فيما بدا أن باريس وبرلين تتمسكان بفتح قناة حوار مع روسيا، اتخذت الأخيرة ومجموعة الدول الصناعية السبع، قرارات تصعيدية جديدة بشأن الغاز الروسي؛ ما يلقي مجددًا بسحب ضبابية على مستقبل أزمة الطاقة العالمية المتزايدة منذ 6 أشهر.
وأعلنت شركة "غازبروم" الروسية إغلاق خط "نورد ستريم 1" الذي ينقل الغاز من روسيا إلى أوروبا لأجل غير مسمى، ردًّا على اتفاق مجموعة السبع على وضع سقف لثمن الغاز الروسي.
ووفقًا خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن التصعيد والتصعيد المتبادل بين الجانبين بملف الطاقة لم يحقق أهداف أي من الجانبين، وقد يطول، رغم تداعياته الاقتصادية على الجميع.
تطور أزمة الطاقة
- قبل حرب أوكرانيا بساعات، أوقفت ألمانيا في 23 فبراير العمل في مشروع خط "نورد ستريم 2" للغاز الممتد بين روسيا وألمانيا.
- بعد الحرب تراجعت إمدادات الغاز الروسي لأوروبا لإعلان الأخيرة دعمها لأوكرانيا.
- مع إعلان أوروبا البحث عن بدائل للطاقة الروسية وتطبيق العقوبات المصرفية على موسكو، قررت روسيا بيع الغاز بالروبل.
- تعرضت تدفقات الغاز الروسي من "نورد ستريم 1" للانقطاع، وفي يونيو وصلت التدفقات إلى 40 بالمئة، وفي يوليو انخفضت إلى 20 بالمئة.
- في 2 سبتمبر، وافقت مجموعة السبع على فرض حد أقصى لسعر النفط الروسي لتقليص عائدات موسكو، وردت الأخيرة بإيقاف تدفقات "نورد ستريم 1" في نفس اليوم.
- اتهم البيت الأبيض موسكو باستخدام الطاقة سلاحًا ضد أوروبا.
- تنتظر روسيا عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي، تتضمن حظر استيراد النفط الروسي في ديسمبر والمنتجات المكررة بعد شهرين منه، وذلك بعد حظر استيراد الفحم وتقليل استيراد الغاز في أغسطس المنصرم.
لم ينجح أحد
يتفق رامي خليفة العلي، أستاذ الفلسفة السياسية، مع أن موسكو تستخدم الطاقة سلاحًا، كما تستغلها في إثارة الخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي؛ فالمجر مثلًا لا تتبنى نفس موقف بقية أعضائه.
غير أن موسكو "لم تنجح حتى الآن" في تحقيق أهدافها في الضغط على الاتحاد الأوروبي؛ لأنّه ما زال أعضاؤه متفقين على الوقوف مع أوكرانيا؛ منعًا لامتداد التقدم الروسي لشرق أوروبا، حسب العلي.
وبتعبير مصطفى البزركان، مدير مركز معلومات ودراسات الطاقة، فإن موسكو "تشن الآن حرب طاقة"، لافتًا في نفس الوقت إلى دور قرار مجموعة السبع في استفزازها.
ويعدد البزركان خسائر أوروبا:
- تضاعف أسعار الغاز أكثر من 4 أضعاف، وارتفاع التضخم لدرجة غير مسبوقة منذ 30 عامًا، وهو ما يهدد بركود يصعب مواجهته حاليًّا.
- كان الغاز الروسي يصل إلى ألمانيا بكلفة 6 دولارات لمليون وحدة حرارية، واليوم وصلت التكلفة لأكثر من 56 دولارًا.
هل تقدم أوروبا تنازلات؟
لا يرى اللواء الركن المتقاعد عماد علو، مدير مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والاستراتيجية، ما يشير إلى تراجع الأوروبيين رغم ارتفاع أسعار الكهرباء لأكثر من 400 بالمئة.
ويعدد العلي، أسباب عدم تنازل أوروبا بما يلي:
- أوروبا مقتنعة بأن العقوبات تردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، مستقبلًا.
- أوروبا لم تخرج عن السرب الأميركي منذ 1945، وواشنطن تدفع باتجاه التصعيد؛ لذا ستواصل أوروبا موقفها.
التفاوض مع روسيا
رغم الاصطفاف الأوروبي ضد روسيا فإن فرنسا وألمانيا لا تكفان عن السعي لمخرج دبلوماسي؛ فالعقوبات لم تردع بوتن بعد.
- ففي 19 أغسطس، هاتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع بوتن حول محطة زابوريجيا النووية وتصدير الحبوب.
- في 1 سبتمبر، شدد المستشار الألماني، أولاف شولتز، على المفاوضات مع بوتن.
- 2 سبتمبر، أكد ماكرون مجددًا أهمية التواصل مع بوتن وعودة المفاوضات.