يعد قطاع الصناعات الغذائية من القطاعات المهمة في اقتصادات الدول، باعتباره من الصناعات الأساسية التي تسهم في تأمين الغذاء للإنسان.

ورغم أن كل دولة تسعى لتحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي، من المنتجات الغذائية عبر تعزيز الانتاج المحلي، إلا أن الكلمة الفصل في هذا القطاع، تعود للشركات العالمية الضخمة التي تسيطر على أكثر من 80 بالمئة من إنتاج المواد الغذائية حول العالم.

فوجود آلاف من الأصناف المختلفة من الحبوب ومنتجات الألبان والقهوة والمخبوزات والمشروبات والشوكولا في الأسواق، يعطي انطباعاً للناس أن هناك الآلاف من الشركات المتخصّصة في صناعة الأغذية، في حين أن الحقيقة هي أن هناك 10 شركات فقط تتحكم بنسبة كبيرة جداً من العلامات التجارية للأطعمة والمشروبات المتوفرة في أسواق العالم، ما يعني أن الكثير من أموالنا تذهب في نهاية المطاف إلى جيوب هذه الشركات العشر.

أخبار ذات صلة

الصين تحظر واردات أكثر من 2000 شركة أغذية تايوانية
"أغذية" تحقق إيرادات فصلية قياسية.. الأعلى بتاريخها
تحذير من خبراء بشأن وضع الأدوية في "المكان الخطأ"
7 أغذية "خادعة".. ليست كما تظنها

وبحسب شركة غلوبل داتا لتحليل البيانات، فإن القيمة السوقية لأكبر 10 شركات غذائية في العالم والتي تشمل شركات، Nestle و Mondelez و Kraft Heinzو General Millsو Hersheyو Danoneو Yili Groupو Kellogg و McCormick و Wilmar وصلت إلى أكثر من 687 مليار دولار في نهاية عام 2022.

وبانتظار الإعلان على نتائجها النهائية لعام 2022، فإن الشركات المذكورة، كانت قد حققت إيرادات بقيمة تفوق الـ 255 مليار دولار أميركي حتى الربع الثالث من 2022، بنسبة نمو فاقت 8.7 بالمئة.

وتكمن المفارقة في أن ست من أصل أكبر عشر شركات أغذية في العالم من حيث القيمة السوقية هي أميركية، في حين تتوزع الشركات الأربع المتبقية على فرنسا والصين و سويسرا وسنجافورة.

ولا تنحصر السيطرة الأميركية في عالم الصناعات الغذائية على المراتب العشر الأولى، بل هي تتوسع عند ذكر أكبر 20 شركة أغذية في العالم، لتشمل شركات مثل مارس وبيبسيكو وكوكاكولا وشركات أخرى، وهو ما يطرح علامات استفهام حول سبب تحكم عدد محدود من الشركات، وخاصة الأميركية بالصناعات الغذائية في العالم.

عمل جاد واستراتيجيات

ويقول خبير في استراتيجية الشركات والعلامات التجارية سليم الحاج في في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن النجاح الذي حققته الشركات المذكورة ليس وليد الصدفة، بل هو أمر احتاج في بعض الاحيان لعشرات السنوات من العمل الجاد والاستراتيجيات الصحيحة، ما أكسب هذه الشركات ثقة المستهلكين، مشيراً إلى أن هذا النجاح دفع بشركات مثل نستله ودانون وهاينز لاستثمار هذه الثقة وتوسيع مروحة منتجاتها، معتمدة على فهمها لحاجات وتوجهات السوق وهذا ما ساعدها أكثر على التقدم.

وبحسب الحاج فإن قدرة الشركات العشر على استمرار بسط نفوذها على سوق الصناعات الغذائية، ليس سببه الاحتكار، بل استراتيجية العمل المعتمدة والتي تجعلها قوية لدرجة تخولها قيادة السوق، وليس التحكم بها، لافتاً إلى أنه في العصر الحالي لا يمكن لأي شركة التحكم بسوق الصناعات الغذائية، نظراً لتواجد الكثير من البدائل، ومن هنا تأتي مصلحة الشركات المتفوقة، باستمرار إرضاء المستهلكين كونهم العنصر الأساسي في استمرار ريادتها للأسواق، فأي خروج من السوق يعني أن البديل سيكون جاهزاً لاستثمار الفراغ الحاصل.

حجم سوق أميركا ونكهة طعامها

ويشرح الحاج أن سبب قيادة الشركات الأميركية للسوق العالمية يعود لعاملين أساسيين، الأول هو الحجم الكبير للسوق الأميركية، والذي يتيح لأي شركة صغيرة ناجحة القدرة على التحول إلى شركة كبيرة جداً وتحقيق مبيعات قياسية، أما العامل الثاني فهو تقبل المستهلكين في مختلف دول العالم، لنكهة الطعام الأميركي، مشيراً إلى أن قسماً كبيراً من الشركات التي تتربع الآن على قائمة أكبر شركات الأغذية في العالم، بدأت في السوق الأميركي كشركات صغيرة جداً، حيث ساهم تهافت المستهلكين على منتجاتها، في جعلها شركات كبيرة تخترق أسواق العالم تباعاً.

من جهته يقول أخصائي صناعة وتسويق المواد الغذائية وليد جبارة، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن استراتيجية العمل الصحيحة، كانت ركيزة أساسية في تفوّق الشركات المذكورة، حيث عمدت إلى الدخول لسوق تلوى الاخرى، بمساعدة موزعين محليين يمتلكون الخبرة الممتازة في عملية التسويق، مشيراً إلى أن الكثير من الشركات الغذائية الأميركية، قامت بتوزيع معامل انتاجها في مناطق جغرافية متنوعة ولم تحصر وجودها فقط على الأراضي الأميركية.

فهم المستهلك

ولفت جبارة إلى أن امتلاك شركة واحدة لعشرات العلامات الغذائية، يندرج ضمن نجاح هذه الشركة في فهم ما يريديه المستهلك وما يبحث عنه، ليس فقط من ناحية النوعية والجودة والكلفة، بل أيضاً من خلال ابتكار أصناف مخصصة لأسواق بعينها، أي أنها تخصص كل منطقة جغرافية، بصنف يلبي توجهاتها في التذوق، وهذا بالفعل ما قامت به الشركات المتفوقة في مجال الصناعات الغذائية.

بديل لكل شيء

وأكد جبارة أنه ليس هناك أي خطر من إحكام شركات معينة سيطرتها على كل ما يتعلق بغذاء الفرد، مشيراً إلى أنه في العصر الحالي بات هناك بديل لكل شيء، فأي خروج لشركة غذائية عالمية من سوق معينة، سيقابله دخول بديل محلي مشابه، مذكراً بما حصل في 2022 في السوق الروسية حيث أجبرت العقوبات الكثير من الشركات، على الخروج من هذه السوق، فحلت مكانها فوراً علامات تجارية محلية.

الغذاء العالمي في خطر.. والزراعة هي الحل