تُعقد قمة اليوم الاثنين بين لندن وبروكسل حول بروتوكول أيرلندا الشمالية ما يعطي أملا بتسوية الخلاف الذي تجرى مفاوضات بشأنه منذ سنوات والناجم عن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
بعد مفاوضات مكثفة في الأسابيع الأخيرة، يلتقي رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ظهرا قرب لندن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين لإجراء "مفاوضات أخيرة" على ما أوضحت رئاسة الحكومة البريطانية مساء الأحد.
ويلتقي سوناك بعد ذلك الوزراء الرئيسيين في حكومته من بينهم وزير شؤون أيرلندا الشمالية لإطلاعهم على المحادثات وإن كانت تسمح بالتوصل إلى اتفاق. ومن المقرر عقد مؤتمر صحافي يجمع بين سوناك وفون دير لايين عصر الاثنين قبل أن يتوجه رئيس الوزراء البريطاني إلى مجلس العموم لإطلاع النواب.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي وصلت إلى بريطانيا إنها تتطلع إلى بدء فصل جديد في العلاقات الدبلوماسية.
وكتبت على تويتر "أتطلع إلى طي صفحة وبدء فصل جديد مع شريكتنا وصديقتنا".
لماذا أيرلندا الشمالية؟
أيرلندا الشمالية هي إقليم يخضع للحكم البريطاني، كما أنها تمثل جزءا من المملكة المتحدة وتشترك في حدود طويلة مع أيرلندا، التي تتمتع بعضوية الاتحاد الأوروبي.
عندما خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ظهر العديد من الصعوبات في أثناء مفاوضات بريكست تمثلت إحداها في ما سيكون عليه الوضع التجاري على طول الحدود المفتوحة بين بريطانيا ودول الاتحاد.
ما هو بروتوكول أيرلندا الشمالية؟
وافق رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون على الإبقاء على أيرلندا الشمالية داخل السوق الموحدة الأوروبية للسلع في محاولة لتجنب تشديد الإجراءات على الحدود مع أيرلندا ومنع تدفق البضائع دون قيود إلى هذه السوق. وهذا يعني أن على أيرلندا الشمالية اتباع قوانين الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بحركة البضائع.
ولا تزال أيرلندا الشمالية تمثل جزءا من المنطقة الجمركية للمملكة المتحدة، مما يؤدي فعليا إلى إنشاء حدود جمركية بحرية بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية. وتقول الجماعات الموالية لبريطانيا في أيرلندا الشمالية إن هذا يؤدي إلى تآكل مكانة الإقليم داخل المملكة المتحدة.
ويقول الحزب الوحدوي الديمقراطي، أكبر حزب في أيرلندا الشمالية يؤيد للوحدة مع بريطانيا، إنه ينبغي ألا يتبع الإقليم قوانين الاتحاد الأوروبي دون أن يكون له رأي فيها.
وتقول لندن إن ما تولد عن البرتوكول من إجراءات بيروقراطية متمثلة في فحص بعض السلع وإنهاء أوراقها يهدد اتفاق السلام المبرم في عام 1998، الذي وضع حدا للعنف الطائفي في الإقليم الذي دام ثلاثة عقود.
وأظهر العديد من استطلاعات الرأي أن غالبية الناخبين في أيرلندا الشمالية، الذين عارضوا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يؤيدون فكرة البروتوكول، في الوقت الذي توقفت فيه المحادثات بين برلمان أيرلندا الشمالية وحكومة تقاسم السلطة منذ عام بسبب معارضة الحزب الوحدوي.
واستؤنفت المحادثات الفنية في أكتوبر للمرة الأولى منذ سبعة أشهر بعد فترة وجيزة من تعيين ريشي سوناك رئيسا لوزراء بريطانيا.
وكان سوناك قال الأربعاء "سأستمر في الكفاح" من أجل الحصول على تنازلات من الاتحاد الأوروبي.
وعبر صحيفة "صنداي تايمز" وجه الأحد نداء إلى حزبه المنقسم موضحا أن الاتفاق الذي يناقش راهنا لا يهدد البريكست بل يهدف إلى "التحقق من أن بريكست يطبق بشكل جيد في كل منطقة من مناطق المملكة المتحدة" مؤكدا "العمل بشأن بريكست غير مكتمل وأريد أن نقوم بذلك".
في حال تمكن سوناك من الاتفاق مع فون دير لايين الاثنين ، سيبقى عليه مواجهة زملائه. فعلى صعيد هذا الملف يواجه معارضة قوية من برلمانيين محافظين ولا سيما سلفه بوريس جونسون الذي رفض البروتوكول في 2022 بعدما وقعه قبل سنتين.
ما هي القضايا الرئيسية؟
الجمارك
في يناير كانون الثاني، اتفقت بريطانيا والاتحاد الأوروبي على طريقة لمشاركة أي بيانات تجارية مع أيرلندا الشمالية في وقتها، مما مهد الطريق لإمكان التوصل لاتفاق بخصوص الجمارك يشمل تخصيص ممرات خضراء للبضائع المتجهة إلى أيرلندا الشمالية وممرات حمراء لتلك المتجهة إلى أيرلندا.
محكمه العدل الأوربية
رفض مسؤولون التعليق على سبل تهدئة مخاوف الحزب الوحدوي الديمقراطي وبعض الأعضاء المؤيدين للبريكست في حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا فيما يتعلق بدور محكمة العدل الأوروبية، أو بالأحرى تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي على إقليم يخضع للحكم البريطاني.
ويقول الحزب الوحدوي الديمقراطي إن أي ترتيب جديد "يجب أن يعطي لشعب أيرلندا الشمالية الحق في إبداء رأيه في صياغة القوانين التي تحكمه".
ويحدد البروتوكول لوائح وتوجيهات الاتحاد الأوروبي التي يجب أن تظل أيرلندا الشمالية ملتزمة بها، وينص على إمكان إضافة قوانين جديدة خاصة بالاتحاد الأوروبي إلى تلك اللوائح التي تنطبق في أيرلندا الشمالية.
ويتمثل أحد الحلول الواردة في أن يتفق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على أن يكون هناك دور مختلف لمحكمة العدل الأوروبية.
وستدافع لندن عن مصالح أيرلندا الشمالية، بينما ستكون محكمة العدل الأوروبية هي الحكم النهائي لأي نزاع ينشأ عن تطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي في الإقليم.
وأثار هذا انتقادات من جانب حزب المحافظين الداعم لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي يقول إن هذا لن يحل المشكلة المتمثلة في ضرورة اتباع أيرلندا الشمالية لقوانين الاتحاد الأوروبي.
معارضة أم دعم؟
بذلت الحكومة البريطانية قصارى جهدها للحفاظ على سرية المفاوضات لكن هذا أثار تكهنات إزاء المدى الذي ذهب إليه الجانبان للتغلب على بعض القضايا.
وفي اجتماع مع سوناك في الشهر الجاري، رحب الحزب الوحدوي الديمقراطي مبدئيا بالتقدم المحرز في المحادثات لكنه كرر شروطه السبعة للموافقة على أي اتفاق. وقال بعض أعضاء الحزب إنهم لن يدعموا أي اتفاق لا يمنح أيرلندا الشمالية سلطة رفض قوانين الاتحاد الأوروبي.
وقال أعضاء حزب المحافظين الذين يشكلون جزءا مما يطلق عليه مجموعة الأبحاث الأوروبية إنهم سيدعمون الحزب الوحدوي الديمقراطي، مع إثارة المخاوف بشأن الاستمرار في تطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي في أيرلندا الشمالية وخطة الحكومة لإسقاط مشروع بروتوكول أيرلندا الشمالية.
وإذا أقر البرلمان مشروع البروتوكول، فسيمنح ذلك الحكومة البريطانية الحق في اتخاذ قرار أحادي الجانب بشأن جميع بنود البروتوكول فيما عدا التراجع عن الاتفاق.
وعبر بعض أعضاء مجموعة الأبحاث الأوروبية عن خوفهم من أن تكون مفاوضات سوناك بشأن البروتوكول الحالي غير جدية.
وخلال اجتماعاته المتعددة مع أعضاء مجموعة الأبحاث الأوروبية لتهدئة مخاوفهم، دأب سوناك على التأكيد على أنه يريد حماية وضع أيرلندا الشمالية في المملكة المتحدة وإيجاد حلول للمشاكل العملية.