تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق عدة أهداف عبر الدخول في صناعة السيارات الكهربائية منها تنويع الاقتصاد وكذلك التوافق مع الخطة العالمية لمواجهة التغيرات المناخية خاصة أن الإعلان تدشين أول شركة يتزامن مع انعقاد مؤتمر قمة المناخ الأممية COP27 بمدينة شرم الشيخ في مصر، بحسب ما أكده خبيران تحدثا لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".
- يوم الخميس، أطلقت السعودية علامتها التجارية الأولى لصناعة السيارات الكهربائية تحت اسم "سير" في إطار مبادرة أوسع لتنويع اقتصاد الدولة النفطية.
- شركة "سير" ستساهم في تحقيق أهداف المملكة في تخفيض انبعاثات الكربون والمحافظة على البيئة تعزيزاً للتنمية المستدامة، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية السعودية "واس".
- شركة "سير" تُعد مشروعا مشتركا بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة "فوكسكون Foxconn" التي ستُطوّر النظام الكهربائي للسيارات.
- "سير" ستعمل على تصميم وتصنيع وبيع السيارات الكهربائية المزودة بأنظمة تقنية متقدمة، كخاصية القيادة الذاتية، في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك سيارات السيدان وسيارات الدفع الرباعي.
تنويع وحماية للاقتصاد
أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم السعودية، الدكتور ضرار الماحي العبيد، قال في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن التنوع الاقتصادي يلعب دوراً مهما في التنويع الاقتصادي، وذلك باعتباره آلية للحد من التبعية للقطاع النفطي في الدول التي تعتمد على مصدر واحد في اقتصادها القومي، كما يعتبر التنوع الاقتصادي بديلا عن الاعتماد على إيرادات النفط كمورد أحادي للاقتصاد الوطني.
وتابع أن التنوع الاقتصادي كذلك يشكّل حماية للاقتصاد الوطني من أن يصبح رهينة تقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية، لذلك تلجأ العديد من الدول، من بينها الدول النفطية، إلى التوجه نحو تنويع الهياكل الاقتصادية ومن بينها المملكة العربية السعودية في تبني استراتيجية التنوع الاقتصادي.
وأوضح أن الخطة التنموية الأولى في المملكة نصت على ضرورة تنويع القاعدة الاقتصادية في المملكة، وصولاً إلى إعلان المملكة العربية السعودية عن "رؤية 2030 " التي عززت من مكانة الاقتصاد السعودي، على المستوى الإقليمي والعالمي.
الدكتور ضرار قال إنه بالإضافة إلى ما سبق فعلى المستوى الكلي، يساعد التنويع الاقتصادي في إدارة التقلبات الاقتصادية، ويوفر مساراً أكثر استقراراً لتحقيق النمو والتطور الاقتصادي المنشود، وبالتالي زيادة تحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، حيثُ إنّه كلما تقدمت سلسلة التنوع الاقتصادي تزيد من أرباح الشركات الوطنية وبالتالي خلق مزيد من فرص الوظائف وبالتالي تخفيض معدلات البطالة.
وتابع قائلا: من هنا تتطلع المملكة العربية السعودية إلى دفع التحول الاقتصادي السعودي بنشاطات استثمارية وصناعية فعالة ومتنوعة ومؤثرة عالميا، من خلال عدد من القطاعات الحيوية، التي من بينها قطاع السيارات، بما في ذلك السيارات الكهربائية، وذلك عن طريق التعاون مع عدد من الشركات العالمية ذات المستقبل الواعد.
وأكد أن المتابع لهذا القطاع، يجد أن سوق السيارات الكهربائية عالميا حققت نموا خلال 2021 بمعدل 16.5 بالمئة على أساس سنوي لتبلغ 287 مليار دولار، وهو ما يشكل 10 بالمئة من حجم سوق السيارات الإجمالي، ومن المتوقع أن تصل السوق إلى 1.3 تريليون دولار خلال خمسة أعوام، وأن تصبح 26 بالمئة من مبيعات السيارات الجديدة كهربائية بحلول 2030.
مستقبل واعد
وأوضح ضرار الماحي أن هذه الأرقام تدل على التحول الكبير والمتتالي لهذه الصناعة والمستقبل الواعد الذي ينتظرها في ظل الدعم الذي تتلقاه من الحكومات من خلال الحوافز والإعفاءات الضريبية، مشيرا أنه على المستوى الوطني، يتوقع المركز الوطني للتنمية الصناعية أن تنمو مبيعات السيارات في السعودية بحلول 2025 بمعدل نمو سنوي مركب 24 بالمئة، وأن تستحوذ السيارات الكهربائية على ما بين 5 إلى 7 بالمئة من النمو بإجمالي 32 ألف سيارة.
واستطرد أن ذلك ما دفع المملكة على المستويين الحكومي والخاص إلى البدء في اتخاذ الخطوات الأولية في هذا الاتجاه، من تلك الخطوات إنشاء مجمع ديار السلام في جدة 2018، وهو أول مجمع سكني يحتوي على محطة شحن سيارات كهربائية، إلى جانب الاستثمار في شركات السيارات الكهربائية العالمية، ثم إنتاج سيارة كهربائية داخل الأراضي السعودية.
وتابع أنه تعظيماً لتلك الاستراتيجيات الرامية لتنويع الاقتصاد السعودي، جاءت مبادرة إطلاق المملكة لإنشاء شركة "سير"، مطلع الأسبوع الأول من نوفمبر 2022م لتكون أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة، والتي تأتي تماشيا مع استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة التي تركز على إطلاق وتمكين القطاعات الواعدة لتنويع مصادر الاقتصاد السعودي وفقا لأهداف رؤية 2030، وبما يتسق مع أهداف المملكة في تخفيض انبعاثات الكربون والمحافظة على البيئة تعزيزا للتنمية المستدامة.
وعن مستقبل تلك الصناعة في السعودية قال الماحي إنه من المتوقع أن تجذب مبادرة شركة "سير" استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 562 مليون ريال (150 مليون دولار) لدعم الاقتصاد الوطني، وأن تصل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بشكل مباشر إلى 30 مليار ريال، مع توفيرها عدد ثلاثين ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر بحلول عام 2034. بالإضافة إلى ذلك، فإن إطلاق هذه المبادرة، يأتي ضمن اهتمام المملكة في تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتعزيز الجهود في المحافظة على البيئة بتصنيع سيارات كهربائية صديقة للبيئة، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
تقليل انبعاثات الكربون
من جانبه قال الخبير الاقتصادي السعودي، تركي فدعق، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن دخول المملكة في صناعة السيارات الكهربائية هو جزء من مشاريع متعددة لتنويع الاقتصاد السعودي، ومن المتوقع أن هذه الصناعة ستساهم في توفير 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة بالسعودية، وتستقطب استثمارات مباشرة بقيمة 150 مليون دولار.
وأوضح فدعق أن الحكومة السعودية تطمح إلى إنتاج وبيع أول سيارة كهربائية بحدود عام 2025 على الأكثر، ولذلك تم توقيع اتفاقيتين مع شركتي BMW و فولكس فاجن للاستفادة من خبرتيهما في صناعة السيارات، ومن المتوقع أن تعزز تلك الصناعة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحوالي 30 مليار ريال.
وأشار إلى أن صناعة السيارات الكهربائية ستخلق صناعات معاونة كثيرة وبالتالي تساهم في التشغيل وتقليل نسب البطالة فضلا عن تنويع الاقتصاد بشكل كبير.
فدعق قال أيضا إن صناعة السيارات الكهربائية ستزيح من منظومة النقل في السعودية السيارت التي تعمل بالبنزين والديزل، حيث أن كل سيارة تعمل بالكهرباء تدخل السوق السعودي ستخرج مقابلها سيارة تعمل بالبنزبن أو الديزل مما يؤدي لتقليل انبعاثات الكربون وتحقيق الأهداف المناخية للمملكة السعودية بما يتوافق مع الأهداف المناخية العالمية، مشيرا إلى أن الإعلان عن تأسيس شركة سير يتزامن مع انعقاد مؤتمر قمة المناخ الأممية COP27 بمدينة شرم الشيخ في مصر.
تجدر الإشارة إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قال إن "إطلاق شركة سير لا يهدف إلى بناء علامة تجارية للسيارات في المملكة فحسب بل يدعم تمكين قطاعات استراتيجية متعددة تدعم تطوير المنظومة الصناعية الوطنية، وتسهم في جذب الاستثمارات المحلية والدولية.