بعد سنوات من إحكام قبضتها على السوق بكل ما يتعلق بعمليات البحث التي تجري على شبكة الإنترنت، تفاجأت غوغل في نهاية عام 2022، بتطورات لم تكن بالحسبان، تمثلت بظهور منافس شرس يحمل اسم ChatGPT استطاع أن يسرق الأضواء منها بلمح البصر.

ففي الوقت الذي كانت تعتقد فيه غوغل أن السوق العالمية لن تخرج من تحت عباءة محرك بحثها العملاق، الذي حقق نجاحاً منقطع النظير خلال أكثر من 20 عاماً، أثبتت الأحداث أن هناك جهة كانت تعمل على تطوير برنامج ChatGPT، الأكثر ذكاءً وتطوراً وأن غوغل لم تكن مدركة جيداً للوضع الفعلي في السوق.

نوكيا وياهو اعتمدتا على رصيدهما

ما يحصل مع غوغل حالياً أعاد إلى الأذهان ما جرى مع شركات عالمية شهيرة مثل نوكيا وياهو، التي تزعمت السوق لفترة طويلة من الزمن، معتمدة على رصيدها بين أوساط المستخدمين ورفضها الاعتراف بوجود منافسين حقيقيين، وهو ما أدى في النهاية إلى تهاوي نفوذ الشركتين لصالح شركات جديدة.

أخبار ذات صلة

تحذير من "خطر بالغ" بسبب الذكاء الاصطناعي
روبوت مايكروسوفت يريد أن يصبح إنسانا.. ويكشف "أمنيات مرعبة"

غوغل جنّدت موظفيها

يقول رئيس لجنة الأمن السيبراني في اتحاد الإعلام الإلكتروني الكويتي محمد الرشيدي في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن غوغل حالياً في حالة طوارئ وسخّرت كل إمكانياتها وجنّدت معظم موظفيها، لاختبار منافسها ChatGPT بهدف تطوير نسخة أكثر ذكاءً وقوة منه، مشيراً إلى أن إدارة غوغل تعيش خوفاً كبيراً، وهي تعقد اجتماعات متلاحقة بهدف الانتهاء من اختبارات برنامجها للذكاء الاصطناعي.

وبحسب الرشيدي فإن الخوف من بدء فقدان غوغل لسيطرتها على السوق، وتكرار سيناريو ما حصل مع علامات تجارية شهيرة اختفت عن الساحة هو أمر مبرر، مشيراً إلى أن نوكيا وياهو تعاملتا بغرور مع الشركات المنافسة، ولم تكونا واعيتين لحجم الخطر الذي تواجهانه من شركات حديثة العهد فانتهى بهما الوضع إلى زوال.

غوغل تتفادى تكرار خطأ غيرها

وشدد الرشيدي على أن مستقبل غوغل يتوقف على ما ستقوم به، فالإهمال سيؤدي حتماً إلى تفوق ChatGPT وهذا تحديداً ما يبدو أن غوغل أدركته فسارعت للإعلان عن نسختها التجريبية لمنافس ChatGPT الذي يحمل اسماً مؤقتاً هو Bard، وهذا الأمر إن دل على شيء فهو أن غوغل لم تدَعْ غرورها يتحكم بها، ولم تكرر خطأ نوكيا وياهو، فدخلت حلبة الصراع على تقنيات الذكاء الاصطناعي رغم عدم جهوزيتها، مدركة أن ترك الساحة للمنافسين سيقضي عليها. 

ويرى الرشيدي أن غوغل تملك كمية بيانات ضخمة، تزيد عن بيانات ChatGPT بمئات الآلاف، مشيراً إلى أن برنامج Brad يعمل بنفس فكرة ChatGPT، ولكن الغلبة ستكون في النهاية وعند طرح النسخ النهائية من هذه البرامج، للذي يملك بيانات أكثر والذي يخطئ أقل، وبالتالي وإن كان تفوق غوغل من ناحية البيانات مضموناً، فإنه يتبقى عليها ضمان عدم ارتكاب برنامجها للأخطاء التي ستكون انعكاساتها مكلفة للغاية.

أخبار ذات صلة

هل يهدد "تشات جي بي تي" مستقبل كُتّاب السيناريو؟
"تشات جي بي تي" يتفوق على "إنستغرام" و "تيك توك".. لماذا؟

زمن حروب الذكاء الاصطناعي

من جانبه يقول أخصائي التطوير التكنولوجي فادي حيمور في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه في الأسواق الحديثة لا يهم كم أنت مسيطر أو مشهور، إذ يجب على الشركات البقاء في حالة تطور سريعة، لإبقاء مشروعاتها على قيد الحياة، خصوصاً في الوقت الراهن الذي تشتعل فيه حروب الذكاء الاصطناعي، وتتسابق شركات التكنولوجيا الكبيرة والصغيرة للتغلب على بعضها وإيصال منتجاتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى السوق.

وبحسب حيمور فإن التشاؤم بشأن مستقبل غوغل، هو أمر واقعي إلى حد بعيد، ولكن ما يمكن قوله هو أن غوغل نجت من مصير نوكيا وياهو، مرجعاً السبب الأهم بذلك إلى تخليها عن كبريائها واعترافها بشكل أو بآخر بأن هناك منافساً قوياً يجب رصده، مشيراً إلى أن مشكلة نوكيا وياهو تمثلت بعدم الاعتراف بوجود منافس والاعتماد على قوة العلامة التجارية لوحدها.

المستخدمون غير أوفياء

ويشرح حيمور أن الرضا هو أكبر عدو لأي شركة تكنولوجيا، فغوغل وصلت إلى الصدارة والهيمنة الكاملة على السوق، وغلبها شعور الرضا، فركزت على الاحتكار وأهملت الابتكار  متناسية أن المستخدمين ليسوا أوفياء، بل أنهم مستعدون لترك أي خدمة في حال وجدوا البديل الأفضل وهذا تحديداً ما حصل عند ظهور ChatGPT.