في تراجع لمستوى تاريخي أمام الدولار، هبط الجنيه المصري بقوة أمام العملة الأميركية، ليتجاوز مستوى 22 جنيهًا للدولار، وهي المرة الأولى على الإطلاق.
ويأتي تحرك الجنيه المصري بعد قرار البنك المركزي المصري برفع معدلات الفائدة في البلاد بمقدار 200 نقطة أساس، ليصبح سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 13.25 بالمئة و14.25 بالمئة على التوالي.
وذكر المركزي المصري في بيانه، "أن سعر صرف الجنيه المصري سيعكس قيمة العملة أمام العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب، وذلك في إطار نظام سعر صرف مرن".
وأوضح المركزي أنه سيتم إلغاء الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد بشكل تدريجي حتى تمام الإلغاء بشكل كام في ديسمبر القادم.
تبعات القرار
قالت رئيسة مجلس إدارة شركة "ثري واي" لتداول الأوراق المالية، رانيا يعقوب، إن خطوة تعويم الجنيه المصري كانت متوقعة، وذلك في ظل ارتفاع معدلات التضخم منذ بداية العام، وتحديدا منذ اندلاع أزمة أوكرانيا.
وأضافت أن الجنيه المصري قد تراجع أمام الدولار بنحو 15 بالمئة، وذلك بعد اجتماع استثنائي للجنة السياسات النقدية بالمركزي المصري، الخميس.
وأوضحت يعقوب أن الحكومة المصرية قد قامت باتخاذ خطوات تهدف لحماية الفئات الأكثر تأثرا بالخطوة، وذلك بعد أن رفعت الحد الأدنى للأجور إلى 3000 جنيهًا، وزيادة المعاشات.
وحول تأثير القرار على الأسعار، قالت يعقوب إنها لا تتوقع حدوث موجة زيادة في أسعار السلع، مؤكدة أن الأسواق كانت مترقبة للقرار، وكانت بالفعل قد استوعب الزيادة المتوقعة في أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه.
ومن جهة أخرى، أوضحت رئيسة مجلس إدارة شركة "ثري واي" أن القرار سينعكس إيجابيًا على قطاعات في البورصة المصرية، والتي ستستفيد من عملية إعادة تقييم الأصول عقب تراجع الجنيه أمام الدولار.
وأوضحت أن بعض القطاعات ستستفيد أيضًا من قرار رفع معدلات الفائدة، مثل قطاعات البنوك والبتروكيماويات والإسكان وغيرها.
وحول قرار إلغاء الاعتمادات المستندية، أوضحت يعقوب أن القرار يساهم في عودة الأسواق لحالتها الطبيعية، إلا أن المشكلات العالمية المتعلقة بحركة السلع والمواد الخام في العالم، والتي ليست بحالتها الطبيعية، قد تكبح تأثير القرار.
وأكدت أنه من الصعب أن تعود الأوضاع لما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية في فبراير 2022.
التأثير على بورصة مصر
ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية "إي جي إكس 30" بنسبة 4.2 بالمئة بحلول الساعة 09:40 بتوقيت غرينتش، وكانت أبرز القطاعات ارتفاعًا هي قطاع الموارد الأساسية بنسبة 7 بالمئة، وقطاع خدمات النقل والشحن بنسبة 5.07 بالمئة، وقطاع الخدمات والمنتجات الصناعية بنسبة 4.88 بالمئة.
وقال الوسيط المالي المعتمد بالبورصة المصرية، محمد مهدي عبدالنبي، إن قرار تحريك أسعار صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية قد انعكس بشكل إيجابي قوي على السوق المصري.
وأوضح عبدالنبي أن التأثير الإيجابي للقرار على السوق سيكون مؤقتًا، مشيرًا إلى وجود ترقب من قبل المستثمرين لحجم التمويل الذي ستحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولي.
وأعلنت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر إن الحكومة المصرية والصندوق قد توصلا لاتفاق تمويل بقيمة قيمته 3 مليارات دولار لمدة 46 أشهر، بحسب رويترز.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن مصر ستحصل إجمالي تمويل بقيمة 9 مليارات دولار، مقسمة إلى 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، ومليار دولار من صندوق الاستدامة، ونحو 5 مليارات من دول شريكة ومؤسسات دولية أخرى.
وأكد عبدالنبي أن التأثير الإيجابي سيستمر إذا ما تبع القرار المزيد من عمليات الاستحواذ التي تقوم بها شركات خليجية لشراء شركات مصرية مدرجة بالسوق.
ويوم أمس، رجح خبراء لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن جهود البنك المركزي المصري الموجهة حاليا لدراسة وتحديد العملات العالمية الرئيسية التي سيتم استحداث مؤشر يقيس أداء الجنيه أمامها مع الذهب وأية عناصر أخرى، قد يصاحبها تحرير سعر الصرف بالكامل في مصر قبل إطلاق المؤشر الجديد من أجل قياس أداء حقيقي للجنية أمام بقية العملات.