أسهمت زيادة ملحوظة في الطلب من الدول الإسلامية ذات الاستهلاك العالي للشاي خلال شهر رمضان في تعويض خسائر كبيرة تعرض لها منتجو الشاي في بلدان شرق أفريقيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث ارتفعت أسعار الشاي الكيني والأوغندي خلال الأسابيع الثلاثة الماضية إلى ما بين 2.22 و2.18 دولار بعد أن انخفضت في يناير إلى 2.02 دولار.
وشهدت بورصة ممبسا الكينية زيادة في الطلب من دول إسلامية وعربية قدرت بأكثر من 20 في المئة تزامنا مع حلول شهر رمضان الذي تستهلك فيه تلك الدول كميات أكبر من الشاي مقارنة بالأشهر الأخرى.
وتستقبل بورصة ممبسا يوميا عشرات الأطنان من الشاي من أوغندا ورواندا وتنزانيا ليتم تسعيرها وشحنها إلى جانب الإنتاج الكيني للأسواق العالمية.
ومنذ إنشاء بورصة ممبسا في العام 2014، بدأ منتجو الشاي في شرق أفريقيا بتشكيل ما يشبه "كارتيل" جديدا يتوقع أن يتزايد تأثيره بشكل أكبر على سوق الشاي العالمي.
وتخطط بلدان شرق أفريقيا لرفع إنتاجها من الشاي بحلول العام 2030 إلى أكثر من مليون طن لتستحوذ مجتمعة على 20 في المئة من الإنتاج العالمي البالغ نحو 5.5 مليون طن سنويا.
وتنتج هذه البلدان حاليا نحو 600 ألف طن سنويا من الشاي؛ تستحوذ كينيا وحدها على النصف تقريبا. كما تسعى إلى أحكام قبضتها على السوق العالمي من خلال زيادة الإنتاج وتوحيد صادراتها وسياساتها التسويقية.ويكافح المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة لحث الأجهزة الحكومية المعنية على تبني سياسات تسعيرية تجنبهم التذبذب المستمر في الأسعار، وسط اتهامات بتغول الوسطاء.
وفي وقت سابق حددت الحكومة الكينية 2.43 دولار للكيلوغرام؛ كسعر تشجيعي لكن سماسرة عالميون أفشلوا تلك السياسة، إذ لجأوا لنوع من المضاربات السالبة التي أدت إلى تراجعات متتالية في بورصة ممبسا.
عملاق الشاي
وتصدر كينيا وأوغندا نحو 70 في المئة من إنتاجهما، وذلك بسبب انخفاض حجم الاستهلاك المحلي مما يعتبر ميزة تنافسية مهمة بالنسبة لها على عكس المنتجين العالميين الكبار مثل الصين والهند اللتان تستهلكان معظم إنتاجهما المحلي.
وتستفيد بلدان شرق أفريقيا من قربها النسبي من أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعتبر واحدة من أفقر مناطق العالم إنتاجا للشاي وأكثرها استهلاكا له.
تحديات
لكن في الجانب الآخر، يواجه منتجو الشاي في المنطقة تحديات عديدة، فإضافة إلى تذبذب الأسعار تعتبر معضلة التحول المناخي واحدة من المهددات الكبرى لإنتاج الشاي؛ حيث تشهد معظم بلدان المنطقة المنتجة للشاي موجات جفاف كبيرة وتذبذب ملحوظ في معدلات هطول الأمطار مما يؤثر سلبا على إنتاج الشاي، إلى جانب ضعف البنيات التحتية المتمثلة في الطرق ومنشآت التخزين والتعبئة وغيرها من العناصر التسويقية المساندة.
ويؤكد فريد مهموزا، الخبير في الشأن الاقتصادي الأفريقي إن بإمكان بلدان شرق أفريقيا التأثير بشكل أكبر على أسواق الشاي إذا ما نجحت في الاستفادة من المقومات المتوفرة لديها، وعملت على تشجيع المزارعين المحليين من خلال وضع سياسات تسويقية محفزة.
ويقول مهموزا لموقع "سكاي نيوز عربية" إن حزام الشاي الأفريقي يعتبر من مناطق الإنتاج العالمية المهمة حيث ترتفع حجم صادراته بشكل ملحوظ مقارنة بالدول الآسيوية التي تتصدر الإنتاج لكنها تستهلك معظمه محليا.