لطالما اعتبر الراتب المرتفع من أبرز الأولويات التي يضعها الموظفون نصب أعينهم، للحصول عليها في عملهم، ولكن يبدو أن هذا الواقع تغيّر، وباتت هناك أولوية أخرى تتشارك مع الراتب المرتفع، المرتبة الأولى في قائمة أولويات الموظفين.
فبحسب مسح جديد أجراه موقع بيت.كوم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رأى 59 بالمئة من المستطلعين، أن الراتب المرتفع والتأمين الصحي متساويان من حيث الأهمية، فيما رأى 28 أن الحصول على تأمين صحي، يعدّ أكثر أهمية من الحصول على راتب مرتفع، بينما يعتقد 13 بالمئة أن الراتب هو الأكثر أهمية بالنسبة لهم.
التأمين ثم الراتب
وتقول عُلا حداد، المديرة الإدارية للموارد البشرية في بيت.كوم في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الراتب المرتفع لم يعد العامل الوحيد المهم بالنسبة للمهنيين في المنطقة، فقد أصبح الكثير منهم يركزون على أمور أخرى متعلقة بالصحة العامة، أهمها الحصول على التأمين الصحي، مشيرة الى أن هذا الواقع الجديد، قد تكون سببه التكاليف المرتفعة نوعاً ما، لتلقي العلاج والدعم الطبي في المنطقة.
وأشارت حداد الى أن الصحة والرفاهية أصبحت إحدى أهم الأمور بالنسبة للموظفين والباحثين عن عمل، إذ أظهر مسح بيت.كوم أيضاً أن 94 بالمئة من المشاركين، يسعون الى ممارسة الرياضة بانتظام واتباع نظام غذائي صحي، في حين أكد 84 بالمئة أنهم على استعدادهم لممارسة المزيد من التمارين الرياضية إذا كان مركز عملهم يحوي نادٍ رياضي أو خصومات على الاشتراكات.
وأكدت حداد أن الصحة النفسية والبدنية الجيدة لا تنعكس إيجاباً على الموظفين فحسب، بل أيضاً على أصحاب العمل، حيث أن الموظفين الذين يتمتعون بصحة جيدة، يعدّون بين الأكثر إنتاجية ونجاحاً وحماساً في عملهم، كما أنهم أقل عرضة لارتكاب الأخطاء، ومن هذا المنطلق فإن دور أصحاب العمل في تعزيز خدمة الاستشفاء لموظفيهم سينعكس إيجاباً على الشركة ككل.
انعكاس للمجتمع
من جهته يقول الأستاذ والمحاضر الجامعي لمادة التأمين جهاد فيتروني في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الحصول على تأمين صحي بات أولوية بالنسبة للمجتمع ككل، مشيراً إلى أن نتيجة المسح التي أظهرت مدى أهمية التأمين الصحي بالنسبة للموظفين، تأتي كانعكاس لما يعيشه المجتمع في المنطقة، في ظل عدم قدرة عدد من الدول على تأمين التغطية الصحية المجانية لمواطنيها، إضافة الى ارتفاع أسعار الخدمات الطبية المختلفة.
ويكشف فيتروني أن التأمين الصحي بات يستخدم كوسيلة من الشركات للحفاظ على موظفيها وأداة لجذب موطفين جدد، مشيراً الى أن توفير التأمين الصحي كميزة، يجعل من الشركة أكثر تنافسية ويساعدها على توظيف كوادر أفضل، ويخلق حالة من الرضا عند الموظفين الذين يشعرون أن هناك من سيتحمل عبء مصاريف العلاج والدواء، في حال حصل أي مكروه.
ويشرح فيتروني أن انتشار الأمراض الخطيرة بشكل كبير، إضافة إلى انتشار فيروس كوفيد-19، عززا التوجه نحو إيلاء الناس أهمية أكبر للتأمين الصحي، وحتى الاهتمام بصحتهم بشكل أفضل من السابق، فما حصل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، أثبت للكثيرين أن الصحة هي الأولوية القصوى، وبالتالي بتنا نرى أن الموظف يركز كثيراً على الناحية الصحية، إلى جانب الراتب.