بدأت تطفو على السطح ملامح فشل "تحالف سقف السعر" في تحقيق أهدافه جراء فرض حد أقصى لسعر خام النفط الروسي المنقول بحراً، مع ارتفاع أسعار للنفط، وظهور ملامح انحسار تأثير سياسة "صفر كوفيد" على الاقتصاد الصيني مع بدء إجراءات تخفيف القيود والإغلاقات، وخصوصاً أن الصين تعد محرك نمو الطلب على النفط في العالم.

وحقق النفط مكاسب كبيرة خلال تعاملات الأسبوع ليحوم سعر خام برنت حول 82 دولاراً للبرميل، في حين توقع خبراء طاقة ملامسته لـ 90 دولاراً للبرميل مع نهاية عام 2022.

انحسار تأثير سياسة (صفر كوفيد)

 مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي يؤكد في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن "الصين هي كلمة السر في فشل خطوة مجموعة السبع في تطبيق السقف السعري على النفط الروسي، فالتوقعات الآن تشير إلى نمو الطلب على النفط، حيث قدرت "أوبك" نمو الطلب بواقع 2.25 مليون برميل يومياً، أو نحو 2.3 بالمئة، في عام 2023".

وأضاف أن وكالة الطاقة الدولية قد رفعت توقعاتها في نمو الطلب على النفط إلى 1.7 مليون برميل يومياً في العام المقبل، فالجميع ينتظر انحسار تأثير القيود والإغلاقات في الصين وبالتالي انحسار تأثير سياسة  (صفر كوفيد) في ثاني أكبر اقتصاد عالمي.

فالصين تعد محرك نمو الطلب على النفط في العالم، فهي ثاني أكبر مستهلك للنفط وأكبر مستورد للنفط في العالم وبالتالي هذا سيدفع الأسعار إلى قيم فوق 90 دولاراً للبرميل وتحديدا بين 90 و100 دولار في الربع الأول، وربما أيضاً الربع الثاني من العام المقبل، وفقاً للشوبكي.

وأوضح أن الهند أيضاً تستورد حصة كبيرة من النفط الروسي وتعمل مصافيها بكامل طاقتها لإعادة تصدير المشتقات النفطية إلى العديد من الوجهات ومنها دول أوروبا، لافتاً إلى أن الهند تستورد قرابة 1.7 مليون برميل يومياً لتشكل مع الصين 68 بالمئة من مجموع صادرات النفط الروسية، ما يدل على أن الصين والهند تساعدان روسيا على الخروج من العقوبات الأوروبية على النفط الروسي وعلى السقوف السعرية، فضلاً عن استفادة هذين البلدين من الحصول على أسعار نفط منخفضة وتشغيل قطاعات التكرير الأمر الذي يعزز اقتصاديهما.

أخبار ذات صلة

حزمة تاسعة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا.. وهذه هي ملامحها
بوتين والشراكات الدولية الجديدة.. رسائل روسية للداخل والخارج

تباطؤ وتيرة رفع سعر الفائدة يساعد في فشل "تحالف سقف السعر"

ويشرح الشوبكي أن "انخفاض الوتيرة المتشددة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في رفع أسعار الفائدة يساعد في فشل "تحالف سقف السعر" المكون من مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا، فحتى مع رفع سعر الفائدة الأربعاء الماضي بواقع 50 نقطة أساس بقيت أسعار النفط متماسكة عند حدودها الحالية في حين كانت التوقعات تشير إلى انخفاض سعر برميل خام برنت، ما يعني أن هناك بوادر لفشل خطة السقف السعري على خام الأورال الروسي، وخصوصاً إذا ما علمنا من خلال تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بأن رفع أسعار الفائدة في الفترة المقبلة سيكون بوتيرة أقل مع تباطؤ ارتفاع معدل التضخم في نوفمبر الماضي على أساس سنوي إذ سجل 7.1 بالمئة".

الخطوات المعاكسة لم تبدأ بعد

وبحسب مستشار الطاقة الدولي الشوبكي، فإن ارتفاع أسعار النفط حالياً مع وجود السقوف السعرية يعد بداية فشل لهذه الخطوة على الرغم من أنها لم تُواجه بعد بخطوات معاكسة من أهم وأخطر جهتين قد تقلبان الطاولة على الجميع أولهما روسيا، حيث لم تعلن عن تخفيض إنتاجها بشكل صريح، وبالتالي إن صرحت موسكو بتخفيض طوعي لإنتاجها اليومي بنحو 2 مليون برميل فسترتفع أسعار النفط بشكل كبير إلى حدود 150 دولاراً للبرميل.

أما الجهة الثانية فهي "أوبك +" التي لم تعلن عن اجتماع طارئ لتعميق تخفيض الإنتاج ما سيرفع أسعار النفط ويزيد فشل تحالف سقف السعر في خطوته بتحديد سقف لسعر النفط الروسي.

الصين والهند تستمران في شراء النفط الروسي

بدوره، يقول الدكتور ممدوح سلامة خبير النفط العالمي المقيم في لندن: "إن سقف السعر الذي فرضته دول مجموعة السبع على النفط الروسي محكوم عليه بالفشل الذريع لأنه غير قابل للتطبيق ولن تكون له أي تأثيرات جذرية على صادرات النفط الروسي، بل إن هذا السقف لن يؤدي إلا إلى خلق الارتباك وزيادة النقص في سوق النفط العالمي، وبالتالي فإن صادرات روسيا لن تتأثر صادراتها بهذا القرار لكونها تمتلك أسطولاً كبيراً من ناقلات النفط ما يعطيها القدرة على إيصال صادراتها إلى العالم، وهنا يأتي دور الصين والهند اللتين تلعبان دوراً كبيراً في فشل القرار".

أخبار ذات صلة

وكالة الطاقة الدولية تتوقع زيادة بطيئة في الطلب على النفط
بعد إبقاء أوبك على توقعات الطلب..إلى أين يتجه النفط في 2023؟

ويرى الدكتور سلامة أن الصين، التي تعد محرك اقتصاد العالم عندما يتعلق الأمر بحاجته إلى النفط باعتبارها أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، ستستمر في شراء النفط الروسي، بل إنها أصبحت أكبر مستورد للنفط والغاز الروسي الآن ومرد ذلك أنها ترفض المبدأ الغربي لفرض سقف على سعر النفط فضلاً عن أنها لا تقبل بالعقوبات المفروضة على روسيا باعتبارها غير صادرة عن الأمم المتحدة.

أما بالنسبة للهند، فقد أعلنت كذلك أنها ستستمر في شراء النفط الروسي وبكميات كبيرة لأن مصلحتها تقتضي ذلك، ولأنها مثل الصين ترفض العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وفقاً لخبير النفط العالمي الدكتور سلامة الذي خلص إلى أن أسعار النفط لن تتأثر بسقف السعر بل إنها سوف تستمر في الارتفاع وقد تصل إلى 90 دولاراً للبرميل قبل نهاية هذا العام أو في مطلع العام المقبل.

يشار إلى أـن قرار فرض حد أقصى لسعر برميل النفط الخام الروسي المنقول بحراً، دخل حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر الجاري، بعد أن اتفقت دول مجموعة السبع وأستراليا على حد أقصى لسعر برميل الخام الروسي عند 60 دولاراً، بهدف "تقليل عائدات روسيا وإعاقة قدرتها على تمويل حربها في أوكرانيا مع الحفاظ على تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية" بحسب مجموعة السبع.