تشهد أسعار النفط تقلبات شديدة بفعل أربعة مؤثرات عالمية في مقدمتها رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة بأكبر وتيرة في ثلاثة عقود، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب الإغلاقات التي تشهدها الصين وموسم الأعاصير في خليج المكسيك.
وقفزت أسعار النفط نحو 3 بالمئة صباح الأربعاء الماضي بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن تعبئة جزئية للجيش، مما أثار مخاوف من حدوث مزيد من النقص في إمدادات النفط والغاز، في حين انخفضت في مساء اليوم ذاته نحو واحد بالمئة بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس إلى نطاق 3-3.25 بالمئة.
ويوضح مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي أن رفع الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة بنسب كبيرة للمرة الخامسة هذا العام وللمرة الثالثة على التوالي بواقع 75 نقطة أساس، يتصدر المؤثرات العالمية الاستثنائية التي تتجاذب أسعار النفط، مشيراً إلى أن الخوف يسيطر على الأسواق لجهة مآلات الاقتصادي العالمي ودرجة الركود الاقتصادي التي يستطيع الاقتصاد الأميركي تحملها، بحيث يقتنع في وقت ما بضرورة التوقف عن رفع معدلات الفائدة.
ويضيف الشوبكي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "أن هدف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض التضخم إلى 2 بالمئة من 8.3 بالمئة الآن، بحسب تصريحات رئيس البنك جيروم باول، مازال بعيداً ما يعني أن الفيدرالي الأميركي على استعداد للتضحية بالتداعيات الاقتصادية كافة مقابل تلاشي مخاطر التضخم".
ومن المؤثرات التي تتجاذب أسعار النفط صعوداً وهبوطاً الظروف الجيوسياسية الاستثنائية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تترقب الأسواق تبعات إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن التعبئة الجزئية للحرب، ومدى جدية تهديداته باستخدام السلاح النووي التكتيكي، بحسب مستشار الطاقة الدولي، الذي أكد أنه "على الرغم من أن حركة تذبذب سعر النفط عالية النطاق سواء انخفاضاً أو ارتفاعاً فإنها لا تزال تحوم حول 90 دولاراً للبرميل، ومن المرجح أن تتغير الصورة كلياً مع بداية شهر نوفمبر المقبل ودخول فصل الشتاء ليشهد النفط وكذلك الغاز ارتفاعات سعرية كبيرة.
ويشرح مستشار الطاقة الدولي أن "السوق ستكون جاهزة لاستقبال صدمات القفزات السعرية وخصوصاً نحن الآن موسم الأعاصير في خليج المكسيك ومن المتوقع حدوث إعصار يوقف إنتاج النفط في خليج المكسيك الأميركي، حيث يتزامن ذلك مع العقوبات على النفط الروسي المورد إلى أوروبا بواقع 90 بالمئة، فضلاً عن قرب انتهاء الصيانة في المحطات الصينية والتي تعد السبب الرئيس للإغلاقات التي أدت إلى انخفاض إنتاج المصافي واستيراد النفط".
ويتابع الشوبكي: "وسيدعم الاتجاه الصعودي للأسعار استخدام النفط بكثافة بديلا للغاز مرتفع الثمن في القارة الأوروبية، فمع توقف ضخ الغاز من خط نورد ستريم 1 وإجراءات التأمين التي تجريها أوروبا ربما يدفع روسيا إلى وقف الغاز بشكل كامل من الخط المار عبر أوكرانيا وخط ترك ستريم عبر تركيا اللذين ما يزالان يصدران الغاز إلى أوروبا بواقع 9 بالمئة من احتياجاتها، فضلاً عن أن حركة الطيران المكثفة في العالم ستساعد على نمو الطلب الذي سيعوض الفاقد من التباطؤ الاقتصادي العالمي".
ويختم الشوبكي بأن "كل هذه التجاذبات ستؤثر في أسعار السلع العالمية وفي الدرجة الأولى النفط يليه الذهب وأسواق المال وتوجهات الاستثمارات والمستثمرين في الأسواق العالمية، حيث نرى التوجهات حالياً نحو (الكاش) والسندات الأميركية قصيرة وطويلة المدى مع ارتفاع عوائدها في الفترة الحالية والمقبلة، حتى أن بريق الذهب بدأ يتلاشى مع قوة الدولار الذي وصل إلى أعلى قيمة منذ عشرين عاماً".