رفعت حكومة تصريف الأعمال في لبنان أمس الثلاثاء قيمة الدولار الجمركي الى سعر 20 ألف ليرة بعد أن كان قبل الأزمة الاقتصادية يستوفى على سعر 1500 ليرة لبنانية للدولار.
وكانت البلاد شهدت مؤخراً خلافاً حكومياً حول قرار تسعير الدولار الجمركي، في ظل التباين في المواقف الوزارية حيال مرسوم رفع سعر الصرف الذي سيعتمد وصولا الى سعر المنصة الرسمية "صيرفة" (حوالي 26 ألف ليرة للدولار) بينما كانت الخزينة تبحث عن التمويل لتصحيح رواتب موظفي القطاع العام الذين أعلنوا الإضراب حتى نيل مطالبهم بعد تآكل رواتبهم غداة الانهيار السريع لقيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
بين وزير المالية وحاكم البنك المركزي
وعرّف الخبير في الشؤون الاقتصادية البروفيسور جاسم عجاقة الدولار الجمركي على أنه "النسبة المئوية المستوفاة من قيمة السلعة "
وتساءل عجاقة في حوار مع موقع سكاي نيوز عربية قائلاً " علينا أن نعرف على أي سعر ستدفع هذه النسبة؟"
وقال "لم يكن هناك إشكالية قبل الأزمة الاقتصادية فقد كان الدولار موحد السعر في الموازنة، أما اليوم وبسبب الأسعار المتفاوتة للدولار على الصعيد الرسمي فقد تعقدت الأمور".
وأوضح قائلاً " الدولار الجمركي حاليا ما زال يحتسب على سعر 1500 ليرة، تستوفى الرسوم الجمركية المخفضة على سلع وبضائع مستوردة ذات قيمة مرتفعة، وهذا غير عادل".
ولفت عجاقة إلى تباين في وجهات نظر أركان الحكومة وقال "حصلت عدة اقتراحات لعدة أسعار صرف، وتم الاتفاق على إعطاء الصلاحية حاكم البنك المركزي ووزير المالية، فأتى القرار باحتساب سعر 20 ألف ليرة للدولار الجمركي على أن يتغير شهرياً بحسب سعر الصرف الرسمي".
وقال عجاقة " الدولار الجمركي يستوفى عادة من التاجر ويدخل إلى خزينة الدولة، إلا أن التاجر يقوم بتحميل الزيادة الجمركية للمستهلك ".
وتوقع عجاقة ارتفاعاً للأسعار بسبب الفساد المتفشي في البلاد وقال" هناك عوائق في احتساب الجمارك بدءا من عملية مراقبة الحاويات المستوردة وقيمة السلع التي تحتويها، وصولا إلى عدم معرفة ما إذا كان الدولار الجمركي سيطال الضريبة على القيمة المضافة الـ(TVA) أم لا ".
وتابع "المطلوب ضبط الأسعار إنما في ظل عجز وزارتي الاقتصاد والتجارة عن القيام بالرقابة، والجمارك عن القيام بمنع التهريب ستشهد البلاد موجة ارتفاع في الأسعار وزيادة للتهريب الى الداخل بواسطة مافيات متخصصة، ما يعني أن الحكومة اللبنانية لن تستطيع تحصيل كل قيمة الضرائب التي تنتظرها ".
ارتفاع في أسعار الكماليات
وقال الكاتب والمحلل الاقتصادي منير يونس "هناك هامش ربح كبير يتقاضاه التجار حالياً، وهناك كلام على أن القرار سيشمل إعفاء أكثر من 500 سلعة أساسية من زيادة الدولار الجمركي، ومن المفترض الاّ تتأثر أسعار السلع التي يحتاجها المواطن ولا ترتفع أسعارها".
وأضاف "جرت العادة في لبنان وفي ظل غياب الرقابة أن لا يكون ضبط وتنفيذ القرار صارماً، وأن لا يؤدي الغرض منه بسبب فوضى الجمارك سواء في مرفأ بيروت أو على المنافذ الحدودية ".
وتوقع يونس أن تشهد البلاد موجة ارتفاع أسعار خصوصا للسلع التي تصنف ضمن الكماليات".
وتابع "سنشهد حالات تهرب جمركي أي أن يتم استيراد بضاعة مصنفة عليها رسم جمركي يتم إدخالها إلى لبنان من خلال بيانات جمركية تصرح بأنها معفية وتدخل إلى البلاد خلسة".
وأضاف "التهريب الجمركي معروف وكذلك التهريب عبر الحدود، ولدينا عشرات المعابر غير الشرعية المحمية سياسياً وأمنيا"
وأردف" من مساوئ هذا القرار أنه اتى من خارج سياق خطة اصلاحية أي بعد 3 سنوات على الأزمة يفترض أن تتخذ خطوات ضمن سياق إصلاحي عام ولا تكون خطوة ترقيعية تنتج مشاكل إضافية تضيف مشكلة جديدة وفوضى في الأسعار".
وختم " الإيجابية الوحيدة للقرار أن الحكومة وعدت موظفي القطاع العام بزيادة الرواتب وهذه الزيادة ستأتي من الإيرادات التي تحصل من الدولار الجمركي إلا أنها تترافق مع تضخم لأن وزارة الاقتصاد عاجزة عن مراقبة الأسواق ".
وقال "هذه الزيادة كان من المفترض أن تمر عبر قانون في مجلس النواب ولكن تم تهريب هذا القرار من دون تمريره في الموازنة باجتهاد معين لأنه لا يحظى بإجماع وقد يسقط في البرلمان "
وختم "أخذ وزير المال الأمر على عاتقه وفقا لاجتهاد معين خاص بقانون الجمارك التي تقع تحت وصاية وزارة المالية، وكان تأمين المخرج لتغطية الزيادة التي ستعطى لموظفي القطاع العام الذين ينتظرون زيادات في الرواتب ".