قدم الدولار الأميركي خلال العام الجاري أداء منفرداً واستثنائياً أمام باقي العملات الأخرى، إذ ارتفع منذ بداية العام الجاري ولغاية شهر أكتوبر الماضي بنسبة وصلت إلى 16 بالمئة.
ولكن جملة واحدة من جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قلبت الموازيين عندما أشار في بداية شهر نوفمبر الجاري إلى أن معدل رفع الفائدة قد يقل في اجتماع ديسمبر المقبل، إذ أشارت البيانات الاقتصادية إلى أن التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى له منذ عقود قد بدأ بالتراجع.
ومن المقرر أن يلقي رئيس الفيدرالي جيروم باول كلمة عن الآفاق المستقبلية للاقتصاد الأميركي وسوق العمل في فعالية بمعهد بروكينجز الأربعاء المقبل والتي من المرجح أن تعطي مزيداً من المؤشرات لتوقعات السياسة النقدية الأميركية.
ويؤكد رائد الخضر محلل الأسواق العالمية أن الفترة الماضية لم تكن سهلة على الدولار الأميركي، فقد قدم خلال شهر نوفمبر الجاري أكبر تراجع له منذ شهر سبتمبر من العام 2010 وقبيل اختتام تعاملاته الشهرية، بنسبة تجاوزت 5 بالمئة، ليشكل مستوى 105 التحدي القادم للعملة الخضراء.
لماذا تراجعت العملة الخضراء؟
ويشرح الخضر في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" سبب تراجع العملة الخضراء: قائلاً: "في الثاني من نوفمبر أشار جيروم باول خلال مؤتمر صحافي إلى احتمالية تخفيف وتيرة رفع أسعار الفائدة أذا أشارت البيانات الاقتصادية القادمة أن سياسة الفيدرالي التشديدية بدأت تؤتي ثمارها وبدأ التضخم بالتراجع وذلك بعد إعلان سعر الفائدة الفيدرالية التي وصلت إلى نطاق 3.75 بالمئة- 4.00 بالمئة.
وكان مكتب الإحصاءات الأميركي قد أصدر قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الذي أشار إلى أن التضخم تراجع من مستوى 8.2 بالمئة إلى 7.7 بالمئة في شهر أكتوبر على أساس سنوي وهو أقل مستوى منذ مارس 2022، ما ادخل الأسواق في حالة من التفاؤل وتراجع الدولار جراء تلك البيانات بنسبة أكثر من 2 بالمئة وأغلق دون مستوى 108 نقاط لأول مرة منذ شهر سبتمبر الماضي.
لايزال الوقت مبكرا للتفاؤل
"لايزال الوقت مبكرا للتفاؤل" بهذه الكلمات عبر بعض أعضاء الفيدرالي الأميركي عن أن الأسواق بالغت بردة فعلها وأنه لايزال وقت إطلاق الأحكام مبكراً، فبالنظر إلى المستوى الذي وصل اليه التضخم ربما يعد إنجازاً، ولكن لايزال ضمن مناطق مرتفعة وبعيدة عن المستوى المستهدف للفيدرالي الأميركي عند 2 بالمئة.
ويضيف محلل الأسواق العالمية الخضر "في الفترة الأخيرة تفاعلت الأسواق بشكل كبير مع مخاوف التضخم والركود، ولكن الخوف الحقيقي لا يكمن بارتفاع التضخم، ولكن بما يعرف في التضخم الوجودي، وهو استقرار مستويات التضخم لفترة طويلة ضمن نطاق معين ومرتفع، وبالنظر إلى بيانات أسعار المستهلكين نجد أنه آخر خمسة أشهر، استقر التضخم بالقرب من مستوى 8 بالمئة، فتتجه مخاوف الاقتصادين حالياً إلى أن التراجع بوتيرة رفع أسعار الفائدة قد يخلق صدمة لدى الأسواق العالمية.
رغم ذلك يصمد الدولار بالقرب من مستوى 105!
وفقاً للخضر فإنه "منذ بداية تعاملات مطلع الأسبوع استقر الدولار الأميركي بين نطاق 105 و106 نقاط تقريباً ويبدو أن العملة الخضراء تتنظر حديث السيد "باول" في واشنطن هذا الأسبوع، وستبدأ الأسواق في البحث عن إشارات جديدة لخطوة البنك المقبلة في اجتماع شهر ديسمبر، رغم أن محضر الفيدرالي أشار بشكل واضح إلى الميل نحو تخفيف وتيرة رفع أسعار الفائدة لتصل إلى 50 نقطة أساس، ولكن لن يخلو هذا الأسبوع من البيانات الاقتصادية والأحداث المهمة، حيث تترقب الأسواق تقرير الوظائف الأميركي في كل من القطاعين الخاص والحكومي والذي يعد التقرير الأخير قبل اجتماع الفيدرالي المنتظر في الرابع عشر من ديسمبر، لذلك من المهم مراقبة الأرقام عن كثب لأن الفيدرالي سيفعل ذلك بالفعل".