زاد تغير المناخ الذي تشهده الصين الضغط على سلاسل التوريد العالمية المتعثرة أصلاً منذ أكثر من عامين بسبب القيود والإغلاقات التي فرضتها جائحة كورنا وما أفرزته الحرب الروسية الأوكرانية من تداعيات أرخت بظلالها على الاقتصادات العالمية.
ويؤكد خبراء اقتصاد أن موجة الحر والجفاف في الصين لن تؤثر في سلاسل التوريد العالمية فحسب، بل سيتعدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخضار في الصين، فضلاً عن تعطل العديد من محاور النقل نتيجة انخفاض منسوب المياه في الأنهار الرئيسية الأمر الذي سينعكس على أسعار الصادرات.
ووفقاً لبيانات محلية، فإن الجفاف الذي يضرب الصين حالياً يعد الأسوأ منذ أن بدأت البلاد تسجيل بيانات الأرصاد الجوية عام 1961، وأدى الحر إلى ندرة المياه هذا الصيف حيث جف عدد كبير من مجاري المياه بشكل خطير بما فيها "يانغتسي"، أكبر نهر في الصين، ما أجبر السلطات على تقنين الكهرباء وخصوصاً أن هذه الأنهار تغذي السدود الهيدروليكية.
ويرى الخبير الاقتصادي حسين القمزي أن "الظروف المناخية في الصين لها انعكاسات عالمية، وخصوصاً بعد انخفاض منسوب المياه في الأنهار التي تخدم محاور النقل الرئيسة في المنطقة ما أدى إلى تعثر وتأخر تسليم البضائع في أماكن أخرى، الأمر الذي يضع سلاسل التوريد العالمية التي لم تتعافَ حتى الآن في وضع سيئ"، فانحسار نهر "يانغتسي" على سبيل المثال منع العديد من السفن البحرية من الوصول إلى موانئ النهر، ما أجبر الصين على تحويل الكثير من الشاحنات عن مساراتها لنقل حمولات السفن المتعطلة عن الإبحار في الأنهار إذ تحتاج السفينة الواحدة إلى 500 شاحنة أو أكثر لنقل حمولتها".
ويوضح القمزي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن موجة الحر والجفاف لن تؤثر فقط على سلاسل التوريد العالمية بل ستدفع أسعار المواد الغذائية في الصين إلى الارتفاع وخاصة الخضراوات التي تضاعفت أسعارها ما سينعكس سلباً على أسعار التصدير.
ويشرح الخبير الاقتصادي "أن الطقس القاسي الذي يجتاح الصين حالياً له تداعيات سلبية على جهود العالم في التصدي لمشكلة تغير المناخ، لأن بكين ستقوم بتعويض الطاقة الكهرومائية المفقودة من الجفاف من خلال تكثيف استخدام محطات الطاقة التي تعمل على الفحم، وهو ما تؤكده البيانات الحكومية الصينية التي تشير الى زيادة استيراد الفحم من روسيا، وذلك على الرغم من التزامها دولياً بتقليص استخدام الفحم".
ولا يمكن في الصين قطع المياه عن قطاع الزراعة لأن الاكتفاء الذاتي الغذائي من أولويات الحزب الشيوعي الصيني، وهذا يعني أن نقص المياه سيتحول إلى نقص في الطاقة، وقد نشهد انقطاعات في التيار الكهربائي، بحسب القمزي الذي أكد أن التأثير الأكبر سيكون على قطاع التصنيع وبالتالي على التصدير.
من جهته، يقول الخبير التنموي أكرم العفيف أن ما يشهده العالم اليوم هو حالة تطرف مناخي أصابت أوروبا والصين وروسيا وحتى منطقتنا العربية، وبالتالي فإن اقتصادات العالم كلها ستتأثر بالجفاف، وبالتأكيد هذا التأثير سيشمل سلاسل التوريد ولكن ليس بالشكل الكارثي لأن الصين لديها بنية تحتية جيدة لنقل التوريدات كافة ".
ويضيف العفيف: "أن تأثير الجفاف على الاقتصاد الكلي الصيني سيكون محدوداً لأنه اقتصاد صناعي بالدرجة الأولى واعتماده على المعادن أكثر من المنتجات الزراعية التي تستهلك داخل الصين، فضلاً عن اعتماده على الاقتصاد الأسري والمشاريع متناهية الصغر".