تفلت من بين أصابع نيجيريا فرصة الاستفادة من الارتفاع الكبير لأسعار الطاقة عالميا، مع تعرضها لسرقات فادحة في النفط، متورطة فيها دول جارة وجماعات مسلحة، بدرجة أعجزتها عن زيادة أجور مواطنيها.

وقال الرئيس النيجيري محمد بخاري إن بلاده تتكبد خسائر قدرها نحو مليار دولار كل 3 أشهر بسبب سرقات النفط الخام.

وأمام موظفين حكوميين يطالبون بزيادة الأجور، السبت، قال بخاري بصراحة إن بلاده غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المادية ناحية مواطنيها بسبب سرقة النفط.

يأتي هذا في وقت يتزايد خطر الجماعات الإرهابية في نيجيريا، مثل "بوكو حرام" و"داعش" وتنظيم "أنصارو" (فرع القاعدة)، التي تهرب النفط إلى دول مجاورة وتفجر خطوط الغاز، مما أدى لخروج الشركات النفطية العالمية واستثماراتها.

دوافع السرقة

ووفق مسؤول حكومي نيجيري، تحدث لـ"سكاي نيوز عربية"، شريطة عدم ذكر اسمه، فإن التنظيمات الإرهابية تستهدف من سرقة النفط أمرين، الأول تمويل أنشطتها، والآخر تأليب الرأي العام على الحكومة بعد عجزها عن إيجاد الإيرادات اللازمة لتقديم الخدمات.

وأجلّت أبوجا إلغاء دعم الوقود وسط ارتفاع التضخم بشكل قياسي، وأنفقت 1.59 تريليون نيرة (3.8 مليارات دولار) على دعم الوقود في النصف الأول من 2022، ما راكم عجزا قدره 1.2 مليار دولار، بحسب تقرير لشركة النفط "إن.إن.بي.سي" النيجيرية الحكومية.

ونيجيريا هي الأولى في إنتاجه إفريقيا، والثانية في احتياطاته، كما أنها الأولى في احتياطات الغاز الطبيعي، بحسب موقع "الطاقة" المتخصص في أبحاث هذا المجال.

لكن إنتاج "الذهب الأسود" هبط إلى 1.084 مليون برميل يوميًا في يوليو مقارنة بنحو 1.399 مليون برميل في يناير، مما يعني خسارة 315 ألف برميل يوميًا، وفق بيانات حكومية.

أخبار ذات صلة

هجوم ميناكا.. الجيش المالي في مواجهة صراع "داعش" و"القاعدة"
سرقة النفط تكلف نيجيريا مليار دولار خسائر في 3 أشهر

رسالة للجوار

يحذر ميلي كياري، الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية النيجيرية، مصافي النفط خارج نيجيريا من تكرير النفط المسروق.

ولا تكرر نيجيريا النفط محليا نتيجة تعطل المصافي الداخلية.

وعن انعكاس هذه السرقات على الداخل، يتحدث أويباميجي أجيبولا، الرئيس السابق لرابطة مستشكفي النفط، عن غضب شعبي من نقص الوقود، واتجاه الدولة لرفع الأسعار، مما دفع الحكومة لتأجيل هذه الزيادات؛ وهو ما أثَّر على الخزانة العامة بشكل ضخم.

وبتعبيره فإن "صناعة النفط التي هي المساهم الأساسي في الإيرادات مهددة، والأمر يتطلب تنسيقا إقليميا مع الجيران لمنع التهريب".

وخلال عام واحد، فقدت نيجيريا 3.6 ملايين برميل بعد خروج الشركات الأجنبية؛ ففي يوليو أعلنت شركة "شل" الأنغلو هولندية تصفية أصولها بعد سرقة نفطها ومهاجمة خطوط أنابيبها، فضلا عن مشكلاتها مع نشطاء البيئة الرافضين لتكرار عمليات التسرب النفطي، وتكرر الأمر مع "إكسون موبيل" الأميركية.

"كوتا" الرجل في سوق العمل

وتدرس "توتال إنرجي" التخلي عن حصتها المقدرة بـ10% في شركة نيجيرية، وفق بيانات نقلتها "بلومبرغ".

وفي المجمل، تراجع إنتاج النفط طوال السنوات الـ10 الماضية، بسبب السرقات وترهل القطاع النفطي، وهذا أدى لعدم وفاء البلاد بالتزاماتها المالية وبزيادة أجور مواطنيها، وقفزة كبيرة في التضخم، وزيادة الغضب الشعبي، وفق الخبير النفطي تونجي أويبانجي.

أما الحل لهذا كله، فيراه أويبانجي في استعادة الأمن والتنسيق مع الدول المجاورة لمنع تهريب النفط؛ لاستقطاب الاستثمارات الخارجية وتشجيع الاستثمار المحلي لشراء الأصول التي تمت تصفيتها.