دخل الإضراب المفتوح الذي تنفذه المصارف في لبنان يومه الثالث، وسط أجواء توحي بعدم استئناف هذه المصارف لأنشطتها المعتادة خلال فترة قريبة، إلا إذا حصل أمر إيجابي مفاجئ.

وتأتي خطوة لجوء المصارف للإضراب المفتوح، اعتراضاً على موضوعين أساسيين، الأول إصدار قرار قضائي لصالح مودعين يجيز عدم الاعتراف بالشيك المصرفي بأنه وسيلة دفع قانونية، في حين يتعلق الموضوع الثاني بالاستدعاءات القضائية التي يتعرض لها عدد من الأفراد العاملين في القطاع المصرفي.

ورغم أن المصارف اللبنانية استمرت بتأمين الخدمات الأساسية لزبائنها عبر ماكينات الصراف الآلي، إلا أن استمرار الإضراب لفترة طويلة، ستكون له انعكاساته السلبية على الوضع العام ككل وعلى الاقتصاد خاصة.

ويعاني القطاع المصرفي اللبناني من أزمة سيولة بالعملات الصعبة منذ نهاية عام 2019، وقد أظهرت إحصاءات مصرف لبنان المركزي، أن حجم ودائع الزبائن في المصارف اللبنانية تراجع بنسبة 3.03 بالمئة خلال عام 2022 إلى نحو 197 ألف مليار ليرة لبنانية.

وتكمن المفارقة أن ما نسبته 76 بالمئة من مجمل الوادئع المذكورة هي ودائع دولارية، حيث تصل قيمتها الدفترية إلى 95.62 مليار دولار أميركي بحسب سعر الصرف الذي يعتمده مصرف لبنان، في حين أن معظم هذا المبلغ غير متوفر كسيولة نقدية.

أخبار ذات صلة

بنوك لبنان تبدأ إضرابا مفتوحا بسبب الأزمة المالية في البلاد
هلع في لبنان.. شعروا بالزلزال ونزلوا الشوارع تحت المطر

المفاوضات مستمرة

ويقول مسؤول رفيع في جمعية مصارف لبنان في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الإضراب مستمر حتى ظهور أمر إيجابي من ناحية تعامل القضاء مع المصارف، مشيراً إلى أن المفاوضات والاتصالات مستمرة مع الجهات المختصة للخروج بنقاط ايجابية وتوضيحات.

طلب رفع السرية عن 500 مصرفي

وبحسب المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، فإن الملاحقات القضائية التي يتعرض لها مسؤولو ومديرو وموظفو القطاع المصرفي غير مبررة، حيث تم طلب رفع السرية المصرفية عن نحو 500 شخص بينهم رؤساء مجالس إدارة ومدراء عامون ومدراء تنفيذيون يعملون في عدة مصارف، دون ان تكون هناك شبهة عليهم وهذا ما يدعو للاستغراب.

أخبار ذات صلة

المركزي السوري يخفض العملة إلى 6650 ليرة للدولار
الدولار يوسّع نفوذه.. هل بدأ لبنان بالتخلي طوعاً عن عملته؟
قرار من مصرف لبنان يُفقد الليرة 90 بالمئة من قيمتها رسميا
بوتيرة مخيفة..5 هزات صادمة للعملة اللبنانية مقابل الدولار

القضاء يرفض الشيك المصرفي

أما بالنسبة للقرار القضائي المبرم الذي صدر لصالح أحد المودعين والذي لا يعترف بالشيك المصرفي كوسيلة ابراء، وطالب بمنح المودع وديعته بشكل كامل ونقداً، فاستغرب المصدر في جمعية مصارف لبنان هذا القرار، لافتاً إلى أنه في حين تقبل المصارف تسديد الزبائن لديونهم بواسطة الشيكات، فإن القرار القضائي أتى بمثابة إلغاء لهذه الوسيلة، ما يخلق إشكالية كبيرة ويفتح الباب أمام مطالبة جميع المودعين بالحصول على أموالهم بالعملات الصعبة بشكل نقدي وهو ما لا يمكن تنفيذه.

العلاقة بين المصرف والمودع

من جهته، وصف رئيس اتحاد نقابات موظفي مصارف لبنان جورج الحاج، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، القرار الذي اتخذته جمعية مصارف لبنان بالمتأخر ولكن الذي لا بد منه، مشيراً إلى أن المصارف في لبنان دقت جرس الإنذار بهذه الخطوة، معلنة عدم قدرتها على الاستمرار بالعمل دون رؤية واضحة لمعالجة الأزمة من قبل الدولة، مشيراً إلى أن المصارف قالت من خلال الإضراب المفتوح، إنه يجب إيجاد قانون ينظم العلاقة بينها وبين المودعين، مع الأخذ في الاعتبار أزمة السيولة الكبيرة التي تعاني منها.

تجاهل المسؤولية منذ 2019

ورأى الحاج أن على الدولة اللبنانية تحمل مسؤولياتها، فهي تجاهلت ومنذ عام 2019 القيام بدورها واتخاذ أي اجراء يحفظ استمرارية القطاع المصرفي، وتأمين الودائع لعملاء المصارف، مشيراً إلى أن التراكمات بدأت منذ عام 2016، عندما بدأت المديونية بالارتفاع، إذ لم تحاول الدولة اللبنانية تنظيم شؤونها المالية، بل ابقت على إنفاقها الكبير مقابل إيرادات قليلة، وكان الحل الأسهل لها هو الاقتراض من القطاع المصرفي واستخدام أموال المودعين، حتى وصلت المصارف إلى نقطة لا يمكن لها الاستمرار ووقع المحظور الذي نراه حالياً.

لوضع خطة إصلاحية صحية

وقال الحاج إن القرار القضائي بعدم اعتبار الشيك وسيلة دفع وإلزام المصارف بدفع الودائع نقداً، يهدد البنوك بالإفلاس، حيث سيدفع هذا القرار جميع المودعين للمطالبة بالمعاملة بالمثل، داعياً الدولة إلى تحمل مسؤولياتها وإقرار خطة إصلاحية صحية، تعالج مكامن الخلل وتحدد كيفية تسديد ودائع الناس.