تحديات ضخمة شكلتها الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب العالم حالياً على كافة الصناعات. التضخم بات المصطلح الأكثر تداولاً في العالم فهل وصل إلى الرياضة مثل كل المجالات الأخرى؟

سؤال تكمن إجابته فيما كشفه المحلل الاقتصادي الأميركي رونين إينبيندر في تحليله على منصة Front Office Sports الأميركية، إذ أكد ارتفاع متوسط معدل التضخم السنوي لحضور البطولات الرياضية بين عامي 2000 2022 إلى 2.88 بالمئة.

وضرب رونين مثالاً توضيحياً على ذلك بأن سعر تذكرة أي مباراة في الولايات المتحدة الأميركية كانت تكلف المتفرج 100 دولار في بداية هذه الألفية أصبحت الآن 186.75 دولاراً في العام 2022.

واصل المحلل الأميركي كشف التضخم الكبير الذي ضرب الرياضة بقوله إن سعر السلع الرياضية ارتفع حوالي 20 دولاراً في الفترة من 1977 حتى 2022.

أخبار ذات صلة

فيديو لرياضي رهيب.. يمزج لعبتي التنس والبولينغ
إنجاز غير مسبوق.. لاعبة مصرية تدخل قائمة "فوربس" للمؤثرين

بدوره، أكد مكتب إحصاءات العمل الأميركي ارتفاع أسعار السلع الرياضية بنسبة بلغت 71.49 بالمئة في العام الحالي مقابل 19.77 بالمئة؜ عام 1977 بفارق 14.30 دولارًا في القيمة.

الاحصائيات التي خرجت من مكتب العمل الأميركي على مدار خمس وأربعين عاماً بين 1977 و 2022 كشفت أن السلع الرياضية شهدت معدل تضخم متوسط بلغ 21.1 بالمئة سنوياً بمعنى أن السلعة التي تم شرائها عام 1977 بقيمة 20 دولار وصلت إلى 34.30 دولاراً أي أن القوة الشرائية واحدة بين الرقمين في كلا الفترتين.

وكان مكتب إحصاءات العمل الأميركي قد قرر تتبع مؤشر أسعار السلع الرياضية في بداية عام 1977 في تتبع شهري، ويؤكد المكتب أن ارتفاع أسعار تكاليف المواد المستخدمة في السلع الرياضية يمثل أحد الأسباب الرئيسية في التضخم الحاصل حالياً.

صمود صناعة الرياضة أمام التضخم

صناعة الرياضة نجحت مراراً في تخطي أزمات اقتصادية كبيرة ونجت من نتائج كارثية كما حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2001 وأيضاً عام 2008.

اليوم بات أصحاب المال في صناعة الرياضة يتساءلون أكثر من أي وقت مضى عن التكلفة مقابل القيمة المالية التي سيدفعها المستهلك خصوصاً في الفعاليات الرياضية المباشرة، بعد أن كانت المكاسب المالية شبه مضمونة قبل ذلك، حيث يراهن رجال الأعمال على أن الجمهور الرياضي لا يستجيب في معظم الظروف لارتفاع الأسعار.

أخبار ذات صلة

مبادلة تصبح أول راع رسمي لمنتخب الإمارات للجوجيتسو
فوائد مذهلة لممارسة كبار السن رياضة حمل الأثقال

لكن دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين NBA على سبيل المثال يعتبر استثناء حيث لا يتوقف طلب الجمهور عن شراء تذاكر المباريات رغم ارتفاع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي إلى 8.2 بالمئة.

وفي تصريح خاص، أكد جيرماين غريغ الناطق الرسمي السابق باسم مونديال جنوب إفريقيا أن الميزانيات الخاصة بالبطولات الرياضية ستتعرض بكل تأكيد للتقليص في السنوات المقبلة طالما استمر معدل التضخم الاقتصادي في الارتفاع.

ورأى غريغ أن جنوب إفريقيا نجحت في تنظيم مونديال 2010 بإمتياز رغم أن الأزمة العالمية المالية عام 2008 كانت توابعها متواصلة آنذاك، لكن الدراسات الاقتصادية التي أجرتها اللجنة المنظمة للبطولة والدعم الحكومي ساعدت الدولة على الخروج من المونديال بمكاسب مالية حيث بلغت ميزانية تنظيم البطولة 3.5 مليار دولار وحازت جنوب إفريقيا على 4.9 مليون دولار كأرباح مالية.

تحذير خطير

منصة CIVIC SCIENCE الأميركية الشهيرة المعنية بقياس الرأي العام وإصدار التحليلات الاقتصادية حذرت منتصف العام الجاري من أن ارتفاع معدل التضخم الاقتصادي في العالم وليس أميركا فقط سيؤدي لا محالة إلى إبتعاد الجماهير عن حضور المباريات المباشرة في شتى الألعاب.

المسح الذي أجرته المنصة لأكثر من 1200 شخص من الجمهور الأميركي ما بين سن 14-18 عاماً، أكدوا أن ارتفاع تكلفة المعيشة ستغير خططهم في حضور المباريات حيث لن يتمكنوا من الحضور كما في الماضي القريب.

الدماطي يقدم الحلول

وفي تصريح خاص لسكاي نيوز عربية، صرح محمد الدماطي عضو مجلس إدارة النادي الأهلي المصري أن صناعة الرياضة تعاني في مصر نفس المعاناة التي يعاني منها العالم بسبب التضخم.

الدماطي أوضح أن صناعة الرياضة في مصر نجت من الأزمة المالية عام 2008 لعدم وجود تضخم وقتها، مضيفا أن تكلفة سفر الفرق الرياضية وإقامة المعسكرات تزيد بشكل كبير لذلك لابد من وضع ما سماه "سيناريوهات أزمة" تعتمد على الترشيد في النفقات والبحث عن بدائل مثلاً من خلال تغيير إقامة المعسكرات في بلدان منخفضة التكلفة، والتعاقد مع لاعبين من بلاد مختلفة ومدارس كروية مختلفة أقل ثمناً من المدارس الكروية التي تبالغ في أسعار بيع اللاعبين.

أخبار ذات صلة

قضايا فساد الفيفا.. حكم جديد بالسجن بعد "اعتراف الرشاوى"
هل تستضيف مصر "أولمبياد 2036"؟.. وزارة الرياضة تكشف الحقيقة

وحذر الدماطي من بعض العثرات التي قد تواجه الشركات الراعية للأندية بشكل عام خلال فترات الرعاية ما قد يؤثر سلبًا على ضخ الأموال بشكل مستمر.

وعلى المستوى العالمي، أكد رجل الاقتصاد المصري أن الفرق الكبرى في أوروبا لن تتمكن من زيادة تذاكر المباريات حيث تمثل الجماهير نسبة من 30 بالمئة؜ إلى 35 بالمئة؜ من أرباح الفرق من خلال شراء تذاكر المباريات والوجبات والمشروبات.

صورة المستقبل ضبابية

حالة عدم اليقين التي تجتاح العالم من التوابع الاقتصادية يرسم صورة مشوشة أمام الجميع لا سيما في صناعة الرياضة، رجال الأعمال يتوقفون عن ضخ المزيد من الأموال في تحسين الملاعب والمنشآت وعزوف الجماهير عن البطولات قد يكون حلاً من الحلول لمواجهة موجة الغلاء العالمية.