اتفق خبيران تحدثا لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على أن الوضع الاقتصادي لعب دورا حاسما في قرار الناخب الأميركي نتج عنه التقدم الملحوظ الذي سجله الجمهوريون بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس وفق النتائج الأولية، مؤكدان وجود قضايا أخرى كان لها تأثير في تلك الانتخابات.

الاقتصاد وأشياء أخرى

الخبير في الشأن الأميركي والأستاذ بجامعة جورج تاون بواشنطن، إدموند غريب، قال في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه بدون شك فالوضع الاقتصادي هو أحد الأسباب الرئيسية في التقدم الذي سجله الجمهوريون وأظهرته النتائج الأولية بانتخابات الكونغرس الأميركي وخاصة في مجلس النواب.

وأوضح أن الوضع الاقتصادي ليس هو المتحكم الوحيد في قرار الناخب الأميركي ولكنه أحد القضايا الأساسية التي دعمت الجمهوريين وأيضا جلبت لهم أصواتا من الناخبين المستقلين الذين عادة ما يتأرجحون بين الديمقراطيين والجمهوريين، وفي الانتخابات الماضية صوت عدد كبير من هؤلاء المستقلين لصالح الديمقراطيين.

أخبار ذات صلة

ماذا سيعني فوز الجمهوريين بالنسبة للاقتصاد الأميركي؟
الدولار يرتفع مع ترقب المستثمرين للتضخم بعد انتخابات أمريكا

وأشار إلى أن ارتفاعأسعار السلع الغذائية والطاقة والبنزين كل هذه أمور لعبت دورا كبيرا لأنها أثرت على "جيب" المواطن الأميركي في كل الطبقات، لأن هذه كانت رسالة واضحة على أن الديمقراطيين فشلوا في معالجة القضايا الاقتصادية على الرغم من وعودهم بتحسين الوضع الاقتصادي وهذا ما كان يعد به الرئيس جو بايدن وعدد من كبار القادة الديمقراطيين قبل عام تقريبا.

إدموند غريب أوضح أن الديمقراطيين دائما ما يتحدثون عن تحسن الوضع الاقتصادي وتراجع البطالة بعد العودة من إغلاقات كوفيد 19، ولكن في الحقيقة فإن التضخم ارتفع بشكل كبير وهو ما لمسه المواطن الأميركي وأثر فيه بشدة الفترة الأخيرة.

وتابع أنه بالإضافة لذلك فهناك قضايا أخرى لعبت دورا في المناطق التي تقدم فيها النواب الجمهوريون، منها ارتفاع الجريمة التي تقلق الكثير من الأميركيين، ومشكلة التعليم وشعور الكثير من الآباء والأمهات بأنهم فقدوا السيطرة على ما يدرسه أبنائهم في المدارس، وأن العملية التعليمية أصبحت في أيدي أشخاص لديهم عقائد معينة يرغبون في نشرها مما يغير من طبيعة المجتمع الأميركي.

أخبار ذات صلة

مهما كانت النتائج.. روسيا تعلن موقفها من انتخابات الكونغرس
من ترامب للكونغرس.. هل يكون "9 نوفمبر" تميمة حظ الجمهوريين؟

غريب قال كذلك إن قضية الهجرة غير الشرعية كان لها أثر كبير، حيث أن أعداد هائلة من المهاجرين وصلوا إلى الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، وهي قضية أساسية ومرتبطة أيضا بالاقتصاد، فضلا عن أن الكثير من الأميركيين بدأوا يتساءلون ن حاليا عن الاستفادة من المبالغ المالية الكبيرة التي ترسلها الإدارة الأميركية لأوكرانيا، حيث يرى المواطن الأميركي أن بلاده تستخدم ماله في عن حدود دولة أجنبية بينما الولايات المتحدة لا تدافع عن حدودها الجنوبية.

واستطرد قائلا إن المواطن الأميركي أيضا أصبح يفكر في أن الدخول في الصراع الروسي الأوكراني كان يمكن تفاديه، خاصة أن الدور الأميركي دفع لتوحيد الصين وروسيا معا وهذا بالقطع له نتائج سلبية على الاقتصاد الأميركي، ومن ثم فكما يقول الساسة في أميركا فإن القضية الاقتصادية دائما هي الأهم مالم تكن هناك حرب، مما يعني أن الاقتصاد كان له دور كبير في مزاج الناخب الأميركي والذي نتج عنه تقدم الجمهوريين في انتخابات تجديد الكونغرس.

دور سلبي لترامب

واتفق الخبير في الشئون الأميركية المقيم في واشنطن، محمد السطوحي، على أن الوضع الاقتصادى هو العامل الأهم في الانتخابات الأميركية، موضحا أن هذا ما عبر عنه الخبير الديمقراطي جيمس كارفيل مدير حملة بيل كلينتون عام 1992 بعبارته الشهيرة: "إنه الاقتصاد ياغبي".

السطوحي قال في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه في هذه الانتخابات فإن 38 بالمئة من الذين استُطلعت آراؤهم قالوا إن التضخم يمثل أهم أولوياتهم، بينما تراجع الاهتمام بقضايا الإجهاض والأسلحة النارية إلى 10 بالمئة أو أقل.

أخبار ذات صلة

"ضربة مزدوجة" موجعة لترامب في ولاية بنسلفانيا
خانة الأول تتزين.. "علامات فارقة" في انتخابات أميركا

وأشار إلى أنه إذا أضفنا لذلك أن التضخم وصل إلى أعلى معدلاته في أربعة عقود، وأن شعبية بايدن تتجاوز 40 بالمئة بقليل، كانت هذه مؤشرات إيجابية لصالح الجمهوريين لكنهم لم يتمكنوا من ترجمتها إلى فوز كاسح ليلة الانتخابات لعدة عوامل.

أول هذه العوامل بحسب السطوحي: أن التضخم ليس كل الاقتصاد، فمعدل البطالة مثلا 3.7 بالمئة وهو من أدنى المعدلات تاريخيا، كما أن هناك برامج اقتصادية نجح بايدن والديمقراطيون في تمريرها لتطوير البنية الأساسية والاقتصاد الأخضر والإعفاء من ديون الطلبة وتخفيض أسعار الدواء، وكلها إجراءات تحظى بالشعبية حتى لو زادت من حجم التضخم.

أما العامل الثاني قال عنه السطوحي إنه: رغم الإحباط العام لدى الشارع الأميركي وانخفاض شعبية بايدن فإن نتائج الجمهوريين كانت أقل مما يحصل عليه عادة الحزب خارج السلطة في الانتخابات النصفية، وذلك لأنهم لم يقدموا البديل المقبول، وكان لديهم عدد كبير ممن رفضوا الاعتراف بهزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الماضية، مما ساعد الديمقراطيين على إثارة مخاوف الناخبين أن هؤلاء يهددون الديمقراطية ذاتها.

والعامل الثالث في رأي السطوحي أنه: ستكون هناك تحليلات كثيرة حول دور دونالد ترامب، والذي تشير إليه النتائج حتى الآن أنه كان سلبيا على الحزب الجمهوري، وسنرى كيف يؤثر ذلك على فرصه في الفوز بترشيح الحزب لانتخابات الرئاسة المقبلة، وما إذا كان سيساعد منافسه الأكبر رون ديسانتس حاكم ولاية فلوريدا.