اتفق خبيران تحدثا لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على أن روسيا ستجد مخرجا سريعا من أزمة فرض أوروبا حظرا على خدمات تأمين ناقلات النفط الروسي، وأن الشركات الغربية نفسها ستعاون روسيا على الحل لتخفيف وطأة أزمة الطاقة في القارة العجوز.
- وتواجه عمليات نقل النفط الروسي بحرا أزمة كبيرة مع بدء سريان الحظر الأوروبي على النفط الروسي، في موازاة وضع سقف للسعر لا يتجاوز ستين دولارا، بحيث يُمنع على دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا تقديم أي خدمة لناقلات النفط المحملة الخام الروسي، ويشمل ذلك تأمينها.
- منذ الأول من ديسمبر بدأت تركيا تطالب ناقلات النفط التي تريد عبور مضيقي البوسفور والدردنيل اللذين تشرف عليهما أنقرة، بوثائق تأمين جديدة، بعدما قررت الشركات الدولية إلغاء تأمين العديد من الناقلات بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، حيث أن دول مجموعة السبع تستحوذ على نسبة تسعين بالمئة من بوالص التأمين للشحنات العالمية.
- موقع "ذي تانكر تراكر" المتخصص ذكر صباح الأربعاء أن شحنات الخام الروسية التي تصدّر بحرا انخفضت إلى النصف في الساعات الـ48 الأخيرة.
روسيا ستنفذ المطلوب دون خضوع
الباحثة في العلاقات الدولية بمدرسة الاقتصاد العليا في موسكو، لانا بدفان، قالت لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه بالفعل نتج عن قرار حظر النفط الروسي مع تحديد سقف سعره، تكدس العديد من السفن بمضيقي البوسفور والدردنيل التركيين، لأن تركيا ملتزمة بالاتفاقية الدولية لمراقبة المرور البحري إلى البحر الأسود، وعليها الالتزام بالقرارات الدولية في هذا الشأن.
وأضافت أن تركيا مضطرة أن تطلب تأمينات جديدة لأية سفن عابرة، وبالتالي فعلى شركات النفط الروسية أن توفر عقود جديدة لتأمين السفن وحمايتها من الضرر، وأن تشتمل تلك العقود أيضا تحديد سعر النفط بأقل من السقف الذي وضعته أوروبا وهو 60 دولارا للبرميل الخام.
وتابعت أن روسيا ليس أمامها إلا توفير عقود التأمين هذه وتشمل تحديد السعر، وروسيا بالفعل تبيع النفط طوال الوقت لتركيا والصين والهند بأقل من 60 دولارا للبرميل، وتحديد السعر لا يعني أن روسيا خضعت للقرار الأوروبي، لأنها منذ زمن تبيع للدول الأسيوية بسعر أقل من القارة الأوروبية، ومن ثم فالمسألة ستكون مجرد معاملات قانونية جديدة تجريها روسيا الآن مع ناقلاتها البعيدة عن التعاون مع الناقلات الغربية.
وشددت بدفان على أن روسيا لديها مشكلة أخرى تتعلق بأن عدد السفن والناقلات النفطية لديها أقل كثيرا مما تمتلكه أوروبا، وبالتالي فإما أن تشتري روسيا ناقلات جديدة أو تستمر في التعامل مع الناقلات الغربية بعقود قانونية جديدة توفر التأمين وتحدد السعر.
وأوضحت أن تركيا مضطرة لطلب عقود التأمين هذه لأنها فضلا عن كونها ملتزمة باتفاقية دولية، فهي تزيل عن نفسها أية شبهات بأنها تشارك الصين في تخفيف وطأة العقوبات على روسيا أو أنها شريك لروسيا، ومن ثم فروسيا ستعمل على توفير عقود التأمين والسعر لتجنيب تركيا أية عقوبات وأيضا باستكمال تعاملاتها التجارية واستمرار تصدير النفط الروسي.
- مضيقا البوسفور الذي يربط البحر الأسود ببحر مرمرة، والدردنيل الذي ينتهي في بحر إيجه يشكلان طريق مرور إلزامية لناقلات النفط الآتية من روسيا، وكذلك للسفن التي تتولى منذ الصيف الفائت نقل الحبوب الأوكرانية في إطار اتفاق بين أوكرانيا وروسيا رعته تركيا والأمم المتحدة.
- وبموجب اتفاق مونترو العائد الى العام 1936، تراقب تركيا الحركة الملاحية في المضيقين المذكورين، ومنذ 2002، تلزم أنقرة أي سفينة تعتزم عبورهما أن تكون مشمولة بتأمين تحت طائلة منعها من المرور.
الطلب المتزايد سيؤدي للحل
الأستاذ بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، رامي القليوبي، قال في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن خطورة المسألة تكمن في أن قرار سقف السعر والحظر يبدو للوهلة الأولى قاصرا على دول الاتحاد الأوروبي ودول الكتلة الغربية، ولكنه فعليا يعيق نقل النفط الروسي حول العالم، بسبب طلب معظم الدول وثائق تأمين على ناقلات النفط مثل ما تطلبه تركيا.
ولكن القليوبي، أكد أن السوق في نهاية الأمر تخضع للعرض والطلب، بالنظر لكل الضغوط التي تعرضت لها روسيا فقد تمكنت في الأشهر الأخيرة من تحقيق مبيعات ضخمة من النفط إلى الصين والهند ونافست دول كبرى منتجة للنفط، ومن ثم فبالتدريج ستجد روسيا حلا للأزمة الحالية، وستعمل للالتفاف على هذه العقوبات من خلال تقديم خصومات على النفط الروسي، والنفط الروسي بالأساس أرخص من خام برنت، بسبب احتوائه على نسب أعلى من الكبريت، وفي نهاية نوفمبر الماضي كان يباع بسعر 52 دولارا للبرميل.
وتابع أن روسيا حتى إن خفضت السعر لأقل من ذلك فهي لن تكون خاسرة، لأن الميزانية الروسية خلال الأعوام الماضية تم وضعها على أساس سعر يتراوح ما بين 40 و45 دولارا للبرميل، وكانت روسيا تودع الفوائد النفطية في الأصول الغربية والتي تمت مصادرتها في النهاية، ومن ثم فإذا قدمت روسيا خصومات على النفط فهي لن تخسر وستدفع المشترين للبحث عن سبل لتوفير وثائق تأمين لناقلات النفط الروسي، وستجد روسيا هكذا حلولا تدريجية.
وأشار إلى أنه من الحلول التي ستلجأ إليها روسيا أيضا تغيير منشأ النفط، ففي حالة الغاز ستعمل روسيا على إنشاء مجمع للغاز في تركيا ليصبح الغاز الروسي وكأنه تركي، وبالتالي تكون تلك آلية بديلة للإفلات من العقوبات الأوروبية والغربية، وإذا كان الغرب لم يتمكن من حظر كامل للنفط الفنزويلي والإيراني من السوق العالمية، فإنه لن يتمكن من إبعاد دولة بحجم روسيا من إمدادات الأسواق العالمية، أما بالنسبة لموقف تركيا وطلبها وثائق تأمين من ناقلات النفط الروسي فيعني أن تركيا ليست حليفا لروسيا وإنما شريك تجاري ويمكن أن تتخلى عن موسكو في حال حصلت على عرض أفضل من أوروبا.
وأكد في الوقت ذاته أن مسألة حظر النفط الروسي ستؤثر بالقطع على المنظومة الغربية بالسلب، وستؤدي لارتفاع أسعار الطاقة بشكل أكبر، ومن ثم فلابد أن الغرب نفسه والشركات الغربية ستبحث عن مخرج من هذه الأزمة قبل روسيا نفسها، بالإضافة إلى أن الغاز الروسي يتم نقله في الأساس عبر الأنابيب ولن يتأثر كثيرا بقرار الحظر.