ألقت أزمة انهيار بنك "سيليكون فالي" الأميركي، بتداعيات واسعة على العديد من القطاعات الاقتصادية خلال الأيام الماضية، في وقت تزداد فيه المخاوف من الاستثمار في شركات التكنولوجيا، التي أصبحت تواجه مخاطر جمّة.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه تقارير غربية، عن مواصلة الشركات الأميركية في كل صناعة، الاستثمار في التكنولوجيا، على الرغم من التوقعات بحدوث ركود في الفترة المقبلة.
ركود "منتظر"
- استطلاع حديث لمديري شركات تكنولوجيا في الولايات المتحدة، أجرته شركة البيانات الدولية العالمية (IDC) المتخصصة في تقديم خدمات استشارات وأبحاث تكنولوجيا المعلومات، كشف وجود توقعات بحدوث ركود.
- 82 بالمئة ممن تم استطلاع آرائهم توقعوا حدوث ركود هذا العام.
- 62 بالمئة منهم قالوا إن الإنفاق على التكنولوجيا في شركاتهم سيكون كما هو أو يزيد مقارنة بعام 2022.
عكس التيار.. "استثمارات لا بد أن تستمر"
- محللون وخبراء اقتصاديون، قالوا إنه من المهم مواصلة الاستثمار في شركات التكنولوجيا، خاصة الشركات الناشئة، لأنه لم يعد بالإمكان القيام بكل ما يحتاجه الشخص دون التكنولوجيا.
- هذا ما ذهب إليه كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة "جونسون كونترولز"، فيجاي سانكاران، بأنه "علينا أن نواصل الاستثمار".
- "التوقعات الاقتصادية غير مؤكدة، ورغم وجود خطط للطوارئ وتقليص بعض المبادرات أو إبطائها، لكن الاستثمار التجاري في التكنولوجيا لا يزال مرنا بشكل ملحوظ، ويبدو من المرجح أن يستمر هذا الاتجاه في عام 2023"، وفق سانكاران.
ماذا يفعل "صغار المستثمرين"؟
من جانبه، حلل كبير استراتيجيي الأسواق في شركة "أوربكس"، الخبير الاقتصادي، عاصم منصور، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" وضع سوق التكنولوجيا خلال الفترة المقبلة، ونصائحه لصغار المستثمرين في هذا القطاع، قائلا:
- من الطبيعي جدا أن تتراجع أسواق الأسهم بقوة، بعد حالة الفزع التي ضربت الأسواق إثر إفلاس بنك سيليكون فالي "SVB"، لكن أرى أن تلك التراجعات ستكون مؤقتة، لأن الأزمة الحالية لا تشبه على الإطلاق أزمة عام 2008.
- الأزمة الراهنة ناتجة عن خطة استثمارية خاطئة من البنك الذي كان حوالي 60 بالمئة من حجم استثماراته في السندات الأميركية، والتي انخفض سعرها بشكل كبير بسبب وتيرة رفع الفائدة القوية من قبل الفدرالي الأميركي.
إفلاس بنوك أميركية بثير المخاوف من انهيار النظام المصرفي
- البنك اضطر لبيع جزء من حيازته بخسارة، بسبب طلبات سحب المودعين المفاجئة، والتي كانت أغلبها مستندة إلى حالة القلق الناجمة عن مخاوف متعلقة بالملاءة المالية للبنك والسيولة المتوفرة.
- البنوك التي أعلنت إفلاسها، هي بنوك منكشفة بشكل كبير على القطاع التكنولوجي، الذي يعاني مؤخرا من ضغوط قوية ناجمة عن وتيرة رفع الفائدة بشكل سريع جدا، خاصة أن القطاع التكنولوجي كان لديه حالة من التفاؤل المفرط أعقاب جائحة كورونا، مما أدى لإقبال قوي على القروض والتوسع في المشاريع المستقبلية.
- مع ظهور تطورات جديدة، مثل التضخم المرتفع وضعف النمو الاقتصادي وتشديد السياسة النقدية، لم تظل الصورة المتفائلة تلك قائمة، وازدادت الضغوط على القطاع التكنولوجي وبالتالي تضررت البنوك التي كانت منكشفة عليه بشكل كبير.
نصائح للمستثمرين
- تعليقًا على كون الأزمات تصنع الثروات، فإن الأزمات تؤدي إلى تبخر أرصدة المستثمرين، ومن ثم هناك البعض الذي يستطيع تحقيق ثروات منها إذا كانت لديه رؤية مستقبلية صحيحة.
- في الوقت الحالي، لا يمكن القول إن الاستثمار في القطاع التكنولوجي خيار جيد، لأنه لا يسجل أداءً قويا في بيئة تتسم بمعدلات فائدة مرتفعة.
- الاستثمار الجيد حاليا هو في أسهم القيمة والأسهم الدفاعية وفي القطاعات التي يتفوق أداؤها خلال أوقات الركود، مثل القطاعات الاستهلاكية وقطاعات المرافق.
وبشأن طبيعة الأضرار التي تمس سوق التكنولوجيا، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن:
- الأضرار ستكون بشكل ما ذات نطاق ضيق، إذ سيتدخل الفدرالي الأميركي من خلال إطلاق آليات تمويل مباشرة، لضمان حصول المودعين على أموالهم والحد من حالة الفزع وتقليل المخاطر على القطاع المصرفي، وبالتالي عدم حدوث انهيارات قوية بالأسواق.