عند الحديث عن الملاذات الآمنة فإننا نعني هنا الأصول والأدوات المالية، من عملات وسلع وأيضاً أسهم، مثل الأسهم الدفاعية التي تزيد قيمتها وقت التوترات أو على الأقل تحافظ وتسجل أداء قوياً، يتفوق بشكل واسع على بقية الأسهم.
وفي أوقات الأزمات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية العالمية نرى نزوحا كبيرا للسيولة إلى هذه الأدوات.
في السنوات الأخيرة مع صعود نجم العملات المشفرة استطاعت جذب قسم كبير من جمهور الذهب إليها، وخصوصاً الشباب والمراهقين والذين وجدوا نوعا من الحرية المالية، حيث تمكنت أسعار عملات الكريبتو من تسجيل ارتفاعات صاروخية العام الماضي.
ولكن مع الذي حصل في الفترة الأخيرة من انهيارات وعمليات إفلاس لمنصات عالمية مثل FTX، أدى كل ذلك إلى إصابتهم بخيبة أمل كبيرة، في المقابل ارتفاعات المعدن الأصفر التي سجلها في الشهر الماضي، استطاع فيها لفت أنظار مزيد من المستثمرين واهتمامهم، بالتالي استطاع أن يستعيد بعضاً من جمهوره السابق.
لكن قوة الدولار ومعدلات التضخم العالية، ورفع معدلات الفائدة وتصريحات أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي حول السياسة النقدية وتعليقاتهم المستمرة، كل ذلك أدى إلى عدم وجود انطلاقة قوية لأسعار الذهب، والتي تجد صعوبة في استعادة مستويات 2000 دولار، التي وصلت اليها في السابق مع تضخم عادي، أما حالياً فالأسعار فوق 1800 دولار مع مستويات تضخم هي الأعلى منذ 40 عاما في الولايات المتحدة، وتسجل أيضاً أرقاماً قياسية في القارة الأوروبية.
أما على جبهة العملات المشفرة، ومع الهدوء الذي حصل بعد الضربة التي تلقتها، توجد حيرة كبيرة في الاتجاه المستقبلي لها، فمثلاً هناك تناقض كبير بين معسكرين، فعدنا نسمع من بعض كبار مديري الصناديق العالمية عن أهداف للبتكوين عند ربع مليون دولار ومليون دولار بعد سنوات من الآن، وفي المقابل هناك فريق يقول إن بتكوين ستتجه بالتأكيد إلى مستويات متدنية جديدة، أولها عند 10 آلاف دولار، وطبعاً هناك دائماً الفريق الذي حذر في السابق من خطورة التعامل مع هذا النوع من العملات، مع احتمال خسارة رأس المال كاملا، عاد واغتنم فرصة انهيارات سوق الكريبتو ليذكر ويؤكد تصريحاته السابقة.
هذا الصراع بين الذهب وبتكوين سنرى إلى أين سيؤدي في الأشهر المقبلة، خصوصاً إذا حصل هدوء في معدلات التضخم وتراجع في مستويات الدولار ومدى تأثير ذلك على أسعار الذهب.