دفع حظر الاتحاد الأوروبي لواردات الفحم الروسي دولاً من القارة العجوز لإحياء بعض مناجم الفحم التي كانت قيد الإغلاق منذ سنوات طويلة، لتعويض جزء من الكميات التي خسرتها جراء قرار التكتل الأوروبي بمعاقبة روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، ما سيؤدي إلى خسارة الحكومة الروسية نحو 8 مليارات يورو سنوياً، بحسب تصريحات المفوضية الأوروبية.
ودخل حظر الاتحاد الأوروبي استيراد الفحم من روسيا حيز التنفيذ في 11 أغسطس الجاري، بعد أن اتفقت دول التكتل في شهر أبريل الماضي على فترة انتقالية مدتها 120 يوماً لمنح القطاع فرصة للتكيف مع قرار حظر الاستيراد.
وبحسب تقرير شركة "بريتيش بتروليوم" حول الطاقة، تمتلك روسيا 15% من الاحتياطي العالمي للفحم، في حين تشكّل إمدادات الفحم الروسي 45% من واردات الاتحاد الأوروبي مع اعتماد بعض الدول عليه بشكل خاص، مثل ألمانيا وبولندا اللتين تستخدمانه لإنتاج الكهرباء.
ويقول عامر الشوبكي الباحث المتخصص في شؤون النفط في حديثة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "مع سريان العقوبات الأوروبية على الفحم الروسي نكون أمام أول عقوبات كاملة تنفذ على مصدر طاقة روسي، وهذه العقوبات ستحرم روسيا من 8 مليارات يورو سنوياً من عائدات الفحم التي كانت تباع لدول الاتحاد الأوروبي، ولكن بالمقابل هناك عواقب عكسية على الاتحاد الأوروبي وستكون ألمانيا من أكثر الدول المتأثرة بهذا الحظر إذ يشكل الفحم الروسي 52 بالمئة من احتياجاتها، في حين ستتأثر بدرجة أقل كل من إيطاليا وبولندا وهولندا".
ويوضح الشوبكي "أن حظر الفحم الروسي سينعكس بشكل غير مباشر على أسعار قطاعات الطاقة الأخرى وخصوصاً الغاز الذي سيحتل مكاناً ضيقاً من مصادر توليد الطاقة الكهربائية، وكذلك الكهرباء التي مازالت أسعارها مرتفعة لتتخطى حاجز الـ 200 يورو لكل ميغاواط ساعة وهذا سيضغط على فاتورة الكهرباء ويقلص من قدرة القارة الأوروبية على تخزين أو رفع مخزوناتها من الغاز حيث تأمل أوروبا برفع مخزوناتها إلى 90 بالمئة قبل نوفمبر المقبل تحضيراً لفصل الشتاء".
ويشرح الشوبكي أن "خسائر الاتحاد الأوروبي من قرار الحظر أكبر من خسائر روسيا، حيث تشكل المليارات الثمانية التي ستفقدها الحكومة الروسية جزءاً قليلاً من حجم صادرات الطاقة الروسية، فضلاً عن إمكانية تصدير الفحم الروسي إلى الصين ووجهات آسيوية أخرى، كما أن روسيا ستعوض جزءاً من خسارتها بارتفاع أسعار الغاز إذ لا تزال تورده إلى أوروبا وكذلك النفط لغاية بدء سريان حظره في ديسمبر المقبل".
ورداً على سؤال حول المصادر التي يمكن أن تعوض أوروبا عن الفحم الروسي يجيب الباحث المتخصص في شؤون النفط: "أحيت أوروبا بعض مناجم الفحم لديها مثل ألمانيا حيث أعادت افتتاح مناجم كانت قيد الإغلاق عدا عن أنها افتتحت محطات توليد كهرباء تعمل على الفحم، والجدير ذكره أنه قبل أكثر من 20 عاماً كان معظم اعتماد أوروبا على الفحم من إنتاج داخلي لتوليد الكهرباء ليبدأ بعد ذلك الاعتماد على الغاز الروسي وإغلاق مناجم الفحم الأوروبية تدريجياً".
ويضيف الشوبكي: "ويمكن أت تعوض أوروبا واردات الفحم الروسي من الإرساليات التي تأتي من القارة الأفريقية وأستراليا والولايات المتحدة، وهذا سيكون بالتأكيد على حساب السعر حيث ارتفعت أسعار الفحم نتيجة قرار الحظر الأوروبي وبعض العوامل الأخرى مثل المشكلات المتعلقة بتجارة الفحم بين الصين وأستراليا".