ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، وتبلغ صادراته من المعدن الأصفر نحو ملياري دولار سنويا.
ورغم أن السودان وصف بإنه سلة الغذاء العربي، غير أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أعلن في يونيو 2022 أن أكثر من ثلث سكان السودان يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي بسبب عوامل منها الأزمات الاقتصادية والسياسية والظروف المناخية والصراعات.
الأزمة الحالية قد تفتك بكل شيء
قال رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، السبت، إن "السودان يواجه خطر التفكك"، مشيرا إلى أن الوضع الإنساني كارثي، والمعاناة تفاقمت بسبب الاشتباكات الحاصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وذكر حمدوك، خلال مؤتمر صحفي:
- هذه حرب المنتصر فيها خاسر.
- هذه الحرب اللعينة ستقضي على الأخضر واليابس.
- أدعو المجتمع الدولي والإقليمي لمساعدة السودان في هذه المحنة.
- المعاناة كانت موجودة في السودان والآن تفاقم الوضع في هذه الحرب.
- الوضع الإنساني كارثي ولا خيار أمام الشعب السوداني إلا خيار السلام.
- أدعو إلى حوار يؤدي إلى اتفاق وإلى رفض أي تدخل أجنبي في الشأن السوداني.
- نطالب بوقف فوري لإطلاق النار والوصول لتفاهمات سريعة.
- يجب أن تتوقف الحرب اليوم قبل الغد لإتاحة الفرصة للشعب السوداني كي يعود لمسار الانتقال الذي بدأ قبل 3 سنوات.
- يجب العمل على إقرار هدنة تسمح للمواطنين بقضاء حاجاتهم.
اليوم.. ماذا يحدث في السودان؟
- اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في البلاد يوم السبت في العاصمة وأماكن أخرى في الدولة الإفريقية، مما أثار مخاوف من اندلاع صراع أوسع.
- قال الجيش السوداني إن القتال اندلع بعد أن حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتها في الجزء الجنوبي من العاصمة، متهمة الجماعة بمحاولة السيطرة على مواقع استراتيجية في الخرطوم، بما في ذلك القصر.
- من جهتها، اتهمت قوات الدعم السريع، في سلسلة من البيانات، الجيش بمهاجمة قواتها في إحدى قواعدها بجنوب الخرطوم. وزعمت أنها استولت على مطار المدينة و"سيطرت بالكامل" على القصر الجمهوري بالخرطوم، مقر رئاسة البلاد.
- كشفت نقابة أطباء السودان، اليوم السبت، أن الاشتباكات الدائرة خلفت مقتل 3 مدنيين على الأقل حتى الآن.
- جاءت الاشتباكات مع تصاعد التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع الأحزاب السياسية لإحياء التحول الديمقراطي في البلاد.