أعلن البنك المركزي الروسي مؤخراً البدء في تحديد أسعار الروبل مقابل مجموعة من العملات الأجنبية من بينها الجنيه المصري، كعملات تبادل تجاري.
وجاء الجنيه المصري كعملة بين 9 عملات جديدة اختار البنك المركزي الروسي تحديد قيمة صرفها أمام الروبل على أساس يومي بقيمة تساوي أكثر من 2 روبل، لترتفع عدد العملات التي اعتمدها إلى 43 عملة.
ويرى عدد من خبراء الاقتصاد أنّ تلك الخطوة هامة للغاية في سبيل توفير السيولة الدولارية لمصر، وأن لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري في مواجهته للأزمة الاقتصادية العالمية في الوقت الحالي من خلال زيادة حجم اعتماد دول العالم على الروبل الروسي بدلًا من الدولار الأميركي.
في البداية، يقول الدكتور علاء علي الخبير الاقتصادي ورئيس مجموعة دعم الائتمان بالبنك الزراعي المصري إن إعلان البنك المركزي الروسي توسيع قائمة العملات التي يحددها ضمن أسعار الصرف الرسمية مقابل الروبل، لتشمل 9 عملات جديدة بينها الجنيه المصري، سيزيد من حجم التبادل التجاري بين موسكو والكثير من الدول، وسيقلل من اعتماد العالم على العملة الدولارية.
وتابع علي في حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنّ القرار يُعد انفراجة فيما يخص عمليات الاستيراد المكدّسة في الموانئ، وسيسهم في توفير الكثير من السلع الاستراتيجية الأساسية، وفي مقدمتها القمح دون الضغط على الدولار وتقليل الحاجة إليه.
ويرى رئيس مجموعة دعم الائتمان بالبنك الزراعي المصري أن قرار اعتماد الجنيه المصري، سيكون له تأثير بالغ الأثر على الدولتين حيث يقدر حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا بمليارات الدولارات، وستستفيد مصر بالسياحة الروسية الوافدة إليها في الحصول على الروبل الروسي في التبادل التجاري، خاصة بعد أن عادت حركة التجارة بين مصر وروسيا إلى طبيعتها تدريجيًا على مدار الأشهر الماضية.
وأردف الخبير الاقتصادي أنّ روسيا تعد شريكاً استراتيجياً لمصر في العديد من مجالات التعاون والمصالح الاقتصادية المتبادلةٌ، وهو ما ظهر جلياً في التقرير الحديث للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والذي بيّن أن هناك ارتفاع في حجم التبادل التجاري بين القاهرة وموسكو، حيث شهدت واردات مصر من روسيا ارتفاعًا بنسبة 16.5 بالمئة، خلال الفترة بين يناير وأكتوبر من عام 2022 مقابل نفس الفترة من العام السابق.
تخفيف الضغط على الدولار
في الوقت نفسه يقول الدكتور أسامة السعيد، عميد كلية التجارة جامعة بني سويف سابقاً إن اعتماد الروبل ضمن سلة العملات التي تستخدمها مصر في الدفع والتحصيل سيخفف الضغط بالتأكيد على الدولار، في ظل أزمة السيولة الدولارية في مصر والوضع الاقتصادي الصعب للغاية نتيجة أزمتيكورونا، والحرب الروسية الأوكرانية.
وأكد "السعيد" في حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "مصر لديها آليات في المعاملات الاقتصادية الدولية من الممكن أن تساعدها بشكل كبير في تسهيل التبادل التجاري والاستفادة من الظروف القائمة الآن، فالدولة تعتمد على القمح الروسي اللازم في توفير الغذاء للمواطنين، خاصة رغيف العيشإلى جانب زيت الطهي وبعض الصناعات الغذائية الآخرى".
"الميزان التجاري للبلدين في تصاعد مستمر لاعتمادهم المتبادل في توفير احتياجات السوق المحلية من الغذاء، حيث تستورد روسيا الفواكه والخضراوات من مصر إلى جانب بعض المواد الخام الآخرى، في الوقت الذي ارتفعت فيه قيمة التجارة بين الدولتين بنسبة 5.1 بالمئة خلال 2021، لتصل إلى 4.7 مليار دولار، مقابل 4.5 مليار دولار في 2022" حسب حديثه.
زيادة الصادرات المصرية
وأردف مؤسس معهد المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجامعة بني سويفأنّ: "اعتماد الروبل كعملة دفع وتحصيل لدى البنك المركزي سيزيد من حجم الصادرات المصرية إلى روسيا وفي مقدمتها الحاصلات الزراعية، إذ تعتبر روسيا أكبر مستورد لمحصول البرتقال المصري
- السماح باستخدام الروبل كعملة مقبولة لتسوية المديونيات في التبادل التجاري بين مصر وروسيا خطوة إيجابية.
- من بين المميزات التي ستنتج عنها المساهمة في زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا.
- زيادة الصادرات المصرية للسوق الروسية، وتقليل الطلب المصري على الدولار، وبالتبعية ستقل الضغوط على الجنيه المصري.
- زيادة تدفقات السائحين الروس، والقضاء على كافة العقبات التي تعترض زيادة الرحلات الجوية بين البلدين.
- زيادة أثر مصر في حصولها على كامل احتياجاتها من القمح من روسيا وبأسعار تنافسية".
اقتراب مصر من الانضمام لمجموعة "البريكس"
ويرى الدكتور محمد شعراوي أستاذ اقتصاديات أسواق المال أن البنك المركزي الروسي باعتماد الجنيه المصري كعملة رسمية لدى روسيا، "متميز للغاية وسيكون له أثر إيجابي حيث ستتم جميع الصادرات الروسية لمصر بالجنيه وليس بالدولار، وهو ما يعني اقتراب مصر من الانضمام لمجموعة "البريكس" التي تضم عدد من الدول وهم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، أي أنّ جميع واردات مصر من هذه الدول ستتم بالجنية المصري".
وتابع "شعراوي" في حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنّ: "القرارسيؤدي إلى توفير مليارات الدولارات لمصر، وهو ما سيؤدي بالتبعية لانخفاض الأسعار، وخصوصاً حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا الذي يصل إلى ما يقرب من ٥ مليار دولار سنوياً".
وأردف: "وتسعى مصر خلال الفترة المقبلة أن الاتفاق أيضا مع الصين لقبول التنسيق بينهما بالجنيه المصري كعملة قابلة للتصريف، خاصة وإن حجم التجارة بينها وبين مصر تصل إلى ما يقرب من 18 مليار دولار سنوياً، وإذا حدث ذلك ستكون ضربة إيجابية قوية للاقتصاد".
آلية واضحة للتعاون في ظل العقوبات الدولية
ويرى وليد دياب عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية إن القرار مهم بالتأكيد، ولكن لابد وأن يتضح أكثر من حيث مدى تعارضه مع العقوبات المفروضة على روسيا، منوهاً أن قرار الدولة المصرية لم يُعلن حتى الآن من حيث المشاركة والتبادل بالروبل الروسي أم لا.
وأكد "دياب" في حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنّ اعتراف البنك المركزي الروسي في حد ذاته أمر إيجابي للغاية، وستفيد القطاع التجاري المصري من حيث التصدير والاستيراد، ولكن تبقى وضوح آلية التعاون والتطبيق التي ستتضح خلال الأيام المقبلة.
ورداً على التعاون الدائر خلال الشهور الماضية واستيراد مصر للقمح على الرغم من العقوبات الدولية على روسيا المفروضة قبل أشهر عديدة، قال: "الغذاء بالتأكيد مستثنى من العقوبات، ولكن يجب الاتفاق على آلية مناسبة لكافة الأطراف، فالروبل كعملة هي صعبة أيضاً".