زادت الفيضانات التي ضربت باكستان منذ مطلع يونيو الماضي، درجة المخاطر الاقتصادية في البلاد والمرتفعة نسبياً قياساً بالأسواق الناشئة في آسيا والمحيط الهادئ، بحسب خبراء اقتصاد وتنمية، أكدوا في الوقت ذاته أن اقتصاد باكستان ليس اقتصاداً ورقياً وباستطاعته تجاوز الكارثة لما يمتلكه من موارد وطاقات بشرية هائلة.

ووفقاً لتقارير محلية، فإن التقديرات الأولية تشير إلى أن الفيضانات الناجمة عن الأمطار الموسمية التي ضربت باكستان قد كلفت اقتصادها، الذي يعاني من ضائقة مالية، أكثر من 4 مليارات دولار في السنة المالية الحالية، في حين أوضحت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث أن الفيضانات أتت على أكثر من 80 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في البلاد التي تقدر مساهمة قطاع الزراعة فيها بنحو 23 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع الواردات وهبوط الصادرات وارتفاع التضخم.

وفي حال عدم اتخاذ تدابير مضادة من قبل الحكومة قد يرتفع عجز الحساب الجاري بمقدار 4.4 مليار دولار، في حين أن نحو 30 بالمئة من سلة مؤشر أسعار المستهلك معرضة لخطر ارتفاع الأسعار، بحسب تقرير صادر عن جي أس غلوبال للأبحاث.

وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، يقول الخبير الاقتصادي علي الحمودي: "تراجعت المخاوف بشأن أزمة الاحتياطيات الأجنبية مع تحسن آفاق خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي. لكن التضخم ارتفع أكثر، وانخفضت قيمة الروبية الباكستانية بشكل حاد، ما زاد الضغط على الحساب الجاري، حيث ارتفع التضخم الرئيسي في يوليو الماضي وانخفضت الروبية إلى 215 روبية باكستانية / دولار أميركي في منتصف أغسطس الماضي".

أخبار ذات صلة

قبل وبعد.. صور من الفضاء تكشف حجم "كارثة باكستان"
وصول مساعدات لباكستان.. ومخاوف من "أمراض ما بعد الفيضانات"

ومع إعلان الحكومة عن عدة إجراءات إصلاحية لإحياء برنامج القروض مع صندوق النقد الدولي وإدارة حساباتها الخارجية المتدهورة بسرعة، فإن إعلانها عزمها على زيادة أسعار الوقود وتشديد السياسة النقدية من قبل البنك المركزي يجب أن يضغط هبوطياً على التضخم، بحسب الحمودي الذي أكد أن "درجة المخاطر الاقتصادية في باكستان لا تزال مرتفعة نسبياً عندما تقاس نسبة للأسواق الناشئة في آسيا والمحيط الهادئ ومن الواضح أن هذا سيزداد سوءًا بعد الفيضانات الأخيرة".

ويشرح الحمودي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "كان نمو الناتج المحلي الإجمالي قويا في السنوات الأخيرة، حيث ساعده انتعاش الزراعة والنمو القوي في القطاع الصناعي، ومع ذلك، نتيجة لوباء (كوفيد -19)، انكمش الاقتصاد بنسبة 1.3 بالمئة في عام 2020، وهو العام الأول المسجل في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وأدى انتعاش النشاط إلى دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6 بالمئة في عام 2021، لكننا نتوقع أن يتباطأ التعافي في عام 2022".

من جهته، استبعد الخبير التنموي أكرم العفيف أن تشهد باكستان انهيارات اقتصادية بسبب الفيضانات لما تتملكه البلاد من موارد وقدرات بشرية هائلة.

أخبار ذات صلة

التغير المناخي يغرق باكستان.. خسائر تتجاوز 10 مليارات دولار

وقال: "صحيح أن باكستان تعرضت لكارثة، لكن كل كارثة، يعتبر ما بعدها تنشيط لحركة الاقتصاد، فعلى الرغم من تضرر البنى التحتية في البلاد بشكل كبير، إلا أنها اقتصادها ليس اقتصاداً ورقياً، فالدول التي تمتلك اليد العاملة والعقول والإمكانات والموارد ومنها باكستان أعتقد أنها تستطيع أن تتجاوز مثل هذه الكارثة".

ويشير العفيف في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن "الخسائر لم تتضح بدقة حتى الآن، فإذا تأثرت السدود بالفيضانات فهذا حكماً سوف يؤثر على قطاعات الإنتاج الزراعي لأن ترميمها سيأخذ فترات طويلة وبالتالي سيتأثر المورد المائي، أما في حال عدم وجود انهيارات في السدود فإن الفيضانات سوف تدفع للتنمية والعمل في البلاد وسوف نشهد تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة لإعادة هيكلة ما خربته الفيضانات".