أثر تقرير وضع الوظائف الأميركية الذي جاء أقوى من المتوقع، على الأسواق في غضون الساعات الماضية، مما تسبب في انخفاض أسعار النفط بشكل ملحوظ إلى أدنى مستوياتها خلال 3 أسابيع، في خضم ترقب تأثير الحظر الوشيك من على منتجات التكرير الروسية من قبل الاتحاد الأوروبي والمقرر بدء تفعيله يوم الأحد.

وسجل خام برنت تراجعا بنسبة 7.8 بالمئة هذا الأسبوع، لتستقر العقود الآجلة عند 79.94 دولار للبرميل بعد أن ارتفعت إلى أعلى مستوى في الجلسة عند 84.20 دولار، فيما انخفض خام غرب تكساس الوسيط 7.9 في المئة.

وبحسب تقرير الوظائف الأميركية، أضاف أرباب العمل 517 ألف وظيفة في يناير متجاوزًا التقديرات بأكثر من الضعف، في حين انخفض معدل البطالة من 3.5 بالمئة إلى 3.4 بالمئة، وهو أدنى مستوى جديد منذ 54 عامًا، مما يُشير إلى تماسك سوق العمل على الرغم من أجرأ حملة تشديد نقدي يشنها الاحتياطي الفيدرالي.

وإضافة لذلك، فإن المخاوف من تضخم المخزون في الولايات المتحدة وضعف الطلب في الصين ألقت بظلالها على أجواء التداول لدرجتي النفط خلال الجلسات، وفق مراقبين وخبراء.

وقال كبير الاقتصاديين لدى شركة "إف إتش إن فايننشال"، كريس لو، في مذكرة بحثية إن "الأسواق ولا الاحتياطي الفيدرالي لم يتوقعوا مثل هذه البيانات القوية للوظائف، فمن جانب الاحتياطي الفيدرالي، فإن سوق العمل شديد الضيق هو السبب الأكثر إلحاحًا للإبقاء على رفع أسعار الفائدة".

وفي أول أيام فبراير، رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 25 نقطة أساس، لتصل إلى نطاق يتراوح بين 4.5 و4.75 بالمئة، وذلك في أول اجتماعاته خلال 2023، بما يتفق مع توقعات السوق.

أسباب مباشرة
يقول مستشار الطاقة الدولي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "سكاي نيوز عربية"، إن هناك العديد من الأسباب المباشرة التي تقف وراء تراجع أسعار النفط، ويمُكن تحديدها في:

* الطلب على النفط هو ركيزة رئيسية لأسعار الخام، ومستويات الطلب تعتمد على قوة الاقتصاد العالمي
* كان المتوقع قبل اجتماع الفيدرالي الأميركي وقراره برفع أسعار الفائدة أن يكون التباطؤ بالاقتصاد العالمي أقل، وبالتالي يكون الطلب على النفط أقوى، ولذلك رأينا انتعاشات بأسعار النفط وتزامن ذلك مع رفع قيود كورونا في الصين
* تصريحات رئيس الفيدرالي الأمريكي بأن هناك رفع جديد في أسعار الفائدة مستقبلًا أثر بلا شك، وبدأ السوق العالمي يتوقع ما يحدث في الفترة المقبلة؛ لأن ارتفاعًا آخرًا في أسعار الفائدة بمدى أطول يعني تباطؤ في الاقتصاد العالمي وبالتالي طلب أقل على النفط.

الحرب في أوكرانيا غيّرت خريطة تجارة النفط عالميا

* يوم الجمعة كانت هناك بعض المؤشرات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة، إذ جاء مؤشر الوظائف أعلى من المتوقع بـ 4 أضعاف، وهذا يدلل على أن الاقتصاد الأمريكي ما زال قويا والفيدرالي يتجه لرفع جديد لأسعار الفائدة لكبح جماح التضخم
* الحظر الأوروبي الذي سيبدأ نفاذه في الخامس من فبراير على المنتجات الروسية المنقولة بحرًا سيكون له تداعيات أيضا على الأسعار
* ارتفاع أسعار الدولار مع رفع أسعار الفائدة يؤثر انخفاضا في طريقة عكسية على أسعار السلع والمنتجات ومنها النفط
* لا يزال تنفيذ المرسوم الرئاسي الروسي بحظر بيع النفط للدول التي تقبل بالسقف السعري، ضعيفا، ولا تزال الإمدادات الروسية مستمرة، بعد أن كانت التوقعات أن يكون هناك نقص في إنتاج روسيا بنحو 1.5 إلى 3 ملايين برميل لكن الإنتاج الروسي ينخفض قرابة 700 ألف برميل وهي كمية استوعبتها الأسواق

الصراع العالمي
بدوره، يرى أستاذ هندسة البترول والطاقة رمضان أبو العلا، في حديث لموقع"سكاي نيوز عربية"، أن "الأسعار ستظل في حالة تذبذب طالما استمر الاحتقان بين روسيا من جهة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهة أخرى، إذ يتخذ كل طرف مجموعة من الإجراءات التي تدعم موقفه وبالتالي يؤثر ذلك على مستوى سعر النفط العالمي".

وأشار أبو العلا إلى أن قرارات الاتحاد الأوروبي سواءً في تحديد سقف سعري لمنتجات النفط الروسية أو الحظر الوشيك من على منتجات التكرير من موسكو، سيكون لها تداعيات أيضًا على أسعار النفط عالمياً خلال الفترة المقبلة، إذ يرغب التكتل الأوروبي في توفير احتياجاته بأقل الأسعار في المقام الأول.

وردا على سؤال حول موقف موسكو من الحظر المفروض على المنتجات النفطية الروسية من قبل الدول الأوروبية، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين: "سيؤدي ذلك بالطبع إلى مزيد من عدم التوازن في أسواق الطاقة العالمية".

كانت الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي، قالت إن دول الاتحاد وافقت على اقتراح المفوضية الأوروبية بشأن تحديد سقف لأسعار المنتجات النفطية الروسية، هو 100 دولار للبرميل للمنتجات النفطية التي تباع بعلاوة مثل الديزل و45 دولارا للبرميل للمنتجات التي تباع بخصم مثل زيت الوقود.

وردا على سؤال حول موقف موسكو من الحظر المفروض على المنتجات النفطية الروسية من قبل الدول الأوروبية، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين: "سيؤدي ذلك بالطبع إلى مزيد من عدم التوازن في أسواق الطاقة العالمية".