رفعت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، حجم الحصة المطروحة للاكتتاب العام الأولي في شركة "أدنوك للغاز"، إلى 5 بالمئة، استجابة إلى الطلب الكبير من المستثمرين على الطرح.
يأتي ذلك في وقت يجمع فيه خبراء أسواق المال على أن شركة أدنوك للغاز ستشهد قفزة كبيرة في قيمتها، ولا سيما في ظل الحوافز الكبيرة التي تتمتع بها أسهم الطرح الأولي لشركة أدنوك للغاز.
وبمجرد فتح باب الاكتتاب، الخميس، اقتنص المستثمرون جميع الأسهم المطروحة في غضون ساعات قليلة، في إشارة إلى الإقبال الكبير على الطرح.
ويأتي طرح "أدنوك للغاز" كأكبر طرح عالمي أولي هذا العام، على نحو يجعلها تقترب من شركات مثل إيني الإيطالية وأوكسيدنتال بتروليوم الأميركية من حيث القيمة السوقية، بل وتناطحها في ظل تلك التوقعات بشأن القيمة المالية للشركة التي تأسست بداية هذا العام عبر دمج أعمال "أدنوك" لمعالجة الغاز والغاز الطبيعي المسال.
- بلغ إجمالي عائدات أدنوك للغاز المعدلة 91.3 مليار درهم (حوالي 24.9 مليار دولار أ) لفترة 12 شهراً حتى أكتوبر 2022
- حققت "أدنوك للغاز" أرباحاً معدلة قبل خصم الفائدة والضريبة والاستهلاك والإطفاء بلغت 32.0 مليار درهم (8.7 مليار دولار)، وصافي دخل بلغ 17.8 مليار درهم (4.8 مليار دولار) خلال نفس الفترة.
- بناء على الأداء المالي للشركة في 2022 تذهب التوقعات إلى توزيع أرباح لا تقل عن 11.94 مليار درهم أي نحو 3.25 مليار دولار أميركي بحلول نهاية ديسمبر 2023.
السوق كانت متعطشة لهذا الطرح
يقول المستشار والخبير الاقتصادي كمال أمين الوصال، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "اكتتاب أدنوك يأتي فى ظل تعطش السوق لاكتتابات جذابة تمثل منفذاً للاستثمار، فى ظل حالة عدم اليقين وشبح الركود الذى يسيطر على الاقتصاد العالمي ومحدودية فرص الاستثمار الآمن نسبياً".
وبشكل عام يلفت إلى أنه من المتوقع أن يكون أداء شركات الطاقة قوياً؛ نتيجة للصعوبات التي تواجه روسيا - وهي أحد المنتجين الرئيسيين فى العالم- فى تصريف إنتاجها، في ظل العقوبات الغربية نتيجة للحرب في أوكرانيا التي تبدو بلا نهاية قريبة.
ويُبرز الخبير والمستشار الاقتصادي مدى جاذبية الاستثمار فى أدنوك، بالإشارة إلى أن الأساسيات القوية للشركة، والتي عامل جذب رئيسي، حيث إن نسبة كبيرة من تعاقداتها طويلة الأجل، الأمر الذى يوفر قاعدة أساسية لأداء قوي ومستقر، وبما يتسق مع إعلان الشركة عن سياسة توزيع الأرباح، حيث يتوقع أن تتجاوز نسبة التوزيع 6 بالمئة.
- حددت الشركة نطاقاً سعرياً لأسهم الطرح بين 2.25 درهم إلى 2.43 درهم للسهم الواحد ما يجعل من القيمة السوقية للشركة تترواح بين 49.5 مليار دولار و51.5 مليار دولار تقريباً
- كما أن للمساهم البائع الحق في تعديل حجم الطرح في أي وقت قبل نهاية فترة الاكتتاب، بحسب القوانين المعمول بها في دولة الإمارات العربية المتحدة.
- ستتراوح قيمة الطرح من 2.4 مليار دولار أميركي إلى 2.5 مليار دولار أميركي أي ما بين 8.6 مليار درهم إماراتي إلى 9.3 مليار درهم إماراتي.
وقالت "أدنوك" إن "قرارها بزيادة حجم الطرح يستند إلى الطلب الكبير من المستثمرين في جميع الشرائح، وسوف يعكس التزام أدنوك بتوفير بيئة تداول داعمة لأسهم الشركة بعد قبول الإدراج".
حافز إيجابي
وإلى ذلك، يقول خبير أسواق المال، محمد علي ياسين، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن اكتتاب أدنوك للغاز كانت تنتظره السوق في العام 2023، مشيراً إلى الانعكاسات الإيجابية لرفع قيمة الأسهم المطروحة من 4 بالمئة إلى 5 بالمئة. كما يعتبر التقييم السعري إيجابياً خاصة مع نية الشركة التزامها بتوزيع أرباحا تصل إلى 6.5 بالمئة أو 7 بالمئة، وهي نسبة جيدة بالنسبة للمساهمين، كما أن لديها تعهد خلال السنوات المقبلة بأن ترفع النسبة 5 بالمئة سنوياً.
ويؤكد خبير أسواق المال، أن هذه الأمور تشكل حافزاً جيداً لسهم الشركة بعد إدراجه في السوق، وبما يجعله قادراً على المحافظة على مستوياته السعرية وأن يرتفع بشكل تدريجي مع ارتفاع التوزيعات؛ لأن المستثمرين ما يهمهم أن يكون العائد من الاستثمارات في الأسهم أعلى من العائد على إيداع أموالهم في البنوك أو الودائع البنكية.
ويضيف: "بالتالي عندما نتحدث عن 6.5 بالمئة إلى 7 بالمئة كريع فنحن نتحدث عن مستوى جيد من التوزيعات ومقبول من شركة أدنوك للثلاث سنوات المقبلة على الأقل وبنسبة ارتفاع 5 بالمئة كل سنة، وبالتالي ريع السهم جيد ويحافظ على مستوياته، وإذا حدث تخفيض للفائدة في المستقبل خلال العام المقبل مثلاً سيبقى الريع أكثر جاذبية، وبالتالي سيستمر سعر السهم في السوق الثانوية يتحرك إلى أعلى بما يواكب نتائج الشركة خلال تلك الفترة".
ويشير خبير أسوق المال إلى أن التوزيعات تبدأ من 3.25 مليار دولار سنوياً وترتفع إلى 3.95 مليار دولار تقريباً في العام 2027، وهذه معدلات إيجابية تعطي للمستثمر نظرة إيجابية بأن هذا استثمار طويل الأجل إذا حافظ عليه يستطيع أن يحقق عوائد مرتفعة تواكب الأسعار خلال تلك الفترة. كما يلفت إلى أن "أدنوك" تعتبر من أول الشركات التي قامت بتلك الخطوة، وبما يعطي ثقة بأن الشركة لديها قدرة على تحقيق أرباح جيدة خلال السنوات المقبلة.
توقعات سعر سهم الشركة
وعن تقييم الشركة وقيمتها المالية، توقع ياسين أن يتم تداول السهم عند مستوى أعلى ربما يصل من 15 إلى 20 بالمئة مقارنة بسعر الإدراج، خصوصاً بعد استقرار الفترة الأولى من الإدراج بسبب قوة أداء الشركة المالي والتوزيعات المرتفعة المتوقعة.
وفي سياق متصل، يلفت عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني بدبي، وضاح الطه، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أنه اعتماداً على تاريخ الشركة وطريقة الحوكمة والأرباح السابقة والأداء المالي، فإن كل هذه العوامل هي عوامل إيجابية جداً تخلق إقبالاً على الاكتتاب، وأيضاً يجعلها مثل كثير من الشركات العالمية الكبيرة.
ويؤكد الطه أن الطرح الأولي لشركة أدنوك يمثل إضافة قوية لـ سوق أبوظبي للأوراق المالية، مشيراً إلى أنه كان من المتوقع زيادة الأسهم المطروحة خاصة بعد الإقبال القوي على الاكتتاب في هذا الطرح الأولي لشركة أدنوك للغاز.
من جانبه، أكد الكاتب البريطاني المتخصص في قطاع الطاقة، باتريك هيرين، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن "زيادة حجم الطرح العام الأولي لأدنوك من 4 بالمئة إلى 5 بالمئة ستمكن الشركة من جمع المزيد من الاستثمارات"، لافتاً إلى الاهتمام والإقبال الواسعين على الاكتتاب.
ويوضّح أنه من السابق لأوانه اتضاح الأمور بشأن حجم تأثير الاكتتاب العام لأدنوك على أسواق الغاز عموماً في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن الأمر قد يرتبط باحتمال إبرام اتفاقيات جديدة لتوريد الغاز مع المستوردين الأوروبيين".
ويرجح الكاتب توقيع المزيد من الاتفاقيات من قبل شركة أدنوك للغاز الأمر الذي سيسهم في توسيع قدرة تصدير الغاز الطبيعي المسال في الإمارات.
وتبعا لذلك، رفعت الشركة الحصة المتاحة للمستثمرين الأفراد من الأسهم المطروحة من عشرة بالمئة إلى 12 بالمئة. كما رفعت أدنوك الحصة المخصصة للموظفين والمتقاعدين الإماراتيين بشركات مجموعة أدنوك المقيمين في الدولة إلى أربعة بالمئة من اثنين بالمئة. وتم حجز 84 بالمئة المتبقية من الأسهم في الطرح العام الأولي للمستثمرين من المؤسسات.
فرصة كبيرة
من المتوقع أن تصل قيمة شركة "أدنوك للغاز" إلى أكثر من 60 مليار دولار في حال النظر إلى عامل الأرباح التي تعتزم الشركة توزيعها عن عام 2023، بقيمة 3.25 مليار دولار، وذلك بالمقارنة مع متوسط عائد التوزيعات البالغ 5.3 بالمئة الذي تقدمه الشركات الخليجية المناظرة لها بما في ذلك "أدنوك للحفر"، و"بروج"، و"أدنوك للتوزيع"، و"ديوا"، و"سابك"، بحسب دراسة أجرتها وكالة رويترز.
وفي حال المقارنة مع شركة أرامكو التي توفر عائد توزيعات متوقع يصل إلى 4 بالمئة خلال العام الجاري فقد تصل القيمة السوقية لشركة "أدنوك للغاز" إلى 81 مليار دولار.
أما إذا تم تقييم الشركة بناء على الأرباح. فالشركات المناظرة لأدنوك للغاز تصل قيمتها حاليا إلى نحو 10 أضعاف أرباحها قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء في المتوسط، وفي حالة "أدنوك للغاز" فإنه من المتوقع أن تصل هذه الأرباح إلى نحو 9 مليارات دولار خلال العام الماضي مما يعني أن قيمة الشركة قد تصل إلى 90 مليار دولار.
وأشار تقرير وكالة رويترز إلى أن مكانة الإمارات كمركز إقليمي جاذب لرؤوس الأموال الأجنبية يمثل ميزة إضافية تدعم السيولة على أسهم شركة أدنوك للغاز وتعزيز قيمتها السوقية.