أثار قرار الحكومة المصرية، برفع سعر بيع الغاز الطبيعي لمصانع الإسمنت بنسبة 109 بالمئة، خلافا بين الخبراء والمختصين حول تأثيره على تلك الصناعة وقطاع العقارات والإنشاءات المرتبط بها من حيث زيادة أو عدم زيادة التكلفة بالتبعية، فيما أوضح مسؤول حكومي في تصريح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن هدف القرار تقليل اعتماد مصانع الإسمنت على الغاز والتشغيل بمصادر وقود أخرى.
ويوم الاثنين قرر رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، زيادة سعر بيع الغاز الطبيعي لمصانع الإسمنت إلى 12 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بـ 5.75 دولار قبل تلك الزيادة.
ويأتي هذا القرار تزامنا مع ترقب العالم لارتفاع في أسعار الطاقة عالميا خاصة بعد قرار تحالف أوبك+ تخفيض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا ابتداء من نوفمبر المقبل.
كما جاء القرار قبيل أيام من اجتماع لجنة التسعير الدوري للطاقة في مصر والتي تجتمع كل 3 أشهر ومن المتوقع أن تقرر زيادات جديدة في أسعار الوقود.
ومنتصف الشهر الماضي قررت الحكومة المصرية زيادة أسعار الغاز الطبيعي المورد لمصانع الأسمدة الأزوتية، عبر آلية تسعير جديدة شهرية، تحتسب السعر تبعا لسعر طن اليوريا المورد للحكومة أو المصدر للخارج في الشهر السابق، وألا يقل الحد الأدنى لسعر البيع عن 4.5 دولار أميركي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بينما يكون السعر لمصانع الأسمدة غير الأزوتية بواقع 5.75 دولار أميركي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وكانت مصر رفعت أسعار الغاز لمصانع الحديد والصلب والإسمنت والبتروكيماويات والأسمدة في أكتوبر 2021، بواقع 1.25 دولار ليصبح 5.75 دولار أميركي للمليون وحدة حرارية، كما رفعته 0.25 دولار للصناعات الأخرى ليصبح 4.75 دولار.
تأثير الزيادة الجديدة
وعن تأثير الزيادة الجديدة التي قررتها الحكومة المصرية في أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الإسمنت أكد مصدر مسؤول في وزارة البترول، إن هدف القرار عدم السماح لبعض المصانع باستغلال ارتفاع الغاز عالميا وانخفاضه في مصر، ومن ثم قد تلجأ بعض تلك المصانع للاعتماد في إنتاجها كله على التشغيل بالغاز والتصدير للخارج وتحقيق أرباح طائلة من فارق الأسعار، بينما خزينة الدولة لن تستفيد شيئا من فارق الأسعار.
وشدد المصدر في تصريح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على أن تأثير قرار زيادة أسعار الغاز لن يؤثر في تكلفة إنتاج مصانع الإسمنت ومن ثم لن يؤثر على سعر بيع الإسمنت لقطاع إنشاء العقارات، لأن تلك المصانع لديها بدائل تشغيل أخرى كالفحم والمازوت ولا تعتمد على الغاز بشكل كبير.
من جانبه، قال رئيس شعبة الإسمنت باتحاد الصناعات المصرية، أحمد شيرين كريم، إن قرار زيادة أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الإسمنت، سيؤثر بالقطع على سوق الإسمنت ولكن تأثيره لن يكون كبيرا، وذلك لأن مصانع الإسمنت التي لديها تقنيات التشغيل بالغاز لا تتجاوز 50 بالمئة من إجمالي مصانع الإسمنت في مصر.
وأوضح في تصريح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنه حتى بالنسبة للمصانع التي لديها تقنية التشغيل بالغاز فهي لا تعتمد عليه بشكل كبير، حيث لا تتخطى نسبة اعتمادها عليه 15 بالمئة وهي النسبة التي توفرها الشركة القابضة للغاز لمصانع الإسمنت.
وأكد أنه وفقا لذلك فإن تأثير القرار الأخير سيكون فقط على نسبة 15 بالمئة من نصف إجمالي مصانع الإسمنت بمصر وهي نسبة ضئيلة، بينما بقية المصانع ومن بينها تلك التي تعمل بالغاز، فهي تعمل بالفحم أو المازوت أو المخلفات البيئية.
وشدد على أن زيادة التكلفة بالنسبة لبعض المصانع التي تعمل بالغاز فهي تعني بالضرورة زيادة أسعار المنتج وهو سعر الإسمنت، لأن سعر بيع الإسمنت يتحدد وفقا لآليات العرض والطلب في السوق مهما زادت التكلفة وحتى لو خسرت المصانع، فالطلب الزائد هو الذي يرفع السعر، والعكس صحيح.
فيما قال رئيس شعبة الإسمنت السابق باتحاد الصناعات المصرية، مدحت اسطفانوس، إن قرار زيادة سعر الغاز الطبيعي لمصانع الإسمنت لن يكون له تأثير كبير على تلك الصناعة ولا تكاليفها ولا سعر البيع للإنشاءات العقارية، ولكنه قد يستغل من بعض ضعاف النفوس من العاملين في هذا المجال ليرفعوا أسعار الإسمنت بشكل مبالغ فيه.
وأشار في تصريح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن حجم المصانع التي تعتمد على الغاز من إجمالي عدد مصانع الأسمنت في مصر محدود جدا، ومن ثم فهذا القرار لن يكون له تأثير كبير ونحن نوضح ذلك ونؤكد عليه حتى لا يستغله بعض ضعاف النفوس كحجة لرفع الأسعار.
ماذا ينتظر قطاع العقارات؟
فيما قال خبير التطوير العقاري في مصر، محمود داوود، إنه لا شك في أن قرار رفع أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الإسمنت سيؤثر علي السوق العقاري، ومن المنتظر أن يفاقم حالة التضخم في هذا القطاع، بسبب زيادة أسعار الإسمنت سواء التي تمت بالفعل أو المتوقعة خلال الفترة القادمة.
وأشار في تصريح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه من المتوقع زيادات بنسبة تصل إلى 5 بالمئة من إجمالي أسعار الوحدات في المشروعات (تحت الإنشاء)، وبالتبعية سيؤثر ذلك علي حركة البيع والشراء التي كانت خلال الأشهر الثلاثة الماضية في أحسن حالاتها سواء على القطاع السكنى أو الساحلي أو التجاري.
وشدد داوود، على أن تلك الزيادة ستجبر معظم الشركات علي إعادة النظر في التسعير و طرق السداد للحفاظ علي التوازن بين السعر المناسب للعميل وهامش الربح المتوقع للشركات، و سيظهر ذلك في تقليص عدد سنوات التقسيط و زيادة ملحوظة في الدفعات المقدمة علي الوحدات.
وأوضح أن تلك الزيادة ستؤدي كذلك إلى طرح منتج عقاري بمواصفات تشطيب مختلفة بعض الشيء عن مواصفاتها السابقة، مثل تسليم بعض الوحدات على الطوب الأحمر بدلا من التشطيب الكامل أو النصف تشطيب (محارة)، وذلك للعمل على تقليص الاحتياج للإسمنت في أعمال تشطيب الوحدات.