تحدث عضوان أحدهما بحزب المحافظين والآخر بحزب العمال في بريطانيا إلى موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، وأكدا ارتفاع فواتير الغذاء في المملكة المتحدة بشكل كبير لأسباب مختلفة، لدرجة باتت تهدد عشاء مئات الأسر البريطانية ليلة الاحتفال بعيد الميلاد.
* بحسب دراسة لكلية لندن للاقتصاد تشهد بريطانيا أزمة تكاليف معيشة تزداد سوءا هذا العام في ظل ارتفاع معدل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود، ما أدى إلى موجة إضرابات بينما لم تواكب الأجور ارتفاع الأسعار.
* وفق ذات الدراسة فقد أدى ازدياد فواتير الطاقة إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وفي ظل انتعاش الطلب بعد تراجع وباء كوفيد.
عشاء عيد الميلاد في خطر
عضو حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، مرفت خليل، قالت لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": إذا تحدثنا عن أسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في بريطانيا، فلا يمكن إرجاعها جميعا إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، فهي مشكلة عالمية بالأساس تواجه كل الدول، وناتجة عن مشاكل عدة مرت بالعالم في السنوات السابقة، مثل وباء كورونا والحرب الأوكرانية الروسية، وما صاحبهما من ركود اقتصادي كبير، وكذلك التغيرات المناخية التي أثرت كثيرا على المنتجات الزراعية نتيجة تغير طبيعي الأراضي الزراعية، وبالتالي ارتفعت أسعار المواد الغذائية.
وأضافت أنه لا يمكن أيضا إنكار أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي أيضا كان له تأثير قوي في رفع أسعار المواد الغذائية، حيث تشير الأبحاث الاقتصادية المتخصصة إلى أن البريكست أضاف على فاتورة الغذاء المنزلي ببريطانيا سنويا ما يعادل 210 جنيه استرليني، نتيجة ارتفاع تكلفة المواد الغذائية المستوردة من أوروبا، وبسبب الإجراءات الروتينية والضوابط الإضافية كالحواجز غير الجمركية على سلع الاتحاد الأوروبي.
وتابعت أنه برغم أن الحكومة البريطانية حاولت الوصول إلى اتفاق اقتصادي جيد وبشروط ملائمة للخروج من الاتحاد الأوروبي، ولكن الأخير احتفظ ببعض البنود لتعقيد الأمور قليلا بعد خروج بريطانيا منه، فكما نعلم أن بريطانيا كدولة عظمى وكان لها تأثير قوي في الاتحاد الأوروبي وكان يلجأ لها حين حدوث أية تعثرات بدولة من دول الاتحاد، ومن ثم لم يكن من السهل أبدا التخلي عن تلك القوة العظمى دون وضع عقبات شديدة في طريق خروجها كمحاولة لاحتفاظ بها داخل الاتحاد.
وأشارت إلى أن تغيير قواعد مرور السلع عبر حدود دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا دفعت أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع بنسبة 6 في المئة، أو ما يقارب 6 مليارات جنيه إسترليني في المملكة المتحدة، وللأسف هذا الارتفاع أصاب الأسر الأشد فقرا، وجعلهم ينفقون المزيد من رواتبهم على الغذاء، وأيضا أثر ذلك على الطبقة العاملة.
وأضافت أن معدل التضخم ببريطانيا بلغ في نوفمبر الماضي إلى 12.4 في المئة، وهي أعلى نسبة تضخم في بريطانيا منذ عدة عقود، ففي حين أن أعياد الميلاد على الأبواب وهو الوقت الذي ينتظره البريطانيون للاحتفال سنويا، ولكن الدراسات التي أجريت على الأسر رصدت أن 67 في المئة تقريبا لديهم قلق بشأن قدرتهم على تحمل تكلفة عشاء عيد الميلاد، والذي هو من أسياسيات الاحتفال.
وشددت مرفت خليل على أنه وفق الدراسات فنسبة القلق تزداد عند من يرتفع عمرهم عن 65 عاما، بخصوص قدرتهم على توفير المواد الغذائية، وتوقعت الدراسات لجوء نسبة 16 في المئة إلى بنوك الطعام للحصول على وجبات، وأن نسبة كبيرة من كبار السن لن يتمكنوا من شراء هدايا الكريسماس لأبنائهم وأحفادهم، وأن نسبة كبيرة أيضا قد يقضون ليلة عيد الميلاد في الأماكن العامة للحصول على التدفئة وذلك لارتفاع أسعار الطاقة أيضا، فهي مشكلة كبيرة يتشابك فيها الاقتصادي مع السياسي وعلى الحكومة العمل بجد على عدم تفاقمها أكثر من ذلك.
التوقعات تحققت
الباحث الأكاديمي بإدارة التغير والتخطيط الاستراتيجي بجامعة ترينيتي سانت دافيد ويلز وعضو حزب العمال البريطاني، عمر رشدي، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه مما لا شك فيه أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيما يسمي بالبريكسيت، كان له تداعيات كثيرة على المدي القصير والبعيد، والتي لا يمكن حصرها حتى الآن، ولكن نذكر منها علي سبيل المثال ارتفاع أسعار الغذاء.
وأوضح أن ارتفاع تكلفة فواتير الغذاء هو أمر تم توقعه بدرجة كبيرة من الدقة قبل الخروج، وذلك من خلال خبراء الموارد الغذائية وتجارة التجزئة والزراعة والاقتصاد والأمن الغذائي في المراكز البحثية والجامعات بالمملكة المتحدة، وتبين من خلال تلك الدراسات أن متوسط تغير سعر الغذاء نحو الارتفاع قد يصل إلى ١٧ بالمئة في فاصل زمني موثوق به لن يتعدى العامين بعد الخروج وهو ما حدث بالفعل، وقد يؤدي إلى ازدياد عدد الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي وشدته بسبب الزيادات الكبيرة المتوقعة في متوسط أسعار المواد الغذائية.
وشدد على أنه في ذات الوقت لا يمكن أن نغفل تداعيات الحرب الروسية وتداعيات كوفيد 19، وما تبع ذلك كله من المشاكل المتعلقة بسلاسل الإمداد وإضراب سائقي الشاحنات بين دول الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن أكبر التحديات التي واجهت المملكة المتحدة بمجرد خروجها من الاتحاد الأوروبي، والتي يمكن تلخيصها في أنه بمجرد خروج المملكة من الاتحاد أصبحت صناعة المواد الغذائية تحتاج إلى عامل الوقت لإجراء عمليات تفتيش أطول للواردات الغذائية في منطقة الحدود، وإنشاء البنية التحتية اللازمة لإجراء هذه الفحوصات مما ترتب عليه تأخير في دخول الشاحنات الغذائية إلى المملكة وتكدسها إلى فترات طويلة على الحدود، بينما قبل ذلك كان يكفي فحصها في أي دولة من دول الاتحاد.
وأكد أنه بجانب ذلك أصبحت المملكة المتحدة تحتاج إلى مراجعة الاحتيال في الأغذية وأصالتها عبر سلسلة الإمدادات الغذائية، والتي اختلت مع تأثير كوفيد وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد، وكل ذلك نتج عنه شح في المواد الغذائية وارتفاع أسعارها بشكل كبير.