أكد خبيران لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن إقدام الصين على تخفيف سياستها الصارمة المعروفة باسم "صفر كوفيد" لمكافحة وباء كورونا، من شأنه أن ينعش الاقتصاد الصيني وتعود عجلة الإنتاج لطبيعتها مع الوقت، ومن ثم ينعكس ذلك بالإيجاب على الاقتصاد العالمي وخاصة فيما يتعلق بأسواق الطاقة.

* الصين أعلنت، السبت، أنها ستتوقف عن فحص كوفيد-19 لسائقي الشاحنات وأطقم السفن الناقلة للبضائع محليا، مما يزيل مشكلة رئيسية لشبكة سلسلة التوريد الخاصة بها، بينما تتسارع وتيرة تخلي البلاد عن سياسية صفر كوفيد.

* احتفل الشعب الصيني، الثلاثاء، بسحب تطبيق "رمز الرحلة" الذي تديره الدولة وكان يُستخدم لتتبع حركة السفر إلى المناطق المنكوبة بكوفيد-19، وقالت أربع شركات اتصالات صينية إنها ستحذف بيانات المستخدمين المرتبطة بالتطبيق.

* ذكرت السلطات الصينية أن إزالة هذه القيود تهدف بشكل خاص إلى ضمان الإمداد السلس للأدوية ومواد مثل تلك المستخدمة في الكشف عن الإصابة بكوفيد، وقالت وزارة النقل الصينية في إشعار إنه يجب عدم ادخار أي جهد لضمان التسليم السلس للإمدادات الطبية.

* وفي وقت سابق من هذا العام، ووسط عمليات إغلاق جماعية، تعرضت أجزاء كثيرة من شبكة سلسلة التوريد في الصين للفوضى بسبب متطلبات بإثبات المشاركين في نقل البضائع عدم إصابتهم بكوفيد، وخصوصا عند نقاط التفتيش.


انتعاشة صينية تنتقل للعالم

نائب رئيس تحرير الطبعة العربية من مجلة الصين اليوم، حسين إسماعيل، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن إقدام السلطات الصينية على تخفيف قيود مكافحة وباء كورونا والتي تعتبر تخليا جزئيا عن سياسة صفر كوفيد، وذلك في شتى أنحاء الصين، جاء بعد حالة عدم رضا من جانب المواطنين الصينيين، نظرا لتأثيرها السلبي على حياتهم ودخولهم، كما أثرت على معدلات الإنتاج والحركة في البلاد، حتى أنها أثرت على العلاقات الاجتماعية.

وتابع أن إجراءات صفر كوفيد أدت إلى تباعد أفراد الأسر عن بعضهم نظرا لتقييد حرية الحركة وكل ذلك أثر بالسلب على الإنتاح والاقتصاد ككل، وبالتالي فإن تخفيف تلك الإجراءات وفق ما أعلنت عنه السلطات الصينية من شأنه أن يعزز الجانب النفسي أولا لدي الصينيين فيما يتعلق بشعورهم بالطمأنينة، خاصة أنه لأول مرة يتم السماح لمن تثبت إصابتهم بكورونا بالعزل المنزلي، ولأول مرة كذلك أن تكون إجراءات الإغلاق جزئيا تتعلق بالمكان الذي تظهر فيه الإصابات فقط، دون الحي أو المدينة كلها.

أخبار ذات صلة

تايوان تندد بقرار الصين لحظر واردات جديدة منها
لشدة المنافسة.. "سكودا" تدرس الانسحاب من الصين

وشدد على أن هذا التخفيف من شأنه أن يؤثر بالإيجاب على الأداء الاقتصادي داخل الصين، ويجعل العمال يعودون إلى مصانعهم وأعمالهم، وتتحرك عجلة الإنتاج ولو بشكل محدود، ولكن من المتوقع خلال الأشهر المقبلة أن نشهد تحسنا في أداء الإنتاج الصيني بجميع المجالات.

واستطرد أن الإجراءات التخفيفية الجديدة ستحرك عجلة الصادرات الصينية والتي سجلت في نوفمبر الماضي أدنى مستوى لها منذ عام 2000، وبالتالي فمع التخفيف من المنتظر أن تعود الإجراءات الصينية إلى مسارها الطبيعي، ونفس الشيء بالنسبة للواردات الصينية، بكل ما سيكون لذلك من انعكاسات إيجابية على سلاسل الإمداد وحركة التجارة الدولية وحتى أسعار الطاقة.

وأكد إسماعيل أنه معنى أن تستعيد الصين عجلة الإنتاج، فإن ذلك يقود إلى زيادة الطلب على الطاقة من هذا الاقتصاد الضخم، وبالتالي تتحرك أسواق الطاقة عالميا، وكذلك تنتعش حركة التجارة الدولية، وعلى المستوى الداخلي فبالتأكيد هذه الإجراءات سيكون لها انعكاسات على الشركات التي ستعود للعمل بكامل طاقتها وستعود لدفع الرواتب، وتعود الحياة لطبيعتها بالصين بما يعنيه من تأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي.

لماذا كانت سياسة صفر كوفيد؟

الباحث في جامعة ووهان الصينية، محمد فريشح قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه لا شك في أن الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الصين لمواجهة وباء كورونا هي الأشد بين دول العالم، خاصة أن الصين لديها تاريخ في مكافحة تفشي الأوبئة مثل سارس، وأنفلونزا الخنازير وغيرها، وخلال العقود الأخيرة طورت الصين منظومتها الصحية لتصبح عالية الكفاءة وبها العديد من التخصصات الدقيقة إلى جانب الرعاية الصحية للمواطنين، ما انعكس بشكل واضح على متوسط الأعمار في الصين حيث كان 55 عاما في 1970 وأصبح حوالى 76 عاما في 2020، طبقا لموقع "استاتيستا".

وأضاف أنه إلى جانب ذلك، فإن سياسة الطفل الواحد التى اتبعتها الصين لعقود بهدف التحكم في النمو السكاني ثم ألغتها بداية عام 2016 أدت في نهاية المطاف مع ارتفاع متوسط الأعمار للأسباب سالفة الذكر، إلى التأثير على التركيبة السكانية وأصبح عدد كبار السن رقما كبيرا في المجتمع الصيني، وأنه من هنا تكمن مشكلة القيود التى فرضتها الحكومة الصينية والخاصة بمكافحة وباء كورونا للحفاظ على صحة مواطنيها خاصة كبار السن، والذين يعانون من أمراض مزمنة مرتبطة بتقدم العمر تمنعهم من تلقى جرعات لقاح كورونا، إلى جانب الأطفال الصغار الذين يخشى عليهم الإصابة نظرا لضعف مناعة الأطفال مقارنة بالشباب.

أخبار ذات صلة

أميركا تسعى إلى بث الدفء في العلاقات مع الصين
توقعات بارتفاع مبيعات السيارات في الصين 3 بالمئة في 2023

وتابع أن الإجراءات الاحترازية الصارمة لمكافحة وباء كورونا، كان لها تكلفة عالية جدا على الاقتصاد، وتحملت أغلبها الحكومة الصينية، مثل مسحة "بي سي ار" بشكل يومي خاصة في المدن التى تظهر فيها حالات إصابة، إلى جانب الإغلاق المتكرر الذي أدى لخسائر كبيرة سواء للحكومة الصينية أو أصحاب الأعمال، فضلا عن ارتفاع نسبي في أسعار السلع خاصة في أوقات الحجر الصحى، وساعد الحكومة الصينية في تحمل تلك الفاتورة الباهظة لمكافحة الوباء ما تملكه من احتياطي نقدى كبير الذي يتجاوز 3 تريليونات دولار أميركي.

وأوضح أنه في الصيف الماضي اتخذت الحكومة الصينية سياسة مرنة بفتح الحدود الصينية والسماح بالسفر للأجانب وعودة الطلاب الأجانب إلى الصين لاستكمال دراستهم، وبدأت ظهور حالات إصابة جديدة، ولكن لم تغلق الحكومة الحدود، بينما ظلت سياسات الحجر صارمة كما كانت، مما أدى إلى تململ الناس وظهرت بعض الاحتجاجات على هذه القيود وإجراءات الحجر التى يراها البعض أنها مبالغ فيها ويجب اتخاذ إجراءات أكثر مرونة.

أخبار ذات صلة

خطوة جديدة من الصين لتخفيف سياسة "صفر كوفيد"
سعي صيني لتسوية صفقات الطاقة باليوان مع دول الخليج

وحسب فريشح، انعكست القيود المفروضة بالصين على الوضع الاقتصادي الداخلى والخارجي، حيث أثناء الاغلاق كان يحظر نقل البضائع من المدن عالية أو متوسطة الوباء إلى المدن الأخرى، وهذا بدوره قيد الطلب وأدى إلى حالة كساد اقتصادي، وعلى الجانب الآخر المناطق التى يتم فرض الحجر الصحى عليها تتأثر بحركة العمال من والى المصانع ومن ثم حركة التجارة الداخلية والخارجية وأيضا الخدمات اللوجيستية، وقد ظهر هذا التأثير جليا بانكماش في الصادرات والواردات الصينية في نوفمبر الماضي.

وأوضح أنه مع الإعلان الأخير للحكومة الصينية للتعامل بمزيد من المرونة في إجراءات مكافحة الوباء مع حث المواطنين على اتخاذ تدابير الحماية الشخصية وتعهد الحكومة بالحفاظ على صحة كبار السن ومكافحة الوباء، فلا شك أن هذه الاجراءات التخفيفية ستنعكس ايجابيا على الجانب الاقتصادي، ولكنها ليست كافية للتعافي الكامل حيث أن هناك عوامل أخرى خارجية أثرت على الاقتصاد الصيني، منها الحرب الروسية الاوكرانية، وارتفاع نسبة التضخم ورفع الفيدرالى الأمريكي لنسبة الفائدة عدة مرات.

وأكد أنه رغم كل ذلك فهناك عامل مهم يجب أخذه في الاعتبار وهو تراجع سعر صرف اليوان مقابل الدولار، وهذا قد يخدم الاقتصاد الصيني في التعافى السريع حيث يعتمد الاقتصاد الصيني على الصادرات بشكل كبير مما قد يؤدي الى تحسن نسبي لاحقا، سينعكس بالقطع على جميع أسواق العالم، خاصة أن لجنة مكافحة الوباء في الصين تنعقد بشكل دوري وتدير المنظومة بشكل ديناميكي، حيث سيتم تقييم نتائج هذه القرارات وبناء عليها قد تفرض إجراءات أكثر مرونة.

آليانز تريد: رفع قيود كورونا بالصين سيحفز اقتصادات الخليج