أبدت الجزائر في السنتين الأخيرتين، اهتماما كبيرا بالمؤسسات الناشئة باعتبارها إحدى المجالات الخلاقة للثروة ومناصب الشغل للشباب وتحقيق التنمية الإقتصادية في البلاد.
ومنذ استحداث وزارة جديدة خاصة بالمؤسسات الناشئة في أول حكومة تم تشكيلها بعد انتخابات 2019، عملت هذه الدائرة الوزارية منذ أول يوم على مرافقة الشباب الجزائري الباحث عن ولوج ميدان الإبتكار سعياً للإندماج في اقتصاد عالمي خرج من طبيعته التقليدية وتوجه نحو التحول التكنولوجي والرقمنة بقيادة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
اقتصاد المعرفة.. رهان جديد
تبحث الجزائر على الريادة وسط البلدان المبتكرة والمعتمدة على اقتصاد المعرفة في إفريقيا وفي منطقة الشرق الأوسط، ولكسب الرهان عرف قطاع المؤسسات الناشئة استثمارات بلغت حوالي 500 مليون دولار.
واعتبر المستشار المدرب في المؤسسات الناشئة، عز الدين شيباني في حديثه مع "موقع سكاي نيوز عربية" أن "الميكانزمات المالية المرافقة من أنماط التمويل منها الإعفاءات الضريبية تشكل حافزا أمام الشباب المقاول خاصة الجامعيين للولوج بقوة إلى هذا الميدان".
وقد جسدت الحكومة منذ سنتين، خطة على الميدان من خلال تطوير نظام بيئي ملائم لازدهار هذه الشركات، علاوة على خلق قناة لتمويل هذه المشاريع تتمثل في الصندوق الوطني لتمويل المؤسسات الناشئة الذي أنشأ نهاية سنة 2020.
فيما تم إدخال المؤسسات الناشئة في ميدان البحث بالجامعات الجزائرية، وأصبح بإمكان الطلبة المقبلين على إنجاز مذكرات التخرج في الماستر أو مهندس أو أطروحات الدكتوراه في إطار آلية "شهادة- مؤسسة ناشئة" الإستفادة من مزايا من بينها الحصول على وسم "مشروع مبتكر" أو"مؤسسة ناشئة".
الشباب الجزائري والمقاولاتية
وفي هذا الشأن، يرى رئيس المنتدى الجزائري للشباب والمقاولاتية، محمد عبد السلام أنه "منذ سنتين تقريبا تحرك الجهاز التنفيذي لتطبيق مخطط وطني حول المؤسسات الناشئة خاصة فيما يخص تمويلها، حيث تم استحداث صندوق لتمويل المؤسسات الناشئة، وكذا حث المؤسسات الاقتصادية لتبني أفكار أصحاب هذه المؤسسات".
وأفاد رئيس المنتدى الجزائري للشباب والمقاولاتية لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن "هذه الإجراءات أحدثت توجها ملحوظا نحو خلق المؤسسات الناشئة وتمويلها، ولاحظنا العديد منها تحصل على علامة "لابل مؤسسة ناشئة" (label startup) بامتياز"، ودعا المتحدث إلى "ضرورة تقوية تدفق الأنترنت من أجل نجاح هذه المؤسسات التي يعتمد معظم نشاطها على النت".
وبخصوص أهم المجالات التي اهتم بها شباب المؤسسات الناشئة بالجزائر في الفترة الأخيرة، لخصها محمد عبد السلام خلال تعليقه في "التطبيقات التي تُسهل التجارة الإلكترونية وكذلك مجال الرقمنة، زد على ذلك اختراعات حديثة في مجال العتاد شبه الطبي وقطاعات أخرى لها علاقة بفئات خاصة في المجتمع".
إستراتيجية إفريقية موحدة
ومن أجل تعزيز دور المؤسسات الناشئة في إفريقيا، وتسهيل انتشارها وولوجها إلى مصادر تمويل إقليمية، احتضنت الجزائر على مدار يومين، المؤتمر الإفريقي الأول للمؤسسات الناشئة.
وعرف الحدث مشاركة أكثر من 600 مؤسسة ناشئة، ومسؤولين ووزراء وخبراء في مجال الابتكار والمقاولاتية من عدة دول إفريقية.
ومن بين التوصيات التي خلص إليها المشاركون، إطلاق إستراتيجية إفريقية موحدة في مجال المؤسسات الناشئة وسنّ قوانين خاصة بهذا النمط من الكيانات الاقتصادية، وكذا تشجيع الشراكة العمومية والخاصة في هذا الميدان.
وبحسب الخبير والمستشار في المؤسسات الناشئة وحاضنات الأعمال، عز الدين شيباني، فإن "الجزائر لديها تجربة أولية في هذا الميدان، وهي تبحث عن فرص احتكاك مع تجارب إفريقية ذات رصيد في مجال نشاط المؤسسات الناشئة".
واعتبر عز الدين شيباني لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن "هذا المؤتمر فرصة للجزائر لاستحداث صندوق استثمار إفريقي لتمويل هذه الشركات الناشئة"، مشيرا إلى وجود بعض الهيئات الإقليمية التي أصبحت تفكر في دور للأمم المتحدة سنة 2023 بخصوص تمويل مشاريع حاضنات عالمية من أجل إيجاد فرص للدول السائرة في طريق النمو لترقية أداء مؤسساتها الناشئة.
وأفاد الخبير ذاته، إلى أن "الشركات الناشئة في إفريقيا وصلت إلى تمويل 1.24 مليار دولار سنة 2019، كمرحلة أولى من خلال صناديق استثمارية أوروبية وأمريكية وغيرها".
للإشارة، تسعى الجزائر أيضاً إلى تبادل الخبرات مع الدول الإفريقية عبر اجتماع عقد بالجزائر العاصمة، للوزراء الأفارقة المكلفين بقطاع المؤسسات الناشئة، بمشاركة 35 دولة، من أجل دراسة سبل التعاون لتطوير هذا القطاع في القارة.
كما نظمت يوم الخميس الماضي، بباماكو، مائدة مستديرة حول التعاون بين الجزائر ومالي في مجالي الرقمنة والمؤسسات الناشئة، وذلك بمشاركة 100 متعامل وفاعل في هاذين المجالين، وقد سمحت النقاشات ببروز أفكار متطابقة من بينها الدعوة لإنشاء بنك لتمويل المؤسسات الناشئة وترقية المشاريع المشتركة.