أعلنت حكومة المملكة المتحدة عن برنامج شامل للتخفيضات الضريبية وحوافز الاستثمار الجمعة، في مسعى لرئيسة الوزراء ليز تراس إلى تعزيز النمو الاقتصادي المتعثر في البلاد.
أطلق وزير المالية البريطاني الجديد، كواسي كوارتنغ العنان لتخفيضات ضريبية تاريخية وزيادات ضخمة في الاقتراض الجمعة، في أجندة اقتصادية فاجأت الأسواق المالية، مع السقوط الحر للسندات الحكومية البريطانية.
وألغى كوارتنج أعلى معدل لضريبة الدخل في البلاد، كما حدد للمرة الأولى تكلفة خطط الإنفاق الخاصة برئيسة الوزراء ليز تراس، التي تريد مضاعفة معدل النمو الاقتصادي في بريطانيا.
وقام المستثمرون ببيع السندات الحكومية قصيرة الأجل بأسرع ما يمكن، مع اقتراب السندات لأجل عامين من تسجيل أكبر انخفاض في يوم واحد منذ عام 2009 على الأقل، إذ زادت بريطانيا قيمة خطط إصدار الديون للعام المالي الحالي بمقدار 72.4 مليار جنيه إسترليني (81 مليار دولار).
وقال وزير المالية البريطاني، كواسي كوارتنغ، إن خطة حكومة المملكة المتحدة لوضع سقف لفواتير الطاقة المرتفعة بالنسبة للعائلات والأعمال التجارية ستكلّف نحو 60 مليار جنيه إسترليني (68 مليار دولار) خلال الأشهر الستة الأولى من بدء تطبيقها، كما قال إن تكلفة التخفيضات الضريبية ستبلغ 45 مليار جنيه إسترليني أخرى.
وقال الوزير أمام البرلمان في إطار استعراضه ميزانية مصغّرة "نتوقع بأن تنخفض الكلفة بينما نتفاوض على عقود طويلة الأمد للطاقة مع المورّدين"، علما بأن خطة وضع سقف للفواتير ستدخل حيّز التطبيق في أكتوبر.
وأكد وزير المال البريطاني أنه تم إلغاء الزيادة المقررة في ضريبة الشركات إلى 25 بالمئة، وإبقائها عند 19 بالمئة، وهي أدنى نسبة في مجموعة العشرين.
وانخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى جديد له في 37 عاما مقابل الدولار عند 1.1148 دولارا مع التحديث الذي أعلنه كوارتنغ في البرلمان.
وقال الوزير "خطتنا هي توسيع جانب العرض بالاقتصاد من خلال الحوافز الضريبية والإصلاح"، موضحا "نعتقد أن الضرائب المرتفعة تقلل الحوافز على العمل، وتثبط الاستثمار وتعيق المشاريع".
وفي حديثه إلى مجلس العموم، قال الوزير إن الحكومة تريد "نهجًا جديدًا لعصر جديد يركز على النمو" وكانت تستهدف معدل نمو متوسط المدى يبلغ 2.5 بالمئة.
وأضاف أن "هذه هي الطريقة التي سنتنافس بها بنجاح مع الاقتصادات الديناميكية حول العالم. هذه هي الطريقة التي سنحول بها حلقة الركود المفرغة إلى دورة نمو محمودة".
ووصف حزب العمال المعارض الخطط بأنها "مقامرة يائسة".
وقال معهد الدراسات المالية إن التخفيضات الضريبية هي الأكبر منذ ميزانية عام 1972، والتي يُذكر على نطاق واسع أنها انتهت بكارثة بسبب تأثيرها التضخمي.
وقال إن الحكومة تريد توسيع جانب العرض للاقتصاد من خلال الحوافز الضريبية والإصلاحات لتقديم أجور أعلى وفرص أكبر وتمويل الخدمات العامة و "التنافس مع الاقتصادات الديناميكية في جميع أنحاء العالم".
يأتي ذلك بعد يوم من إعلان بنك إنجلترا أن اقتصاد المملكة المتحدة من المرجح أن يكون قد دخل في حالة ركود رسمي في الربع الثالث، ورفع المركزي البريطاني، الخميس، معدلات الفائدة الرئيسية بمقدار 50 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي، لتصل إلى 2.25 بالمئة، في خطوة تهدف إلى كبح التضخم المرتفع.
وهذه السلسلة من الارتفاعات في معدالت الفائدة لم تشهدها بريطانيا، منذ الأربعاء الأسود قبل 30 عاما، إذ تعتبر الزيادة الأخيرة أمس، هي السابعة على التوالي منذ ديسمبر الماضي.
يحذر منتقدو مقترحات تروس من أن الجمع بين التخفيضات الضريبية المكثفة وخطة الحكومة لحماية الأسر والشركات من ارتفاع أسعار الطاقة ستجعل المملكة المتحدة تتحمل مستويات عالية من الديون في وقت ترتفع فيه معدلات الديون للناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن تكلف حزمة دعم الطاقة أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني (111 مليار دولار) على مدار عامين.
وأظهرت بيانات رسمية أن حكومة بريطانيا اقترضت أكثر من التوقعات في أغسطس عند 11.8 مليار إسترليني، غير أن وزير المال أكد أن بلاده لديها ثاني أدنى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مجموعة السبع وستعلن عن خطة لخفض الديون كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط.