"أينما وجدت تجارة ناجحة فحتماً هناك من اتخذ قراراً شجاعاً".. عبارة شهيرة أطلقها الكاتب الاقتصادي الأميركي الراحل بيتر دراكر.
عبارة تبدو ملخصاً لما يدور في معقل أنفيلد الشهير حيث نادي ليفربول الإنجليزي هو التجارة الناجحة وقرار عرضه للبيع في هذا التوقيت من مالكيه مجموعة فينواي سبورتس يبدو قراراً شجاعاً.
ليفربول أشبه حالياً بالسلعة الرائجة التي يحوم حولها المستثمرون من كل صوب وحدب، وآخرهم بحسب التقارير الإنجليزية الملياردير الهندي موكيش أمباني الذي تبلغ ثروته 94.9 مليار دولار وهو رئيس مجلس الإدارة للتكتل الهندي الذي يُشكل مجموعة ريليانس إنداستريز المحدودة ومصنف كثامن أغنى رجل في العالم، وهي الشركة الرئيسية لتكتل مجموعة ريليانس الهندية للمواد والطاقة.
بعد أسبوع واحد فقط من إعلان مجموعة فينواي سبورتس
وهي المجموعة المالكة لنادي ليفربول نيتهم بيع النادي كاملاً وليس جزءاً منه أو حصصاً في أسهمه، فلا حديث في المدينة إلا عن مستقبل النادي الذي تأسس عام 1892، ومر بالعديد من المواقف التاريخية التي جعلته على رأس الأندية الأشهر والأكثر شعبية في العالم، وبالتالي هو واحد من أكثر الأندية التي يمكن لمالكيه تحقيق الأرباح من خلاله.
تدهور العلاقة بين الجماهير والإدارة
المحلل الرياضي المصري الشهير ياسر الشنواني، القريب من الكرة الإنجليزية بحكم تواجده في لندن منذ أكثر من عشر سنوات، صرح لسكاي نيوز عربية أن العديد من المستثمرين يريدون شراء نادي ليفربول خصوصا بعدما حقق الفريق العديد من البطولات في السنوات الأخيرة بالذات، فزادت قيمة النادي المالية حتى أن ملاكه الحاليين يريدون بيعه بـ 3.9 مليار جنيه إسترليني بعد أن اشتروه بما يقارب 300 مليون جنيه إسترليني وهو أمر يحسب لهم بعدما حققوا نجاحاً كبيراً رياضياً ومالياً خصوصاً أفوزه الفريق بلقب البريميرليغ بعد 30 عاماً ثم التتويج بدوري الأبطال.
لكن الشنواني كشف عن السبب الثاني الرئيسي في رغبة الملاك في بيع النادي والمتمثلة في تدهور العلاقة بينهم وبين جماهير ليفربول منذ موسمين بسبب عدم رضا الجماهير عن الصفقات التي أبرمها النادي، معتبرين أنها لم تكن كافية وغير مفيدة لاسيما في عدم ضم لاعبين في خطي الدفاع ونصف الملعب بجانب ما هو معروف عن الإدارة الحالية بعدم رغبتها في الإنفاق كثيراً، كما أن الاستغناء عن نجم السنغال ساديو ماني أحدث شرخاً كبيراً في العلاقة بين الجماهير والإدارة التي عمقت الفجوة مرة أخرى مع الجماهير بإقالتها للمدير الرياضي مايكل إدواردز المحبوب لدى جماهير الريدز بسبب قدرته الهائلة على ضم صفقات مميزة وبيع لاعبين لا يحتاجهم الفريق بمبالغ كبيرة.
ومضى الشنواني في كشف المزيد من الأسرار التي تعجل ببيع النادي، وهو رغبة إدارة النادي في وقت سابق من الحصول على العلامة التجارية للنادي لتكون ضمن شركتهم وهو الأمر الذي قوبل برفض شديد من الجماهير التي رفعت لافتات في المدرجات لفترة طويلة تطالب برحيل الملاك، مضيفاً أن عدم تحقيق النتائج المرجوة هذا الموسم يدفعهم نحو بيع النادي.
بداية فكرة البيع
لم تكن فكرة بيع النادي مطروحة من قبل كما هي عليه الآن، بل كان ملاك النادي يبحثون عن مستثمر خارجي للمشاركة في الأسهم، لكن استقر الحال على بيعه كاملاً قبل أقل من شهرين بعد أن وصلت القيمة التقديرية للنادي إلى 3.5 مليارات جنيه إسترليني وتشير التقارير الواردة من ليفربول أن مجموعة فينواي سبورتس جروب يسعون لبيع النادي برقم يصل إلى 4 مليارات جنيه إسترليني في حين أن آخر عرض وصل لهم حتى الآن هو ملياران ونصف المليار جنيه إسترليني.
سباق أميركي على شراء النادي
بجانب الملياردير الهندي موكيش أمباني، توجد أسماء رنانة في عالم المال والأعمال تقدموا في وقت سابق بعروض شراء النادي ومنهم الأميركيين ديفيد هاريس وشقيقه جوشوا مالكي شركة هاريس بليتزر للرياضة والترفيه وسبق ودخلت السباق على شراء نادي تشيلسي اللندني في بداية العام 2022.
وتتمتع الشركة بسمعة طيبة في الاستثمار الرياضي فهي المالكة لنادي فيلادلفيا 76 أحد أكبر الأندية في دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين، ولهما أيضاً نسبة 18 بالمئة من أسهم فريق كريستال بالاس الإنجليزي لكرة القدم.
وأبدى العديد من جماهير كريستال بالاس تخوفهم من إتمام الصفقة التي ستؤثر سلباً على فريقهم كما يقولون.
لكن ديفيد هاريس صرح لوسائل الإعلام قبل أيام: "في نهاية المطاف أنا أحب كريستال بالاس وكل من يعرفني يدرك ذلك جيداً لكن هناك عدد قليل من الفرق أصحاب العلامات التجارية العالمية ومنهم تشيلسي مثلاً عندما تقدمنا بعرض شرائه كان علينا أن نتخلى عن كريستال بالاس لو تحققت صفقة شراء تشيلسي".
اللاعب الأساسي الذي يعول عليه هاريس في إتمام الصفقة هو السير مارتن بروتونرئيس الخطوط الجوية البريطانية السابق والذي شغل منصب رئيس ليفربول في نهاية حقبة الملاك السابقين توم هيكس وجورج جيليت وساهم في إتمام الصفقة للملاك الحاليين وهو يقوم أيضا بنفس الدور في هذه المرحلة بين النادي وشركة هاريس بليتزر.
أميركي آخر دخل على خط الراغبين في شراء ليفربول هو الملياردير ستيفن باغليوكا، رئيس مشارك مجلس إدارة شركة باين كابيتال، التي تملك 130 مليار جنيه إسترليني من الأصول على مستوى العالم، وله أيضاً سمعة كبيرة في الاستثمار الرياضي فهو أحد الأربعة الذين يملكون ويديرون فريق بوسطن سلتيكس الأميركي لكرة السلة ويملك أيضاً فريق أتلانتا الإيطالي لكرة القدم.
تقارير متنوعة أشارت إلى رغبة الملياردير الأميركي ستيف بالمر الرئيس التنفيذي السابق لشركة مايكروسوفت في شراء النادي الإنكليزي وتبلغ ثروته 79.7 مليار دولار وهو مصنف كعاشر أغنى رجل على وجه الأرض.
ويملك سجلاً كبيراً أيضاً في الاستثمار الرياضي وفي نفس اللعبة كرة السلة الأميركية بعد أن فاز بصفقة شراء لوس أنجلوس كليبرز وكان سبباً مباشراً في إنقاذ الفريق من إخفاقات كبيرة تعرض لها قبل أن يستحوذ عليه في نوفمبر تشرين الثاني عام 2022.
أياً كان المالك الجديد للنادي فهو عليه مسؤولية كبيرة تتمثل في ضرورة إبرام تعاقدات كبيرة مع لاعبين من الطراز الرفيع في الانتقالات الشتوية المقبلة، بعد أن كشفت الأسابيع المنصرمة من الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم حاجة الفريق لتدعيم كبير ستكلف خزينة النادي مبالغ طائلة في يناير 2023.
مكاسب المستثمر الجديد
من أهم المكاسب التي سيحصل عليها المستثمرون الجدد للنادي عدم الإنفاق على البنية التحتية للنادي بعد أن استثمرت الإدارة الحالية في ملعب تدريب جديد وتم إدخال كافة التحسينات المطلوبة على ملعب أنفيلد.
وفي تصريح خاص لسكاي نيوز عربية، قال ليان بريسكوت صحفية مستقلة متخصصة في الكتابة عن ليفربول إن المستثمرين الأميركيين يرون قيمة كبيرة في الدوري الإنكليزي وأنديته وذلك بالنظر إلى الإيرادات التي يتم حصدها سنوياً سواء من عقود الرعاية المتنوعة وبيع منتجات الفرق والمبالغ الكبيرة التي يتم الحصول عليها من خلال المشاركات والفوز بالألقاب على المستوى المحلي أو القاري.
وتشير التقارير أيضاً إلى وجود مستثمرين عرب يرغبون في شراء النادي، تم الإشارة في بعض هذه التقارير إلى جهاز الإمارات للاستثمار وصندوق السيادة البحريني.
نادي ليفربول مصنف في قائمة مجلة فوربس في المركز العاشر ضمن قائمة أغنى الأندية في العالم والخامس في إنجلترا، وهو عضو مؤسس في مجموعة G14 للأندية القيادية في أوروبا التي تم استبدالها برابطة الأندية الأوروبية وتبلغ القيمة التسويقية للنادي 4 مليار و45 مليون دولار حسب فوربس.