أكد خبراء طاقة أن استعداد أوروبا المسبق للشتاء وملء خزانات الغاز الطبيعي بشكل كامل في العديد من الدول منذ بداية حرب روسيا على أوكرانيا، فضلاً عن برودة الطقس المعتدلة في شتاء يمكن وصفه بالدافئ نسبياً، أدى إلى هبوط أسعار الغاز، مشيرين إلى أن روسيا ستفي بجميع عقود الطاقة المبرمة مع دول القارة العجوز ولم تستخدم الغاز بالكامل كورقة ضغط عليها.

وانخفض سعر الجملة للغاز الطبيعي في أوروبا، الاثنين، إلى أدنى مستوى له منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وبات أرخص مما كان عليه في أغسطس بخمس مرات تقريباً، حيث تراجعت عقود "تي تي إف" الهولندي، المؤشر المرجعي للغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 4.67 بالمئة لتسجل 72.75 يورو للميغاوات ساعة للشحنات التي تُسلَّم في فبراير، وهو السعر الأدنى منذ 21 فبراير.

وفي حديثها لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أرجعت الدكتورة كارول نخلة الرئيسة التنفيذية لشركة كريستول إنرجي انخفاض أسعار الغاز إلى ثلاثة أسباب أولها، اعتدال الطقس في شتاء هذا العام الذي لم يكن بحدة فصل الشتاء في العام الذي سبقه، فضلاً أن الشتاء بدأ متأخراً ما خفف من ضغط الطلب على غاز التدفئة.

أخبار ذات صلة

تراجع حاد لصادرات الغاز الروسي في 2022
أسعار الغاز الأوروبي تهبط لأدنى مستوى منذ الحرب الأوكرانية
على وقع حرب أوكرانيا.. كيف تحركت أوروبا "طاقيا" في 2022؟
ألمانيا تبرم اتفاقية لشراء الغاز المسال من سيمبرا الأميركية

أما السبب الثاني فيتمثل في استعداد أوروبا المسبق للشتاء حيث بدأت أوروبا بملء خزانات الغاز الطبيعي منذ بداية حرب روسيا على أوكرانيا، لإدراكها أنها ستكون في خطر بموسم الشتاء حتى أن خزانات العديد من الدول وصلت في شهر سبتمبر الماضي إلى نسبة امتلاء 100 بالمئة ما يساعد أوروبا على تخطي موسم الشتاء لهذا العام دون حدوث أزمة وارتفاع حاد بالأسعار، وفقاً للدكتورة نخلة، التي أشارت إلى أن السبب الثالث لانخفاض الأسعار يعود إلى استعداد المواطنين نفسياً لموسم الشتاء حيث غيّر بعضهم من عاداتهم في التدفئة من خلال استخدام الحطب وبعض الأجهزة الكهربائية بدلاً من الغاز.

ورداً على سؤال فيما إذا حيّدت روسيا سلاح الغاز في حربها ضد أوروبا قالت الرئيسة التنفيذية لشركة كريستول إنرجي: "لم تحيّد روسيا الغاز في حربها بل لا تزال تستعمله كسلاح، ولكن لا ننسى أن روسيا بحاجة لمداخيل النفط والغاز، وخصوصاً أن السوق الأوروبية هو أهم سوق لها من ناحية الغاز، فأغلبية صادراتها تتم عن طريق الأنابيب إلى أوروبا، فالغاز سيف ذو حدين إذ أن روسيا تتأذى أيضاً من قطع الغاز بالكامل، وعموماً هناك مخاوف لدى الأوروبيين بهذا الاتجاه ولكنها لم تتحقق، إذ لم يتم قطع كلي لإمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا".

أخبار ذات صلة

ارتفاع طفيف بإنتاج روسيا من النفط ومكثفات الغاز في نوفمبر
كيف سيتأثر سوق النفط بالحظر الروسي على "تحالف سقف الأسعار"؟

من جهته، قال عامر الشوبكي مستشار الطاقة الدولي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "يأتي انخفاض أسعار الغاز الطبيعي حسب مؤشر "تي تي إف" الهولندي المعتمد في أوروبا إلى 72 يورو للميغاوات ساعة، بعد أن وصل السعر في الأشهر الماضية وخصوصاً في أغسطس إلى 340 يورو للميغاوات ساعة، ولكن على الرغم من ذلك فإن السعر الحالي هو أعلى من معدلات الأسعار في الأعوام الخمسة الماضية حيث كان السعر أقل من 15 يورو للميغاوات ساعة".

وبحسب الشوبكي، يعود سبب انخفاض أسعار الغاز في أوروبا إلى برودة الطقس المعتدلة نسبياً وملء العديد من الدول الأوربية لكامل مخزوناتها من الغاز، إلى جانب عدم تعرض السوق الأوروبية للغاز المسال إلى الصدمات بمعنى أنها لم تتعرض لنقص إمدادات الغاز المسال من الجهات المعتمدة الأخرى والغاز الطبيعي عبر الأنابيب من الجزائر وأذربيجان أو النرويج.

كما أنه كان هناك اعتقاد بأن روسيا ستتخذ إجراء انتقامياً بوقف كامل للغاز المصدر إلى أوروبا والبالغ اعتمادها عليه بنسبة 7 بالمئة حتى الآن سواء عبر الخط المار من أوكرانيا أو عبر خط "ترك ستريم" غير أن هذا لم يحدث ما أدى إلى انخفاض الأسعار، وفقاً للشوبكي، الذي أكد أن الأسعار مرشحة للارتفاع مجدداً فيما إذا تغيرت الظروف الجوية واشتدت البرودة في فصل الشتاء.

ولفت مستشار الطاقة الدولي الشوبكي إلى أن روسيا ستفي بجميع عقود الطاقة المبرمة مع أوروبا، منوهاً بأنها لم تستخدم الغاز بالكامل كورقة ضغط على أوروبا.