تسعى تونس لتجاوز أزمتها الاقتصادية والمالية بحلول مختلفة ومن بينها العمل على خفض عجز الميزان التجاري مع عدد من الدول بالتقليص من واردات المواد الكمالية التي تستنزف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
وطالب الرئيس التونسي قيس سعيد في لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن بإجراءات تهدف للحد من الإضرار بالمالية العمومية ومنها فرض قيود على واردات عدد من المواد الكمالية مثل مواد التجميل والأكلات الخاصة بالحيوانات الأهلية خاصة وأن التونسيين يفتقدون لضروريات الحياة والمواد الأساسية بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد.
وتشير إحصائيات للمعهد الوطني للإحصاء أن عجز الميزان التجاري في تونس بلغ خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي 16,9 مليار دينار أغلبها في مبادلات مع الصين وتركيا والجزائر وروسيا.
وأوضح رئيس الغرفة الوطنية للعطورات ومواد التجميل حاتم مزيو في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية أن وزارة التجارة وبهدف ترشيد توريد المواد غير الأساسية حددت شروط صارمة لتوريد مواد التجميل تخص التصريح بقيمة المواد الموردة بدقة والتثبت في شهادات المنشأ والتوريد من المصنع بشكل مباشر دون اللجوء للوسطاء.
وقال مزيو إن واردات العطور ومواد التجميل تمثل 0,5 بالمائة فقط من إجمالي المواد الموردة وتكلف الدولة أقل من 100 مليون دولار سنويا بينما توفر قرابة العشرين ألف فرصة عمل.
من جهتها، عبرت رئيس الغرفة الوطنية لمحلات الحلاقة والتجميل فاتن العموري عن مخاوفها ومهنيي قطاع التجميل من قرار تقليص توريد مواد التجميل الذي سيصعب عملهم المتطلب لتجهيزات ومواد غير متوفرة في السوق المحلية.
وقالت العموري في حديث للموقع إن الماركات المحلية تستورد بدورها عددا من المواد الأولية من الخارج لتصنيع منتجاتها فضلا عن اشتراط جزء من حرفاء صالونات التجميل لماركات عالمية بعينها مما من شأنه أن يقلص من نشاط قطاعهم الذي استأنف العمل بصعوبة بعد عامين من جائحة كورونا.
وأضافت العموري: "لا يجب أن يكون الحل الاقتصادي على حسب قطاع التجميل والقيافة لأنه يصعب الاستغناء عن هذه الكماليات بالنسبة لعدد هام من المستهلكين".
ومن جهة أخرى أكدت نائبة رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك ثريا التباسي أن المصلحة العامة تقتضي توفير العملة الصعبة لتوريد الأدوية والمواد الغذائية الأساسية وأن التقليص في توريد الكماليات يهدف للدفع بالاقتصاد التونسي وتأمين المستلزمات اليومية للمواطن.
وأوضحت التباسي أن الأمر يتعلق بخطة لترشيد توريد الكماليات لا الاستغناء عنها بشكل كامل ويشمل مواد تجميل والعطورات والمواد اللازمة في التدخلات التجميلية البسيطة كالبوتوكس والفيلر وغيرها وهي مواد تستهلك نسبة كبيرة من العملة الصعبة وفق تعبير الناشطة في منظمة الدفاع عن المستهلك .
واعتبرت التباسي أن هذا الترشيد من شأنه أن يدعم المنتجات التونسية ومصانع العطور ومواد التجميل المحلية وأنهم في المنظمة يشجعون على استهلاك المنتوج التونسي الذي ينافس على مستوى الجودة رغم كلفته البسيطة.
وتجدر الإشارة إلى أن الحديث عن خطة لتقليص توريد الماكياج والعطور أثار موجة من التعليقات الساخرة على منصات التواصل الاجتماعي بخصوص شكل حياة الناس دون مكياج ومواد تجميل، بينما تؤكد قراءات خبراء الاقتصاد أن قائمة المواد التي توردها تونس تحتوي فعلا على عدد من الكماليات غير الضرورية للاقتصاد الوطني والمستنزفة للعملة الصعبة فضلا عن كونها تضيق خناق المنافسة على المنتجات المحلية.