يُتوقع أن يزداد الإنفاق العالمي على مشاريع الطاقة منخفضة الكربون بنحو 60 مليار دولار خلال العام الجاري 2023، ليصل إلى 620 مليار دولار، مقارنة باستثمارات قيمتها 560 ملياراً العام الماضي.
يدعم تلك الزيادة الارتفاع بمشاريع طاقة الرياح، والاستثمارات الموجهة إلى تمويل مشاريع احتجاز وتخزين الكربون أو ما يعرف بـ Carbon capture and storage (CCUS).
ويحتاج العالم 4 تريليونات دولار سنوياً استثمارات في قطاعات الطاقة النظيفة حتى العام 2030؛ لتحقيق هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفري في 2050، طبقاً لتقديرات الأمم المتحدة، والتي تشير أيضاً إلى أن الحد من الانبعاثات والتلوث في هذا الإطار بحلول 2030 يمكن أن يسهم في توفير 4.2 تريليون دولار سنوياً.
وعلى الرغم من معدلات التضخم التي تضرب العالم، إلا أن أحدث التقارير الصادرة عن ريستاد إنرجي (شركة مستقلة لأبحاث الطاقة)، تشير إلى توقعات باستمرار الاتجاه الصاعد لنمو الاستثمارات في هذه القطاعات خلال العام الجاري 2023، وإن كان ذلك بوتيرة أقل من النمو المُحقق في العام الماضي 2022.
- 10 بالمئة نمواً متوقعاً بتمويل استثمارات المشروعات منخفضة الكربون في 2023
- النمو المتوقع بتلك الاستثمارات مدفوع بزيادة ضخ الاستثمارات بمشروعات طاقة الرياح و الـ CCUS
- 620 مليار دولار قيمة الإجمالي المتوقع للاستثمارات في هذا القطاع العام الجاري (مقارنة بـ 560 مليار دولار في 2022)
- 21 المئة نسبة نمو الاستثمارات بقطاعات الطاقة منخفضة الكربون في 2022 مقارنة بالعام 2021
وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية، إلى نمو محتمل بحجم استثمارات الطاقة النظيفة بحلول العام 2030 بنسبة تصل إلى 50 بالمئة مقارنة بالمعدلات الراهنة.
أثر التطورات الجيوسياسية
وفيما تشير التقديرات إلى تراجع محتمل للاستثمارات الأوروبية بهذه القطاعات، يقول أستاذ الطاقة بالقاهرة، المستشار الفني لمركز التميز في الطاقة بجامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية، الدكتور وليد الختام، إن التطورات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا وتداعياتها الاقتصادية، انعكست بشكل مباشر وواضح على الدول الأوروبية، وبما أسهم في إعادة ترتيب الأولويات بالنسبة لها، في ظل أزمة الطاقة والأزمة الاقتصادية الراهنة مع ارتفاع معدلات التضخم حول العالم.
ويوضح في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه مع نقص إمدادات الطاقة في أوروبا، لجأت بعض دول القارة ضمن البدائل المتاحة أمامها لتأمين إمدادات مستدامة ومتجددة، إلى الفحم لتوليد الطاقة، فضلاً عن إعادة تشغيل المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء، وبما يتعارض والالتزامات البيئية لهذه الدول.
ويلفت إلى أن الأولويات ارتبطت بالنسبة لأوروبا بمعالجة الأوضاع الاقتصادية بعد تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، وتأمين الغذاء والطاقة في ضوء النتائج المترتبة على الحرب، وبما يؤثر على معدلات الاستثمار بالطاقة النظيفة.
ويشير الختام إلى أنه على الجانب الآخر وفي ظل التوجهات المختلفة في أوروبا لجأت عديد من الشركات الأجنبية لضخ استثمارات خضراء في دول القارة الأفريقية؛ للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة هناك في ظل الوضع الراهن، وهو ما يفسر النمو المتوقع بحجم الاستثمار في هذا القطاع مستقبلاً داخل القارة.
الطاقة النظيفة في أفريقيا
تراجعت استثمارات الطاقة النظيفة في أفريقيا في العام 2021 لأقل مستوى لها منذ 11 عاماً في العام 2021، بنسبة تراجع سجلت 35 بالمئة (طبقاً لتقرير لوكالة بلومبيرغ).
بينما في العام 2023 تضع توقعات ريستاد إنرجي، الدول الأفريقية على رأس المناطق المؤهلة لنمو الاستثمارات في قطاعات الطاقة منخفضة الكربون.
- 26 بالمئة زيادة متوقعة بحجم الاستثمارات الخضراء في أفريقيا خلال 2023 (يدعم ذلك بشكل أساسي مشروعات طاقة الرياح في مصر)
- 23 بالمئة نمواً متوقعاً بالاستثمارات الخضراء في استراليا (في المرتبة الثانية بعد أفريقيا) في 2023
- استثمارات الصين في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ترفع توقعات زيادة الاستثمارات بالطاقة النظيفة في آسيا إلى نمو بنسبة 12 بالمئة
- 9 بالمئة نمواً متوقعاً باستثمارات الطاقة الخضراء في أميركا الشمالية في 2023، مدعوماً بقانون خفض التضخم بالولايات المتحدة
أزمة الطاقة.. والالتزامات البيئية في أوروبا
وبينما تشير تقديرات شركة أبحاث الطاقة، إلى نمو متوقع بنسبة 7 بالمئة فقط في استثمارات الطاقة منخفضة الكربون في القارة العجوز، يشير الخبير في الشؤون الأوروبية من بروكسل، محمد رجائي بركات، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن أوروبا تمضي بوتيرة أقل مما كان هو مُخطط إليه فيما يخص الاستثمار في الطاقات النظيفة والمتجددة، رغم أزمة الطاقة الحالية وحرص الاتحاد الأوروبي على تنويع مصادر الطاقة لتعويض الإمدادات الواردة من روسيا.
ويوضح خبير الشؤون الأوروبية، أنه على العكس من ذلك فإن "الحرب في أوكرانيا أثرت بشكل كبير على برامج الاتحاد الأوروبي الخاصة بمكافحة التغيرات المناخية، وبما يهدد هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول العام 2050".
ويتابع: "سارعت دول أوروبية في ظل عدم توافر بدائل (بنفس الحجم والسعر) للغاز الروسي، إلى التراجع عن الالتزامات البيئية، وبما ينعكس على حجم الاستثمارات الموجهة إلى قطاع الطاقة النظيفة أو الاستثمارات الخضراء ومع عودة بعض الدول لاستخدام الفحم، واعتبار الطاقة النووية طاقة نظيفة تستفيد من ميزانية الاتحاد الأوروبي.
تفاؤل على المديين المتوسط والطويل
على الجانب الآخر، يعتقد محللون بأن التراجع المتوقع خلال العام الجاري في نسب نمو الاستثمار بقطاعات الطاقة منخفضة الكربون في أوروبا، إنما يشكل تراجعاً على المدى القصير، ويرتبط ارتباطاً مباشراً بالعوامل المتعلقة بتبعات الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها على دول القارة العجوز، بينما على المديين المتوسط والطويل، من المرجح أن تعاود معدلات الاستثمار سياقها المأمول.
في هذا السياق، يتحدث نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر الألمانية، الدكتور خالد عبدالرحمن، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن ارتفاع درجة الوعي بما تشكله الطاقة المتجددة والنظيفة من أهمية في أوروبا.
ويشير إلى أنه هذا الوعي، لا سيما في ألمانيا على سبيل المثال، ومع تزايد فرص العمل في مختلف مجالات الطاقة المتجددة، فإن ذلك يعتبر مؤشراً إيجابياً جداً للاستثمار في هذه القطاعات، موضحاً أن هذا يرتبط بشكل كبير على الأقل بأغلب مدن أوروبا الغربية، وباقي الدول الموجودة في الشرق أوروبا قد تكون بدرجة أقل، بسبب اختلاف الظروف الاقتصادية والسياسية.
وتأكيداً على ذلك التوجه، يوضح الخبير الدولي بقطاع الطاقة، أن الأزمة الحالية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا دفعت الحكومة الألمانية إلى تغيىر وتسهيل الحصول على تراخيص بناء طواحين الهواء على الأرض، والسماح بالبناء على مساحات جديدة موزعة داخل مختلف الولايات الألمانية، وكذلك تفعيل وتنشيط الأبحاث والمشاريع البحثية المتعلقة بالطاقة المتجددة، خاصة طاقة الرياح داخل بحر الشمال بألمانيا وكذلك بحر البلطيق.
طبقاً لتقديرات ريستاد إنرجي، فإن النسبة الأكبر من الاستثمارات المتوقعة خلال العام الجاري 2023 على قطاعات الطاقة النظيفة، مُوجهة بشكل أساسي إلى مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
- 6 بالمئة نسبة النمو المتوقع باستثمارات مشروعات الطاقة الشمسية في 2023 (لتسجل 250 مليار دولار)
- 12 بالمئة زيادة متوقعة مقارنة بالعام الماضي، باستثمارات طاقة الرياح البرية (لتسجل 230 مليار دولار هذا العام) فيما تسجل مشروعات طاقة الرياح البحرية 48 ملياراً، بزيادة 20 بالمئة عن 2022.
- 7.8 مليار دولار حجم استثمارات مشروعات الهيدروجين في 2023 (بزيادة هي الأكبر من نوعها بنسبة 149 بالمئة).