بينما كان مخططا أن اجتماع وزراء الطاقة بالاتحاد الأوروبي الجمعة، سيناقش، إجراءات الطوارئ التي اقترحتها مفوضية التكتل لوقف الارتفاع في أسعار الغاز والكهرباء بسبب الحرب في أوكرانيا، فإن تفجير خط غاز نورد ستريم سيسيطر على الاجتماع، بحسب خبراء فندوا لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" رواية تورط الولايات المتحدة، مرجحين أهدافا سياسية أبعد من الهدف المباشر وهو قطع الغاز الروسي عن أوروبا.
ويمتد نورد ستريم 1 و2 في خطين متوازيين من 4 أنابيب بطول 1200 كيلومتر تحت بحر البلطيق، من الساحل الروسي بالقرب من سان بطرسبرغ إلى شمال شرق ألمانيا مرورا بالمياه الإقليمية للسويد والدنمارك، ويمثل صمام أمان الطاقة لأوروبا كلها خصوصا في فصل الشتاء حيث ينقلان 110 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.
نورد ستريم توقف عن ضخ الغاز لأوروبا منذ أواخر أغسطس عندما أغلقته روسيا بدعوى أنه بحاجة إلى صيانة.
كيف بدأت الأزمة؟
واكتشفت السويد والدنمارك 4 تسريبات للغاز من الخطين هذا الأسبوع بعد تفجيرات وصفاها بأنها متعمدة وشرعا في التحقيق بها.
كذلك وصف الاتحاد الأوروبي الحادث بأنه "عمل تخريبي" متوعدا من فعل ذلك، لكنه لم يوجه أصابع الاتهام مباشرة إلى روسيا.
بينما ألقى الرئيس الأوكراني فولديمير زيلنيسكي باللوم المباشر على روسيا المالكة لخط الأنابيب، ولكن الأخيرة تعجبت من ذلك الاتهام، وأكدت خضوع منطقة التفجير لسيطرة المخابرات الأميركية في تلميح لاحتمالية تورط واشنطن التي بدورها استنكرت هذا الطرح.
التفجير أعاد التذكير بتصريح سابق للرئيس الأميركي جو بايدن قال فيها، بداية فبراير الماضي إنه في حال مضت روسيا قدما بعمليات عسكرية في أوكرانيا فلن يكون هناك نورد ستريم 2، ولكن مسئولين أميركيين أكدوا أنه لا يمكن التعويل على تصريحات عرضية في إدانة الولايات المتحدة.
ماذا يقول الخبراء؟
الصحفي المعتمد في الاتحاد الأوروبي والناتو، حسين الوائلي، قال إن هناك تحقيقات سويدية ودنماركية تنخرط فيها فرق من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، بغرض الوصول لحقيقة ما حدث.
الوائلي تحدث من بروكسل لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، مشيرا إلى أن هناك تكهنات في الأوساط الأوربية ترجح احتمالية وقوف الولايات المتحدة الأميركية خلف هذه الهجمات، ولكن واشنطن رفضت رفضا تاما هذه المزاعم، إلا أن ما أكدته فرق التحقيق حتى الآن هو أن هناك عبوتان ناسفتان تم لصقهما في خط نورد ستريم، كما توجد مناوشات في التصريحات بين المؤسسة الأوروبية وأوكرانيا من جانب وبين روسيا من جانب آخر.
وأوضح الوائلي أنه برغم توقف ضخ الغاز عبر الأنبوب إلا أن الأثر البيئي الذي خلفه هذا التسريب بالمياه الإقليمية للدنمارك والسويد يفوق اتساع مليوني سيارة من التلوث، مما يمثل كارثة لم تكشف تفاصيل كل من السويد والدنمارك حتى الآن.
فيما قال رئيس قسم الاقتصاد السياسي بمركز جنيف للدراسات، ناصر زهير، إن تفجير نورد ستريم 1 و2 سيفاقم أزمة الطاقة في أوروبا ويهدد أمن الطاقة بمنطقة الاتحاد الأوروبي على المدى البعيد.
زهير تحدث من باريس لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، موضحا أنه برغم تبادل الاتهامات بين روسيا والقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلا أن الرواية الروسية تبدو أقرب للمنطق، وهي أن هناك طرف يريد أن يزعزع آلية إمداد الغاز بين روسيا وأوروبا، لأن روسيا ليست بحاجة إلى تفجير هذه الخطوط لوقف إمدادات الغاز لأوروبا فهي أوقفتها بالفعل من 31 أغسطس الماضي.
نزع ورقة ضغط
وتابع أن هناك ترجيح آخر يوضح هدف ضرب هذا الأنبوب وهي نزع ورقة ضغط يمكن أن تستخدمها روسيا على أوروبا وتجعل الأوروبيين يذعنون لمطالبها بتخفيض العقوبات مقابل استئناف إمدادات الغاز خاصة ونحن على أبواب الشتاء.
وأوضح زهير تفجير نورد ستريم بالقطع سيزيد حالة الفوضى بشأن الطاقة في أوروبا والأهم من ذلك أن بدء استهداف خطوط الغاز ينذر بتهديد كبير لأمن الطاقة في أوروبا لأن هناك خطوط أنابيب أيضا تمر من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا ويمكن بسهولة استهدافها، ولذلك فإن النرويج جعلت الجيش في حالة تأهب حول منشآت الطاقة خشية أعمال تخريب.
وحول وجود رأي يرجح قيام الولايات المتحدة بتفجير نورد ستريم لاستبدال الغاز الروسي بالأميركي إلى أوروبا، قال زهير، بينما لا يمكن استباق التحقيقات وإدانة الولايات المتحدة، ولكن الواقع يقول إنها لا تستطيع تعويض أوروبا عن الغاز الروسي، لأن الولايات المتحدة لا يمكنها توفير أكثر من 15 مليار متر مكعب من الغاز بينما الاتحاد الأوروبي يستورد 150 مليار متر مكعب من الغاز، فالفارق كبير جدا.