يعوّل عديد من خبراء الاقتصاد المصريين على الزيارة التي يجريها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى الهند للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ 74 لاستقلالها، في فتح آفاق تعاون جديدة بين البلدين وتطويرها إلى مستويات أعلى، لا سيما على المستوى الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري.
وبحسب البيان الصادر، الثلاثاء، عن الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، فإنَّ حجم التبادل التجاري ارتفع بين البلدين بنسبة 20.8 بالمئة خلال العشرة أشهر الأولى من 2022، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2021.
ومن بين أهم السلع التي صدّرتها مصر إلى الهند خلال هذه الفترة كانت:
• الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 878 مليون دولار
• منتجات كيميائية غير عضوية بقيمة 199.7 مليون دولار
• أسمدة بقيمة 185.7 مليون دولار
• ملح وكبريت وأحجار بقيمة 68.4 مليون دولار
• القطن بقيمة 61.9 مليون دولار
ووفقاً لوزير الصناعة والتجارة المصري، المهندس أحمد سمير، فإنّ قيمة الاستثمارات الهندية في مصر بلغت حوالي 3.2 مليار دولار في 52 مشروعاً في مجالات الكيماويات وأسود الكربون والتعبئة والتغليف والمنتجات الغذائية والسياحة.
قطاع التكنولوجيا
واتفق الخبراء الذين تحدّثوا إلى موقع "سكاي نيوز عربية" على إمكانية تعظيم التبادل التجاري بين مصر والهند، خاصّة في مجال التكنولوجيا والاتصالات، باعتبار أنّ الهند من الدول المتقدّمة في هذا المجال، بالإضافة إلى صفقات استيراد القمح من الهند كبديل للقمح الروسي والأوكراني.
يشير مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، مصطفى أبو زيد، إلى أنَّ الهند تعتبر من أهم الشركاء التجاريين لمصر خلال الفترة الماضية وهو ما انعكس على أرقام التبادل التجاري بين البلدين.
وطبقاً للبيانات التي ذكرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري أخيراً، فإن:
- حجم التجارة بين البلدين خلال العام 2021- 2022، بلغ نحو 7.26 مليار دولار (بزيادة 75 بالمئة) عن العام 2020-2021
- حجم الصادرات المصرية إلى الهند خلال العام 2021-2022 بلغ 3.52 مليار دولار (بزيادة 86 بالمئة)
- 3.74 مليار دولار حجم واردات مصر من الهند (بزيادة 65 بالمئة) خلال العام نفسه
- عدد الشركات الهندية في مصر بلغ أكثر من 50 شركة (بإجمالي استثمارات 3.15 مليار دولار) تُوفر نحو 35 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة
- على رأس هذه الشركات تي سي آي سانمار (بأكبر استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار)، تليها الإسكندرية كربون بلاك وكيرلوسكار ودابر الهند وفليكس بي فيلمز ودهانات سكيب ومجموعة غودريج ومجموعة ماهيندرا ومونجيني.
ويوضّح في تصريحات خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" أنّ مصر من جانبها تمتلك مقوّمات وإمكانيات هائلة فيما يتعلّق بالهيئة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس، والفرص الاستثمارية الخاصّة بالمجال التكنولوجي، خاصّة وأنّ الدولة المصرية تهتم بزيادة مساهمة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الناتج المحلّي الإجمالي.
ووفقاً للأرقام الصادرة عن وزارة الاتصالات المصرية فإنّ القطاع التكنولوجي أسهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 بالمئة في العام المالي 2021-2022 بنحو 150 مليار جنيه.
بينما يرى مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أنّ معادلة الأرقام دائماً ستكون في صالح الهند، خاصّة بعد نشوب الحرب الروسية - الأوكرانية، وتوجُّه مصر لتنويع مصادر استيراد القمح.
مصر والهند وإفريقيا
من جانبها، تؤكد الباحثة في الاقتصاد الدولي، سمر عادل، أنّه كان من المهم لمصر تنويع علاقاتها التجارية مع الخارج في حركة الصادرات والواردات، خاصّة بعد اعتمادها لفترة طويلة في عملية وارداتها على دول محددة.
وتأمل عادل في أنّ تُعظّم زيارة الرئيس المصري الاستفادة من استيراد القمح من الهند، إلى جانب فتح آفاق استثمارية مشتركة؛ لاعتبارات عديدة أهمّها حاجة مصر الملحة للاستثمار الأجنبي المباشر، مشيرة إلى أنَّ جذب الاستثمارات الهندية المباشرة يمكن أن يكون من خلال "تقديم بعض الامتيازات عن الدول الأخرى بشكل مختلف"، على حد قولها.
وتقترح الباحثة في الاقتصاد الدولي أنّ الدولة المصرية يمكنها العمل على تطوير فكرة الصناعات الثقافية، بمعنى أنّ مصر تمتلك تنوّعاً ثقافياً وحضارياً هائلاً، فما المانع من إنتاج هذه المنتجات وتسويقها داخل الهند بشكل مبتكر، علاوة على ضرورة دراسة السوق المحلّية الهندية وما يمكن أن تقدّمه مصر لهذه السوق؟
وتنوّه إلى أنّ العائق الأساسي أمام الاستثمار الهندي في مصر هو التخلُّص من أزمة البيروقراطية المصرية والتي لا بد من حلّها من جذورها، من خلال إيجاد هيئة الاستثمار لحلّ حديث ومبتكر لدعم هذا الاستثمار في مصر والبناء على الخطوات التي تم اتخاذها.
وتذهب الباحثة في الاقتصاد الدولي إلى أنّه "من الممكن بلورة تعاون مصري-هندي في إفريقيا، عبر التنسيق مع الهند لتوقيع بروتوكول تعاون ثلاثي يضم مصر والهند ودول إفريقية وأن تصبح مصر شريكاً للهند في مشروعاتها في إفريقيا".
نافذة للصادرات المصرية
ويعتقد رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، رشاد عبده، أنّ التفوق التكنولوجي للهند يمكن أن يصبّ في صالح مصر إذا تم العمل على تعظيم الاستفادة منه بالشكل السليم.
ويوضّح في تصريحات خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" أنَّ آفاق التعاون كبيرة بين البلدين بصفة خاصّة مع تقارب طبيعة البلدين، آملاً في زيادة تلك التعاون في الفترة المقبلة بشكل كبير.
لكنّ رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية يرى أنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين لازال ضعيفاً مقارنة بحجم دولتين كمصر والهند، موضحاً أنّ ما يمكن أن تستفيده مصر من الهند كالتالي:
• فتح نافذة للصادرات المصرية باعتبار الهند دولة متقدّمة وتصلح أنّ تكون سوقاً لها
• الاستثمارات والخبرات الهندية وهو ما تمتلكهما الهند بالفعل
• آفاق التعاون في السياحة والتي يجب تعميقها مع الجانب الهندي
ويختم عبده حديثه بالقول: "مصر بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط هي دولة محورية، وتعتبر منفذاً جيّداً للصادرات والمنتجات الهندية، وفرصة لاستثمارات مشتركة بين البلدين على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص، والهند وصلت إلى تقدُّم هائل في مجال التكنولوجيا يمكن الاستفادة منه أيضاً".
يجدر الإشارة إلى أنّه وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء المصري فإنَّ قيمة تحـويلات المصريين العاملين بالهند بلغت 5.82 مليـون دولار خلال العام المالي 2020-2021.