"النقد سيكون هو الملك في 2023.. والأسهم الأميركية في خطر"، هكذا توقع دكتور ريان ليمند، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نيوفيجن لإدارة الثروات، في لقاء خاص مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".
يرى ليمند، أنه في ظل معدلات الفائدة العالية على الدولار، فإن الحفاظ على سيولة نقدية، واستثمارها في الودائع البنكية، سيحقق عوائد جيدة للمستثمرين، بدون تحمل مخاطر.
"هناك العديد من البنوك في العالم حاليا، تعطي عوائد تصل إلى 6 بالمئة على الدولار، لمدة 12 شهرا، ولذلك نحن نفضِّل أن يمثل الكاش 50 بالمئة من محفظة المستثمر، بما يضمن له تحقيق عوائد مرتفعة، بدون أي مخاطر"، بحسب ما قاله ليمند.
وأضاف ليمند، أنه يفضل أن يكون جزءا من السيولة النقدية، بالفرنك السويسري، إلى جانب الدولار، لتحقيق أفضل عائد على الاستثمار.
وشهد العام 2022 زيادة أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى، وفي مقدمتها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، من أجل مواجهة معدلات التضخم التي وصلت لمستويات هي الأعلى في نحو 40 عاما.
الأسهم الأميركية في خطر
يرى الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نيوفيجن لإدارة الثروات، أنه يجب الابتعاد عن الأسهم الأميركية هذا العام في ظل مجموعة من المخاطر التي تحيط بها.
"الأسهم الأميركية، تقودها عادة التكنولوجيا، وقطاعات أخرى، تستفيد عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة جدا، والكتلة النقدية كبيرة.. واليوم نرى أن كل هذا ينعكس، فالفائدة أصبحت مرتفعة، والسيولة النقدية تتراجع"، بحسب ما أوضحه ليمند.
يذكر أن مؤشرات البورصة الأميركية أنهت عام 2022، على تراجع لأول مرة منذ 2018، كما أنها انخفضت في العام المنصرم، بأكبر وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وكانت أسهم "أبل"، و"ألفابت"، و"مايكروسوفت"، و"أمازون"، و"إنفيديا"، و"تسلا" ضمن أكبر الخاسرين على المؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، إذ تراجعت بنسب تتراوح بين 28 و66 بالمئة في 2022.
ويرى دكتور ريان ليمند، أن هناك مجموعة من المخاطر التي تهدد الأسهم الأميركية، في مقدمتها معدلات الفائدة العالية، وانخفاض السيولة النقدية، مع مواصلة الفيدرالي سياسته المتشددة، بالإضافة إلى مخاوف التباطؤ الاقتصادي، والانخفاض المتوقع في أرباح الشركات.
"هذه ليست بيئة مناسبة لمستثمر طويل الأجل.. فالأسهم الأميركية شهدت مبالغة هائلة في تقييمها، تزيد على ما شهدته في عام 2000، وهناك عوامل كثيرة ستكون ضاغطة عليها في الفترة المقبلة"، بحسب ما يقوله ليمند.
فرص بديلة للاستثمار
على عكس الأسهم الأميركية، يتوقع ليمند، أن تكون هناك فرص استثمارية قوية، في الأسواق الناشئة، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، والصين، وتركيا، ومصر، بالإضافة إلى بعض القطاعات في أوروبا.
وقال ليمند: "هناك فرص ضخمة في الدول الناشئة، التي نتوقع أن تصعد في العام الجديد، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، التي شهدت وحدها 23 بالمئة من الطروحات الأولية على مستوى العالم في 2022، وهذا حدث مهم للغاية.. ونتوقع أن يستمر زخم الطروحات في 2023".
ويرى ليمند، أن هناك فرص كبيرة في أسواق الخليج، سواء في الأسهم أو أدوات الدخل الثابت، أو الاستثمار المباشر، لكنه يفضل حاليا الابتعاد عن العقارات التي وصلت إلى معدلات تقييم مبالغ فيها.
وفيما يتعلق بالأسهم الأوروبية، قال ليمند، إن هناك بعض الأسهم الجيدة التي هوت أسعارها بشكل كبير خلال 2022، ولا تزال تمثل فرصة استثمارية مهمة يمكن اقتناصها في العام الجديد.
وبحسب توزيع محفظة المستثمر، يرى ليمند، أن يكون نصيب الأسهم بشكل عام في حدود 20 بالمئة.
انتعاش السلع
يتوقع ليمند، أن ترتفع أسعار السلع خلال العام الجديد، وأن تكون فرصة استثمارية جاذبة.
"نفضل أن يكون 30 بالمئة من محفظة المستثمر في مجال الاستثمارات الخاصة، والسلع.. فنحن نتوقع ارتفاع البترول والغاز، وغيرهما من السلع، مع زيادة الطلب عليها في الفترة المقبلة"، بحسب ما قاله ليمند.
ويتوقع ليمند أن يرتفع الذهب فوق مستوى 2000 دولار للأونصة خلال 2023، خاصة مع إقبال البنوك المركزية على زيادة مشترياتها من الذهب لدعم الاحتياطيات الخاصة بها.
وفيما يتعلق بالنفط، يقول ليمند، إنه مع عودة معدلات السفر لطبيعتها، خاصة بعد إزالة القيود على السفر في الصين، فإن الطلب على النفط سيرتفع، وسيدعم ذلك الأسعار.
مخاطر محتملة
وعلى الرغم من التأثير الإيجابي لإعادة فتح الاقتصاد الصيني على الاقتصاد العالمي، لكن ليمند، يرى أن هذه الخطوة ربما تحمل مخاطر، تتعلق بعودة ارتفاع الإصابات بكورونا، وتصدير الصين للفيروس مرة أخرى، بما يهدد بموجة إصابات عالمية جديدة.
كما أن عودة الصين لفتح الاقتصاد، تحمل معها ضغوطا تضخمية، مع عودة الطلب على السلع الأولية والطاقة، بحسب ما يرى ليمند.
لكن الخطر الأكبر، بحسب ما يراه الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نيوفيجن لإدارة الثروات، هو العامل الجيوسياسي، وسط مخاوف استمرار الحرب الأوكرانية، ومخاطر اندلاع حرب بين الصين وتايوان التي تمثل أهمية كبرى للاقتصاد العالمي، لأنها تصنع وحدها نحو 86 بالمئة من الرقائق الإلكترونية التي تدخل في صناعة أغلب السلع الإلكترونية والصناعية حول العالم.
موجة تضخم جديدة
يتوقع ليمند، أن يشهد العالم موجة تضخم جديدة في 2023، مدفوعة بزيادة الأجور، عقب الموجة الأولى التي شهدت ارتفاع السلع.
"لم يحدث في تاريخ العالم، أن كانت هناك دورة تضخم واحدة، عندما كانت نسب التضخم عند 10 بالمئة أو أكثر، وإنما دائما كانت تحدث دورتين من التضخم".
وأوضح ليمند، أنه نتيجة ارتفاع أسعار السلع، والمطالبة بزيادة الرواتب، تحدث موجة جديدة من التضخم تستغرق 12 شهرا، "وهذا ما نتوقع أن نشهده في 2023".