أكد وزير المالية البريطاني، كواسي كوارتنغ، الجمعة، أن رئيسة الوزراء ليز تراس أقالته من منصبه، ليصبح ثالث وزير للمالية يترك الحكومة هذا العام.
وقال كوارتنغ في خطاب إلى تراس نشره على تويتر "لقد طلبت مني الاستقالة من منصب وزير المالية. لقد فعلت".
يأتي هذا بعدما ذكرت وسائل إعلام أنه تمت إقالته قبل مؤتمر صحفي لتراس من المتوقع أن تعلن فيه إلغاء بعض أجزاء من خطتهما الاقتصادية في محاولة لتهدئة الأسواق واحتواء حالة الغليان السياسي التي تجتاح البلاد.
وكانت ليز تراس التقت كوارتنغ، في وقت سابق اليوم، بمقر الحكومة في داونينغ ستريت، بعد عودته على عجل من اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن.
الإطاحة بوزير المالية، بعد 38 يوما فقط من تعيينه، جاءت على خلفية الأزمة السياسية والاقتصادية، التي تسببت فيها خطة دعم الاقتصاد، التي أعلنها قبل 3 أسابيع، وتضمنت تخفيضات ضريبية، بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني، سيتم تمويلها عبر الاقتراض الحكومي.
"الميزانية المصغرة" المثيرة للجدل، التي أعلنها كوارتنغ، يوم 23 سبتمبر الماضي، كانت تتضمن إلغاء الضريبة البالغة 45 بالمئة على البريطانيين الأثرياء الذين يتجاوز دخلهم السنوي 150 ألف جنيه استرليني (167,400 دولار).
كما تضمنت أيضا تجميدا مكلفا لفواتير الطاقة بالنسبة للأفراد والأنشطة التجارية، سعيا للحد من تداعيات أزمة أوكرانيا.
وتسببت الميزانية "المصغرة" بتراجع كبير للجنيه الإسترليني أمام الدولار وارتفاع عائدات السندات وسط مخاوف من زيادة الاقتراض، ومفاقمة التضخم المرتفع في الأساس.
وأثارت الخطة أزمة ثقة في الحكومة، وأدى لاضطرابات واسعة في الأسواق العالمية، وسوق السندات الحكومية البريطانية، لدرجة أن بنك إنجلترا اضطر إلى التدخل ببرنامج بقيمة 65 مليار جنيه استرليني (73 مليار دولار) في سوق السندات، بواقع 5 مليارات إسترليني يوميا حتى اليوم 14 أكتوبر.
خطة الحكومة لدعم النمو الاقتصادي، والتصدي للركود، أعطت رسائل متضاربة للمستثمرين، حيث أنها تسير في اتجاه معاكس، لخطوات بنك إنجلترا، لتقييد الأوضاع المالية، عبر رفع الفائدة، من أجل مكافحة التضخم المرتفع.
وفي بيان شديد اللهجة، انتقد صندوق النقد الدولي، بشكل علني، خطة الحكومة البريطانية لخفض الضرائب، وحثها على إعادة النظر فيها، محذرا من أنها ستؤدي إلى تصاعد أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة.
وقبل أسبوعين اعترفت ليز تراس تحت ضغوط واسعة، بأنه كان يتعين عليها بذل المزيد من الجهد "لتهيئة الأجواء" بشكل أفضل لخطتها للنمو الاقتصادي، لكنها ستعقد مؤتمرا صحفيا اليوم، وسط تقارير تفيد بانها ستتراجع عن جزء من هذه الخطة، خاصة فيما يتعلق بضريبة الأثرياء.
وتشير التوقعات إلى أن الحكومة البريطانية ستقلص التخفيضات الضريبية غير الممولة لتهدئة الأسواق المالية وتهدئة التمرد المتنامي من قبل أعضاء حزبهم.
وقال محللون إن التغيير الأكثر ترجيحا في برنامجها سيكون التخلي عن وعد بوقف خطة سلفها لزيادة ضريبة الشركات من 19 بالمئة إلى 25 بالمئة. وهذا من شأنه أن يخفض فاتورة برنامجها بنحو 18 مليار جنيه سنويا.
وتفيد تقارير بأن كبار حزب المحافظين يخططون لاستبدال تراس بتذكرة مشتركة لريشي سوناك وبيني موردونت، أقرب منافسيها في سباق الصيف الماضي لقيادة الحزب.
وتراجعت شعبية رئيسة الوزراء بشدة في الفترة الأخيرة بحسب ما كشفه استطلاع "يو غوف"، والذي أظهر أن شعبيتها تعتبر أقل من سلفها بوريس جونسون.
وبحسب "يو غوف" فإن 73 بالمئة ممن شملهم استطلاع الرأي ينظرون بصورة سلبية إلى تراس.