هزة كبيرة تتعرض لها أسواق العملات المشفرة قد تكون هي الأعنف منذ نشأتها، كما أعادت للأذهان شبح انهيار عملة "تيرا لونا" التي أرهقت سوق الكريبتو منتصف العام الجاري.
فخلال الـ 24 ساعة الماضية، هوت قيمة العملات المشفرة السوقية، بنحو 12 بالمئة أو ما يعادل أكثر من 250 مليار دولار نزولاً من مستوى 1.06 تريليون دولار إلى 808 مليارات دولار، بضغط من خسائر عملتي FTT، وسولانا، المرتبطتين ببورصة التشفير FTX.
وتأتي هذه الانهيارات الضخمة بعدما قررت "بينانس" أكبر بورصة للعملات المشفرة عدم المضي قدماً في عرضها للاستحواذ على منافستها "FTX"، التي تواجه شبح الإفلاس، بعد عمليات سحب مكثفة من قبل العملاء مما عرضها لأزمة سيولة بحوالي 8 مليارات دولار.
دفعت هذه الاضطرابات إلى انهيار أكبر عملة مشفرة "بتكوين" إلى ما دون 16 ألف دولار للحظات قبل أن تسترد جزءا من الخسائر ليتم تداولها قرب مستويات 16200 دولار، إذ خسرت 12.3 بالمئة من قيمتها خلال آخر 24 ساعة، و20 بالمئة خلال آخر 7 أيام.
فيما انخفضت العملة المشفرة المرتبطة بـFTX، والتي يطلق عليها اسم (FTT Token)، بأكثر من 55 بالمئة يوم أمس، ونحو 90 بالمئة في الـ7أيام الأخيرة.
كما تراجعت شقيقتها "سولانا" أيضاً، والتي طورتها نفس المنصة، بنسبة 37 بالمئة إلى مستوى 14.7 دولار، لتضاف إلى خسائرها خلال الأسبوع الأخير، والبالغة 53 بالمئة.
وهبطت عملة "إيثريوم" 13.5 بالمئة، إلى مستوى 1140 دولارا، في ما تراجعت عملة "BNB"، المرتبطة ببورصة التشفير العملاقة "باينانس" بنسبة 17% إلى 271 دولارا، وتعد رابع أكبر عملة مشفرة من حيث رأس المال السوقي، والبالغ 43 مليار دولار.
ما تبعات انهيار FTX على سوق الكريبتو؟
معضلة FTX ألقت بظلالها كذلك على أسواق العملات المشفرة، وسط تنامي المخاوف من انتشار عدوى أزمة السيولة إلى منصات أخرى، أو بالأحرى فاقمت الأزمة من تدهور ثقة المستثمرين في الصناعة برمتها.
من جانبه، يرى الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في ATA Global Horizons، علي حمودي، أن مستقبل الأصول المشفرة يبدو قاتما، بعد أن تكبدت خسائر بنسبة تزيد عن 20 بالمئة خلال الأيام القليلة الماضية.
وأضاف أن مخاطر انتشار العدوى إلى فئات الأصول الأخرى قد تكون محدودة في هذا الوقت.
وتوقع حمودي أن تنخفض عملة بتكوين إلى 15 - 10 آلاف دولار، موضحا أن سوق العملات المشفرة يفتقر للسيولة الكافية في الوقت الحالي خاصة إذا حدثت موجة بيع مما سيعرض السوق لخطر حدوث خسائر كبيرة.
وتابع قائلا: "دعنا نتذكر عمليات البيع الهائلة للعملات المشفرة في مايو الماضي، والتي شهدت انخفاض سعر البتكوين بنسبة 36 بالمئة خلال أسبوع. مثل هذه الأشياء لا تحدث إلا إذا كان هناك نقص في السيولة".
كما أشار حمودي إلى أن انهيار العملة المشفرة يجب النظر لها كأحد أعراض جهود الاحتياطي الفيدرالي في وخز فقاعات الأصول التي نتجت عن عصر معدلات الفائدة المنخفضة للغاية.
"لم يساعد تشديد السياسة النقدية وبعض الانهيارات المذهلة لبعض الشركات التابعة للعملات المشفرة على التفاؤل بمستقبل العملات المشفرة" بحسب حمودي.
وعند سؤاله عن مدى حاجة هذا السوق لضوابط وقوانين صارمة تحمي المستثمرين، قال الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في ATA Global Horizons، علي حمودي، إن هناك بالفعل قوانين معمول بها وقد أصدر المنظمون العديد من التحذيرات حول مخاطر تداول العملات المشفرة، إذ يتم تداولها على الهامش.
وأكد أن سوق العملات المشفرة أصبح أقل ارتباطًا بالأسواق المالية الأخرى نظرا لوجود عدد أقل من الأشخاص الجدد الذين يقومون بالاستثمار بـ العملات المشفرة، وبالتالي فقد تم احتواء المخاطر إلى حد ما، لا سيما مقارنة بما كانت عليه قبل 6 أشهر.
وعن قرب إفلاس "FTX" وماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل العملات المشفرة؟ شدد حمودي على أن إفلاس منصات الكريبتو جميعها لن يؤثر على النظام المالي العالمي كما حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2008 مع بنك ليمان براذرز.
ويرى بنك جي بي مورغان، أن أسواق العملات المشفرة قد تواجه مخاطر في توفر السيولة، والفشل في تأمينها قد يهوي بسعر البتكوين إلى مستويات الـ 13 ألف دولار.
من جانبه، قال محلل الأسواق في "IG" مونتي صفي الدين لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن منصة FTX ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي تتعرض لضغوط مالية وتخارج بالسيولة، وأن الضغوط في السوق لم تهيئ مناخ لإنقاذ المنصة.
أخيرا.. فإن منصة FTX كانت واحدة من أبرز الشركات اللامعة في عالم العملات المشفرة، وكانت المنقذ الأخير للعديد من المنصات المتعثرة.