لم يفلت الخبز من ارتفاع الأسعار في أوروبا، ففي عام واحد ارتفع ثمن هذا العنصر الأساسي في النظام الغذائي بنسبة 18 بالمئة في أغسطس 2022 مقارنة بالعام الذي سبقه، وذلك وفقا لأرقام كشف عنها معهد الإحصاء الرسمي للمفوضية الأوروبية "يوروستات".
ويذكر المعهد مجموعة من البيانات المتعلقة بأسعار الخبز في أوروبا، تشمل:
- هذه الزيادة كبيرة مقارنة بأغسطس 2021، عندما كان سعر الخبز في المتوسط أعلى بنسبة 3 بالمئة مما كان عليه في أغسطس 2020.
- هناك تفاوتات قوية بين البلدان الأوربية، فعلى عكس فرنسا التي لم تتعد فيها نسبة ارتفاع أسعار الخبز 8 بالمئة، قفزت الأسعار في دول وسط وشرق أوروبا.
- المجر جاءت في المرتبة الأولى بنسبة 65.5 بالمئة، فيما بلغت الزيادة حوالي 30 بالمئة في دول البلطيق الثلاث وسلوفاكيا وكرواتيا وبولندا وبلغاريا والتشيك. أما الألمان، فقد ارتفع سعر الخبز عندهم بنسبة 17.5 بالمئة.
- هذه هي نفس البلدان التي لديها أعلى معدلات تضخم في الاتحاد الأوروبي، وتسجل كذلك أقوى الزيادات في الأسعار، والسبب هو أنهم معتمدون بشكل كبير على الغاز الروسي وتضرروا بشدة من عواقب الحرب في أوكرانيا.
الطاقة والمواد الخام يلتهمان جيب الخباز
ترجع أسباب هذه الزيادات، بحسب رئيس الاتحاد الوطني للمخابز والمعجنات في فرنسا، دومينيك أنراك، إلى "الارتفاع الحاد في أسعار المواد الخام والطاقة".
ويوضح أنراك في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن:
- أسعار القمح في السوق العالمية عرفت ارتفاعا صاروخيا منذ حوالي عام، فقبل الحرب في أوكرانيا وفي مرحلة أولى، عرفت التبادلات على مستوى المواد الخام بين كندا وأميركا وروسيا وفرنسا عدة أزمات.
- هذه الأزمات شملت الحرائق في كندا والجفاف في روسيا، مما جعل ثمن الطن الواحد من القمح يرتفع إلى 280 يورو.
- بمجرد أن بدأت أسعار القمح تعود للهبوط، بدأت الحرب في أوكرانيا، لتقرر كييف حظر تصدير القمح وسحب 12 بالمائة من منتوجها المطروح في الأسواق خوفا من نفاده في سوقها الداخلي.
- ترتب عن هذا الإجراء ارتفاع الطلب مقابل العرض الضعيف، وبالتالي ارتفاع ثمن الطن الواحد بشكل صاروخي إلى 460 يورو.
- الوضع نفسه ينطبق على الخميرة والسكر والزبدة والبيض وورق تغليف الخبز، إذ ارتفعت الأسعار بحوالي 20 في المئة.
- أجور العمال ارتفعت أيضا، وهي تشكل ما بين 30 و40 في المائة من رقم معاملات المخابز.
- أما النقطة التي أفاضت الكأس، فهي أسعار الطاقة، حيث تضاعفت فاتورة المخابز 3 إلى 4 أضعاف تقريبا، مما يمثل 18 في المئة من رقم المعاملات، بعد أن كانت تشكل 3 في المئة فقط.
مخابز تغلق أبوابها
وأمام هذه الزيادات، اضطرت بعض المخابز في أوروبا إلى إغلاق أبوابها، خصوصا في بلجيكا وألمانيا.
ومن بين هذه المخابز التي فشلت في مواجهة الغلاء، مخبز "دو بان سير لا بلونش"، الذي أغلق في العاصمة البلجيكية بروكسيل، الأحد، بشكل دائم.
وفي رد "أوتوماتيكي" على سؤال وجهه موقع "سكاي نيوز عربية" إلى جوستين ومانو، صاحبي المخبز عن أسباب اتخاذ هذا القرار، اكتفيا بالقول: "بعد الرسوم العالية جدا، اضطرنا إلى إغلاق المخبز مثل العديد من زملائنا".
وفي توضيح على موقع المخبز الرسمي على "فيسبوك"، جاء: "بقلب حزين نعلن إغلاق المخبز في نهاية هذا الأسبوع. انتقلت فاتورة الكهرباء من قسط شهري قدره 290 يورو إلى ما يقرب من 600 يورو في بداية العام. حاليا وصلت إلى 1485 يورو. لذلك نفضل أن نحصر الخسائر عن طريق وقف النزيف".
ويعتبر أنراك أن "خطوة الإغلاق التي اتخذتها مجموعة من المخابز سواء في ألمانيا أو بلجيكا، متوقعة، في ظل تضاعف فاتورة الكهرباء 10 مرات".
ويقدم، في المقابل، تفسيرا للاستثناء الفرنسي، قائلا: "فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تشتري فيها خبز (الباغيت) كل يوم. لدينا علاقة خاصة مع هذا المنتج الأساسي لهذا هو محمي بشكل محكم. وقرار زيادة سعره ليس سهلا، مما يفسر أنه خلال 20 عاما، ارتفع ثمنه 25 سنتيما فقط".