تراهن الجزائر على تنويع مصادر الطاقة خاصة المتجددة، من بينها إنتاج الطاقة الكهربائية بقدرة طرح يومية تبلغ 10 آلاف ميغاواط في السوق الإقليمية معتمدة على موقعها الجغرافي المتميز والقريب من أوروبا.

واستنادا لتجربتها في توريد الغاز إلى الشركاء الأوروبيين وإمكانياتها الطاقية الكبيرة، تبحث الجزائر في ظل المتغيرات التي يشهدها السوق الدولي للطاقة للتموقع كرقم صعب في معادلة "الطاقة الكهربائية" في منطقة البحر الأبيض المتوسط والتحول إلى "مورد آمن وموثوق للكهرباء".

الكهرباء النظيفة

وبلغة الأرقام، توفر الجزائر كبلد منتج للكهرباء قدرة إنتاج تزيد على 25000 ميغاواط، بمتوسط حاجة يبلغ 12000 ميغاواط، وذروة لا تتجاوز الـ17000 ميغاواط.

هذه المؤشرات تتيح للجزائر طرح قدرة يومية تبلغ 10000 ميغاواط في السوق الإقليمية، وبحسب وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب فإنه "مع تجسيد برنامج تنمية الطاقات المتجدّدة يمكن رفع هذه القدرة بمقدار 15000 ميغاواط من الكهرباء النظيفة".

أخبار ذات صلة

الجزائر ترفع ميزانية الدفاع لعام 2023 بأكثر من الضعف
الجزائر ستمد سلوفينيا بالغاز عبر خط "ترانسميد"

ووفق الخبير الدولي في مجال الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة، علي شقنان فإن الجزائر تحولت إلى قبلة للأوروبيين من أجل تجسيد شراكات استراتيجية طويلة الأمد، ليس فقط في مجال الإمداد بالغاز الطبيعي وإنما تتعداه إلى مجالات الطاقات المتجددة منها إنتاج الهيدروجين الأخضر وتسيير النفايات.

وأكد الخبير الدولي في ميدان الانتقال الطاقي، علي شقنان في اتصال مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن "هناك عروضا واتفاقيات متنوعة موقعة مع الجانب الجزائري للاستفادة من الإمكانيات الطاقية الهائلة التي تزخر بها البلاد"، موضحا أن "هذا التوجه أصبح يشكل تحديا استراتيجيا وأولوية بالنسبة للجزائر، لأن الطاقة محفز كبير لأي ديناميكية تنموية في البلاد".

وخلال مؤتمر نظمه مجمع "سونلغاز" الجزائري مؤخرا، تحت شعار "الربط الكهربائي في حوض البحر الأبيض المتوسط، عامل للتكامل الإقليمي ومحفز للانتقال الطاقي"، دعت الوزيرة الجزائرية للبيئة والطاقات المتجددة، سامية موالفي إلى التجسيد الفعلي لربط الشبكة الكهربائية لجميع الدول المتوسطية ما يسمح بفتح سوق متوسطي للطاقة، مشيرة إلى القدرة "الهامة والهائلة" في الطاقة المتجددة لاسيما الشمسية منها على مستوى دول الضفة الجنوبية.

الطاقة الشمسية, مستقبل النقل من أوسع أبوابه !

وفي هذا الشأن، يقول الخبير علي شقنان إن "إنتاج الجزائر من الطاقة الكهربائية يلبي احتياجات الداخل، وبالتالي يمكن للفائض منه أن يُصدر إلى إيطاليا عبر كابل بحري، ضمن استراتيجية التعامل مع الاتحاد الأوروبي في مجال توسيع الشراكات خارج الغاز الطبيعي".

من جهته، يرى مدير مؤسسة الدراسات الاقتصادية، حمزة بوغادي أن "الجزائر في موقع ممتاز بفعل المتغيرات الجيوستراتيجية التي طرأت على سوق الطاقة، فمع ارتفاع الأسعار وندرة مصادر التموين والضغط المتزايد لتأمين الحاجيات الطاقية، وجدت الجزائر نفسها محط كل الأنظار بسبب القرب الجغرافي من أوروبا وموثوقيتها في التزاماتها التعاقدية، علاوة على هياكلها القاعدية وخبرتها".

أخبار ذات صلة

"تمدد الصيف" في الجزائر يخلط الفصول.. ويربك تجار الألبسة
الجزائر.. مبادرة سياحية تنتشل "الحايك" من غياهب النسيان

وأفاد الدكتور بوغادي أن الجزائر تطمح إلى تنويع وزيادة مداخيلها من تصدير الطاقة إضافة إلى البحث عن أسواق جديدة تعزز من مكانتها الاقتصادية، ويتناسب هذا الطموح مع مشروعها الاقتصادي المصمم على بناء اقتصاد متنوع قائم على الاستدامة في النمو.

الطاقة الشمسية.. المستقبل

من المعروف أن الجزائر شرعت في تنفيذ خطة لتطوير الكهرباء من المصادر المتجددة، تتضمن إنتاج 15 ألف ميغاواط في غضون 2035، ضمن رؤية استراتيجية لتنويع مصادر الطاقة.

وبحسب خبراء تتميز الجزائر بإمكانات هائلة في مجال استغلال الطاقة الشمسية، مع تشميس يمكن أن يبلغ 3900 ساعة سنويا بالصحراء الجزائرية الكبرى التي تغطي نسبة كبيرة من مساحة البلاد.

وتولي الجزائر أهمية كبيرة لمشروعها الحيوي "سولار 1000 ميغاواط" لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ويهدف المشروع لإنتاج 15000 ميغاواط من الكهرباء في آفاق 2035.

وقد تم الشروع في الشطر الأول من المشروع بسعة 1000 ميغاواط، إذ تم اختيار الأرضية لإنجاز 5 محطات شمسية كهروضوئية بخمس ولايات من الجنوب الجزائري.

وحول هذا المشروع، يقول الخبير الدولي، علي شقنان إن "لديه ثلاثة أبعاد تتمثل في البعد الاجتماعي والبيئي والاقتصادي بأثر إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني، في وقت يتم تحقيق انتقال طاقي حقيقي نحو الطاقات المتجددة".

وفي الشأن ذاته، أبرز مدير مؤسسة الدراسات الاقتصادية، حمزة بوغادي أن "الجزائر تستحوذ على إمكانيات طبيعية تجعل منها مستقبل الطاقات المتجددة، فالصحراء الجزائرية من أكثر المناطق استقبالا لأشعة الشمس في العالم".